(عمرالشهباني) تونس 20-09-2024
هذه محاولة في معارضة قصيدتيْ قامتيْ الشعر التونسي والعربي الشاعر المبدع "الشاذلي القرواشي" ثم الشاعرة المبدعة "سنية مدوري" Sonia Maddouri لقصيدتيْهما الجديدتيْن "يمامة الروح " للقرواشي وهي قادحة هذا السجال "وفلسفة الترحال" للمدوري معارضة لها.
.
قال الشاعر الفحل الشاذلي القرواشي الشاذلي القرواشي قدس الله سرّه:
-*- يمامة الروح -*-
.
فـــــي غَفْوَةِ الْمَـــــاءِ كَمْ آنًسَتُ مِنْ قَمَرٍ
وَلَاحَ لِــي فِـي شُــــرُودِ الْمَـــــاءِ مُنْفَلَقُ
.
هُنَـــــاكَ حَيْثُ أرَى الْأَشْيَــــــــاءَ مُعْجِزَةً
سَمَيَّتُ مَوْجًا بَدَا فـــــــي الْعَيْــــنِ يَفْتَرِقُ
.
وَلَاحَ لـــــي أَلْفُ وَجْـــهٍ كُنْتُ أبْــصِـــرُهُ
بِمُهْجَــــةِ الرُّوحِ حِيـــــــنَ الْقَلْبُ يَحْتَرِقُ
.
مُسْتَمْسِكٌ بِشُعَـــــــــاعِ النُّـــــورِ مِنْ أمَدٍ
مَنْ قَــالَ إنّـــــي إِلَـــى الْأَطْيَــــانِ أنْزَلِقُ
.
لَا تَقْرَبُـــــوا الرُّوحَ وَالْأوتَــــــارُ مُرهِفَةٌ
قَدْ يَعْــــزِفُ الْقَلْبُ وَالْأَكْـــــــــوَانُ تَنْدَلِقُ
.
هَـلْ نَأمَنُ الرِّيـــــحَ وَالْأنْوَاءُ كَـــــاذِبَــــةٌ
وَالشِّعْرُ غَوْرٌ وَكَمْ فـي الْخَلْقِ مَنْ غَرقُوا
.
شَيَّعْتُ رُوحِــــــي بَدَتْ في الْقَبْرِ ضَاحِكَةً
وَلَفَّهَا الـــنُّــــورُ وَالأطْيَــــارُ وَالــــحَـبَقُ
.
لَا تَنْتَحِبْ عِنْدَ ذَاكَ الْلَّحْدِ يَـــــــــــا وَلَدِي
مَوْتَـــــى هُنَا صَوْبَ أرْضِ النَّورِ نَسْتَبِقُ
.
نَحْيَا.. وَكُــلُّ مَدًى فــــــي الْأَرْضِ مَقْبَرَةٌ
بِأيِّ أرْضٍ تُرَى يَـــــا نَجْمَتِي نَـــثِـــــقُ؟
.
هَلْ جَـــــاءَ نُوحٌ وَذَاكَ الْأُفْقُ فـــــي يَدِهِ
أَمْ كَـــــانَ يَعْلَمُ مَـــــا يَهْذِي بِـــهِ الشّفَقُ
.
كَمْ بَاتَ يَمْشِـــي عَلى رِمْشِـــــي بِتوْءدة
لَعَــلَّ وَهْمًا.. وَإِنْ جَـــــادَتْ بِــــهِ الْحِدَقُ
.
وَقَدْ يَعُـــــودُ إلـــــــــى الْأَفْلَاكِ مُذْ خُلِقَتْ
وَالْعُمْــرُ يَعْدُو وَمِـــــنْ أفْرَاسِـــــهِ الْقَلَقُ
.
أسْتَمْطِرُ الْحَرْفَ وَالْغيْمَـــــاتُ شَـــــارِدَةٌ
وَأسْكُبُ النَّـــــايَ فــي آهَاتِ مَنْ عَشَقُوا
.
