آخر المنشورات

السبت، 16 أغسطس 2025

ليش الزعل؟ بقلم الإعلامي خالد السلامي

 ليش الزعل؟

خالد السلامي 

ثارت ثائرة اغلب الحكام العرب يوم الأربعاء ٢٠٢٥/٨/١٣ عندما عرض رئيس وزراء الكيان  الصهيوني ،( ولا اقول الاسرائيلي لان اسرائيل نبي كريم من أنبياء الله لا يجوز ذكره مع افعال الصهاينة اليوم )،  نتن ياهو صورة تمثل خريطة الكيان الصهيوني الكبرى التي يدعي حدودها ما بين الفرات والنيل ولم نر مثل تلك الثورة على أفعاله الاخرى في كل فلسطين ودول الجوار العربي الا بتصريحات استجدائية تتوسل به وبالأمم المتحدة والدول الكبرى التي لا تمتلك اية ارادة بسبب سطوة ودكتاتورية الفيتو الامريكي مما يدل على خوفهم الواضح على عروشهم وليس على أرضهم وشعبهم . فمن المعروف ان هذه الدويلة منذ إنشائها على ارض الشعب العربي الفلسطيني سنة ١٩٤٨ وهي ترفع هذا الشعار وجعلته هدفها الاكبر الذي تسعى الى تحقيقه على حساب العرب جميعا وساستها يتسابقون مع أصحاب المشاريع الإمبراطورية التوسعية الاخرى على حساب العرب والكثير من حكامنا يتعاونون مع جميع هذه المشاريع كلٌ حسب ميوله .

وهنا لابد من التساؤل ،  الا يعلم الحكام العرب وخصوصا المطبعين مع الكيان والآخرين ممن جعلوا اراضيهم تحت تصرف القواعد الأمريكية وسفاراتها أن العلم الصهيوني الذي يحمل حدود الكيان المزعومة بوضع النهرين ( النيل والفرات على طرفيه ) وتتوسطهما  نجمة دواد التي هي رمز  دويلة الكيان الصهيوني  والذي يرفرف على اراضيهم  سواء  تم رفعه علنا على السفارات  والممثليات الصهيونية في العواصم  العربية المطبعة او في اقسام السفارات  الأمريكية  وقواعدها سرا  فالكل يعلم أن الولايات المتحدة هي من تمثل الكيان  في الاقطار التي  لم تعلن التطبيع بعد ، ان هذا العلم هو الاعلان الرسمي عن حدود الكيان منذ زرعه في قلب الوطن العربي  الى اليوم .

ثم لِم لَم يناقش المطبعون موضوع تغيير هذا العلم مع الكيان قبل التطبيع معه علما انهم جميعا مشمولون بخريطة ما بين النهرين الخالدين الذين يمثلان حدود الكيان الصهيوني حسب زعم قادتها. بدلا من الكذب على أنفسهم وعلى شعبهم وعلى العالم بإدعاءات الزعل والغضب الاستنكارية ضد تصريحات نتنياهو والتي لا تسمن ولا تغني من جوع وهم يعلمون جيدا انهم لا يملكون من أمرهم شيئا.



(قصيدةاشحذوا الهِمم) بقلم ابو بكر الصيعري

 (قصيدةاشحذوا الهِمم) 

_____ النص👇____    

نُناشد .. أُمةَ .. الإسلام 

مِن  عرب . ومِن  عجم 


متى تصحون مِن الغفلة 

أفيقوا  اشحذوا الهِمم؟ 


هل  ماتت  ضمائركم ؟ 

خُنتُم  وبِعتم الذِمم؟ 


أين  العَروبةُ والنخوةِ؟ 

أين  الأعرافُ  والقِيم ؟ 


لنا  إخوان  في  غ ز ة 

تكالبت . عليهِمُ  الأُمم 


حربٌ  مُمنهج  ضدهُم 

وطائرات  تمطِرُ  حِمم  


في مُخيمات النازحين 

حريقٌ .. كبير .. يلتهِم 

 

ب غ ز ة أمعاء خاوية 

صَداها  يُسمعُ   الأصم 


غ ز ة . جرحها . ينزف  

متى . يشفىَ . ويلتئم 


والطفل . بِها . يصرخُ ؟ 

لا زاد  لادواء ولا خيم 


 وكم  مِن  أمَةٍ  ثكلىَ؟ 

تشكو مِن الجوعِ والألم 


كم صاحت وامُعتصماه 

ولم . يجبها . مُعتصم  


أين العرب والمُسلمون؟ 

أين  المواقف والشيم ؟ 

 

باعوا المسجد الأقصى 

رُعاةَ .. النوقِ .. والغنم 


مآسي . وحسرةٍ  ونَدم  

يعجز عن تدوينها القلم 

 

