** (( حلبُ مَعشُوقَةُ السَّمَاءِ ))..
أحاسيس: مُصطفى الحاجّ حسين.
قَدَري أنْ أَمشِيَ فوقَ الجُرحِ
وَيَكُونَ طَرِيقِي مُمتدًّا فوقَ الدَّمعِ
خُطُواتِي تَأكُلُ لُهاثِي
ويُحَاصِرُنِي رَملُ الوَحشةِ.
أَزحَفُ على جَبَلِ الرِّيحِ
أَتَسَلَّقُ غَيمَ القَهرِ
تَسْبِقُنِي عَتمَةُ أوجَاعِي
يَتَلَقَّفُنِي الحُزنُ.
ما مِن دَربٍ يُوصِلُنِي إِلَيكِ
ما مِن فَضَاءٍ يَجمَعُنَا
أَسْبَحُ في فَلَكِ الغِيَابِ
جُدرَانُكِ مِن مَسَدٍ
وشَمسُكِ مِن زَمهَرِيرٍ.
أَمدُّ إِلَيكِ نَبضِي
أَستَصرِخُ الأشْوَاقَ
أَبحَثُ في جُرْحِي الغَابِرِ
عن خُصلَةِ ذِكرَى
وصُوَرٍ الْتَقَطَهَا لَنَا المَوتُ
قَبلَ الاغترابِ اللَّعِينِ.
عَاقَبتْنِي أَكثَرَ مِمّا أَستَحِقُّ
عَذَّبتْنِي أَضعَافَ مَا أَحتَمِلُ
سَامِحِينِي لِأَعرِفَ نَفْسِي
وأَجِدَ لِوَجهِي مَلامِحَهُ
ضَيَّعنِي قَلبِي ذَاتَ اِنْعِطَافٍ.
كَانَ يُعَانِدُ الفُرْقَةَ
وَيَحْتَجُّ عَلَى الانهِزَامِ
قَدَرٌ سَاخِطٌ يُطَارِدُنِي
أَلُوبُ عَلَى الأَشْجَانِ.
نَوَافِذُ صَدْرِي أَغْلَقَهَا الْمَدَى
أَخْطُو خَارِجَ غُرْبَتِي
فِي غُرْفَةِ الجُنُونِ
أُرِيدُ بَعْضًا مِنْ ظِلِّكِ
عَدَدًا مِنْ أَوْرَاقِكِ السَّاقِطَةِ
ذَرَّاتِ نَدًى
مِنْ تُرَابِكِ الْمُعَطَّرِ
كُوزَ مَاءٍ
مِنْ سَرَابِكِ الْبَاكِي
وَكَفًّا
مِنْ غُيُومِكِ.
قِرْمِيدَةً وَاحِدَةً
مِنْ أَحْجَارِ ضَوْئِكِ
مِفْتَاحًا
لِأَيِّ بَابٍ مَهْجُورٍ
سَرِيرًا مُحَطَّمَ الأَسْنَانِ
وَفِرَاشًا مِنْ خِرَقِ الْبَرْدِ.
يَاسَمِينَةً تُبْهِجُ اخْتِنَاقِي
رَغِيفَ حَنَانٍ
وَزَيْتُونَةَ عَسَلٍ
يَا الَّتِي لا تُشْبِهُ إِلَّا الجَنَّةَ!
خَارِجَ حِصْنِكِ وَقْتٌ حَامِضٌ
أَعِيدِينِي إِلَيْكِ
أُنَظِّفُ طِيبَكِ مِنَ الشَّوَائِبِ
أُقَلِّمُ أَعْشَابَ القَصَائِدِ
مِنْ بَرَاثِنِ الغُرَبَاءِ القَتَلَةِ
أَحْرُسُ كُحْلَكِ
أُرَمِّمُ زَخَارِفَ الضَّجِيجِ
أُمَشِّطُ شَعْرَ الشَّمْسِ الأَشْقَر
وأَصُدُّ الرِّيحَ عَنْ جَدَائِلِ فِتْنَتِكِ.
يَا وَرْدَةَ اللهِ عَلَى الأَرْضِ
لا يَشُمُّهَا إِلَّا العُشَّاقُ
يَا يَنبُوعَ النُّورِ المُقَدَّسِ
وَرَحِيقَ الشَّفَقِ الشَّغُوفِ
مُدِّي لِي يَدَكِ بِنَسْمَةٍ.
إِنَّ الأُفُقَ ليَخْتَنِقُ
إِنَّ النَّبْضَ ليَحْتَرِقُ
إِنَّ النَّسْغَ ليسرَقُ
والشَّهْقَةَ تُغْتَصَبُ.
يَا بَلَدَ الأَنْدَاءِ وَالطَّهَارَةِ
يَا وَاحَةَ الرَّجَاءِ الآتِي
مَعْشُوقَةَ السَّمَاءِ الأَزَلِيَّةَ
حَلَبَ الشَّهْبَاءَ
العَصِيَّةَ عَلَى الرُّضُوخِ.*
مصطفى الحاج حسين.
إسطنبول