وَشَــجَّـــعَــــتْنِي عَــــلَى الْإِتْيَـانِ سُنْبُلَةٌ
فـــــي آخِرِ الْحَقْلِ حِيـــــنَ الزَّرْعُ يَفْتَرِقُ
.
فَقَـــــالَ لـــــي الطَّيْرُ خُذْ لَحْمِـي لِتَنْثُرَني
بَيْنَ الْجِبَـــــالِ وَنَـــــادِي.. سَوْفَ أنْطَلِقُ
.
وَجَـــــــاءَتِ النَّمْلُ مِنْ أَكْنَـــــافِ مَخْبَئِهَا
وَجِيءَ بِالْجُنْدِ في خُـــطْوَاتِــــهِ يَـــــثـِـقُ
.
يَمَـــــامَةُ الرُّوحِ هَلْ عَـــــــادَتْ بِمُفْرَدِهَا
أمْ أنَّ شَوْقًا بِــهَا قَـــــدْ مَـــسـَّــهُ الْــعَبَقُ
.
فَحَدَّقَتْ فـــــي بَرِيـــــقِ الْفَجْـــرِ شُرْفَتُهَا
هَلْ كَـــــانَ طَيْفِـــــي هُنَـا أمْ كُنْتُ أبْتَرِقُ
.
أمَـــــا اِكْتَفَيْتَ مِنَ التَّرْحَـــالِ يَا جَسَدِي؟
وَالْعُمْـــــرُ مَرَّ سُـــــدًى وَانْسَدَّتِ الطُّرُقُ
.
ذِي جَرَّةُ الْمَــاءِ فِي قَلْبِي.. وَمَا انْكَسَرَتْ
فَغِبْتُ عَـــــامًــا... وَعَـــامٌ كُـــــلُّهُ الْأَرَقُ
.
أنْثَـــــى الْمَجَـــــازِ إذَا اسْتَنْفَرْتُهَــا نَفَرَتْ
وَالْعَـــــالِقُـــــونَ بِهَا في الْوَهْمِ كَمْ زَلَقُوا
.
فَقَدْ يَفُـــــوحُ أرِيـــــجُ الْوَرْدِ فـــــي يَدِهَا
وَتَسْتَبِدُّ بِهَــــــا الأشْــــــــــوَاقُ وَالْغَسَقُ
.
وَقَدْ تَــقُولُ لَنَـــا الْأَعْــــوَامُ بَــاكِـــيَــــــةً
لَيْسَتْ سِـــــوَى بَعْضِ أيَّــــــــامٍ وَنَفْتَرِقُ
.
نَمْضِي.. وَتَمْضِــــــي بِنَا الْأزْمَانُ نَاسِيَةً
وَلَا يَدُومُ سِــوَى مَـــا يَشْهَدُ الْــــــــوَرَقُ
...
وقالت الشاعرة المبدعة 'سنية المدّوري' Sonia Maddouri
.
-*- فلسفة التّرحـــال -*-
.
شبّتْ عن السًرب من شــــوق ومن ولهٍ
"يمـــــامة الروح" حتى اغتــالها الأفقُ
.
أمّـــــا المدائــــن قد عـــــادتْ مـــــآذنها
تشدو لقلبـــــكَ كيمـــــا الـــــروح تنعتقُ
.
أســـرابُ شـــــوقٍ تشقّ الأفـــــقَ ذاهلَةً
فـــــي كل غيـــمٕ يجنُّ الوجـــــدُ والشبقُ
.
مهما ارتحلتَ.. ففي الترحـــــــال فلسفةٌ
يخـــــونُ فيهـــــا امتــدادَ الدربِ مفترَقُ
.
من حيث تخطــــو سينمو الورد مغتسلا
من طلّ نعلكَ، ينمـــــو التــــوتُ والحَبَقُ
.
ها قد رحلنا فمـــــاذا بعدُ يــــا "وجعي"
ثوبُ الحنيـــــنِ علـــــى أجســـادنا مزَقُ
.
صوت الصباحات عزفُ القلب إذ هتفتْ
هذي الضلوع.. " أجرني الآن يا ورقُ"
.
مسّتْ شغــــــــاف وريد القلب سنبلـــــةٌ
من بئر روحكَ يُروى الغـــــــــارُ والنبقُ
.
لـــــــــو كنت تدري لمـــــاذا الله فرٌقنـــا
صليتَ عمْـــــرا لمن فـــــــي حبنا وثقوا
.
ســـــرّ القصــــــــــائد انّ الله أودعهـــــا
فـــــي وحـــــي كــــل نبـــــيٍّ هدّهُ القلقُ
.....
.
(عمرالشهباني )تونس 20-09-2024
في غفـــــوة الرّوح كم أودى بنــا القلقُ
وأوجعتنـــــا شفـــــاه النّـــــــار والورقُ
.
وأخرجتنـــــا ضـــــروب الهجر من أفق
كنّـــــا التقينا بـــــه حيـــــن انثنى الأفقُ
.
المــــــــــاء يغرقنـــــا والطّيـــــن يخنقنا
والوعــــي يحرقنـــــا والــعـــقل يحترقُ
.
خـــــان الطّريـــــق الذي كنّـــــا سلكنـاه
يـــا وحشة السّــــاق إذ زلّت بها الطّرقُ
.
عـــــاتبت دهريَ حـين التّيـــــه فانبثقت
عند اليميـــــن عيـــــون الـــرّاح والألقُ
.
حتّـــــى الجمـــــاعة قد خـــانت ودائعها
لمّـــــا اقتربنا إلـــــى أحواضهــا انغلقوا
.
وعدنــــا نبنـــــي صخور التّيه في عبث
ومـــــا لقينـــا علـــــى الأسرار من نثق
.
ثمّ انطوينـــــا علــــــــى أوتـــــادنا خرقا
منسيّة اللّـــــون من أيّـــــام من خرقُــوا
.
من يجتبيـــــنـــــا علــــــى علاّت خلقتنا
من يشتهيـنـــــا ومن يعفـــــو ومن يثق
.
وواعدتنا علـــــى همــوم الدّهر مجحفة
عند السّمـــــاء التـــــي ينتــــابها العرق
.
فمـــــا طرقنا علـــــى بــــاب لنا رصدت
حتّـــــى انضممنا إلــــى من قبلنا طرقوا
.
ألفيت مشنقتـــــي فـــــي ســــور واهية
قد زارهـــــا كثـر من قبلنـــــا شنقـــــوا
.
مـــــا للحمـــــام الذي طـــــــارت أرائكه
عـــــادت نواجذه فـــــي جيد من سبقـوا
.
أمّــــــا تســـــرّى فـــــؤاد قبلنـــــا سفرا
بين الأمــــاسـي وأضحـى فجرهم غسق
.
العشق جرجرنـــــي من عنـد رابيتـــــي
والهجر أوحشنــــي من قلب من عشقوا
.
يـــــا سكرة الرّوح بين الطّيـــــن والبلل
يــــا ضيعة الأنس قد أودى بهــا النّسق
.
'فالشّــــــــــاذليُّ' الذي تـــــاهت رواحله
عند 'السّنـــــاء'وأغيـــــاد السّمــا العبق
.
نـــــامت نواظــــــره فـــــي غيهب ورع
فيـــــه الصّفـــــاء علـى الأرواح والألق
.
فأمر ريـــــاحا ثقـــــالا ترتعــــي جسدي
علّ الفـــــؤادَ مع التّطهيــــــر ينطلـــــق
.
يــــا 'شـــــاذليّ' الهوى قد باعني زمني
فابعث بـُــــراقا لعـــــلّ الجســــــم ينعتق
.
يا 'شــــــــــــــــــاذليّ' تشوّف أفق أقبية
فيها الحمـــــــــام ووطواط الدّجى النّزقُ
.
قم للظّـــــلام فأنت العيــــن فـــــي وطن
لو صال فيها الضّــــواري سوف يحترق
...