والختم صلوا  ع النَبي 

والآل والصُـحـبٍ الكِرام 

_________________ 

بقلم ابو بكر الصيعري✍️ 

🇾🇪15\8\2025م🇾🇪



** رؤوس الجبال ** [ نصوص هايكو ] بقلم الكاتب محمّد الزّواري ـ تونس **

 ** رؤوس الجبال **


[ نصوص هايكو ]


 


صمود


لا تفقد خضرتها


أوراق الزّيتون


***


حزن


متى يبتسم البرتقال


تتساءل الأرض


***


وسام


على صدر الشّهيد


بقعة دم


***


شواطئ


تشهد القصف


أمواج هادئة


***


رؤوس الجبال


فارغة من الحكمة


بيادر القمح


***


عاصفة


لا تبرح مكانها


زيتونة


***


مقبرة


على قيد الحياة


عظام


***


أوان فارغة


تمتلئ بالحزن


عيون الأطفال


***


من أجل الحياة


تتعانق في صمت


مآذن و أجراس


***


جامعة الدّول


وحدها عالية الصّوت


مذيعة الأخبار


 


** محمّد الزّواري ـ تونس **



*** ما بِالرُّوحِ *** أحاسيس: مصطفى الحاج حسين

 *** ما بِالرُّوحِ ***

  

أحاسيس: مصطفى الحاج حسين 


السَّماءُ قِطعةٌ صغيرةٌ  

مِن عينيكِ 

أُطلِقُ فيها أشرِعةَ نَبضي  

وأرتَحِلُ إلى عُمقِ اللَّهَبِ.


أفتَرِشُ شَطآنَ المَدى  

لأُعِدَّ رِمالَ النُّجومِ الوامِضَةِ  

باقترابي منكِ 

وأُغَنِّي ما بِرُوحي  

مِن هَمَساتٍ مُبرعِمَةٍ بِدَمعي  

وأمواجِ حَنيني  

لأُنوثَةِ النَّدى الجارِفَةِ.


أُحِبُّ الكونَ المُختَزَلَ  

بِما يَطفَحُ به عُنُقُكِ  

الزَّاخِرُ بالصَّدى المَبحوحِ 

لِشُربِ ما يَفيضُ به السَّرابُ  

مِن شَفَتَينِ تَنفَرِجانِ عن عَسَلٍ 

وآهَةٍ تَنبَعِثُ مِن الجَحيمِ  

حيثُ النّارُ تَسري  

في أروِقَةِ تَحَسُّري

وأورِدَةِ قَصائِدي المُستَوحِشَةِ.


أُحِبُّ وميضَ خِنجَرِكِ  

السّابِحِ بِأنفاسي

وأُرِيدُكِ أن تُجهِزي  

على انْتِظاري.


   مصطفى الحاج حسين ِ

           إسطنبول



طائر الفينيق بقلم الكاتب محمد الناصر شيخاوي – تونس

 طائر الفينيق

*


إلى فينيقيّ الرّوح والصّورة

إلى الشّاعر الكوني أدونيس


يا مِثلنا

يا غَيْرَنا

يا أعربَنا لُغةً وأغربَنا

شِعْرًا وصُوره


لرُوحِكَ تُهاجِرُ نوارسٌ

وترْسُو

على كفّكَ شامٌ وصُورُ


يا طائرا لِوَحْدِهِ يُحلّقُ

يا طائرا لِوحْدِهِ يُغرّدُ


(فينيق يا فينيقُ

أرى رمادك كأنّه استعادكَ

كأنه أعادكَ)


إليْنا

إلياذةً تروي لنا أسطوره


(*) مُقتطف من "ترتيلة البعث" لأدونيس

محمد الناصر شيخاوي – تونس



أمرٌ عَسير.. ! بقلم/هادي مسلم الهداد/

 ((  أمرٌ عَسير.. ! ))

=====***=====

  لاشيء يُحتَملُ ..

سكرىٰ من الوزنِ الثّقيل

أوهامهم نَسجتْ خيوطَ

..المُستَحيل

عسارٌ، عثارٌ ..، مَريضٌ

    .. عَليل ! 

          ........ 

ياأيّها المُوشّحُ بالسّديم

ألا تبصرُ ذاكَ اليَقين؟! 

قَوافلُ.. مرَّتْ من هُنا

  أصواتَهم تَترى.. 

 وأصواتنا حزنٌ دَفين ! 

   أفكارَهم تَرقى.. 

  وأفكارنا  ذلٌّ مُهين !

    أمرٌ عَسير ..

..  .. 

بقلم/هادي مسلم الهداد/



لوعة يبتدي هواه و ينتهي سهادا بقلم الشاعر حامد الشاعر

 لوعة

يبتدي هواه و ينتهي سهادا

لا   يمقت   العابد   العبادا ـــــــ حرا    فلا    يزدري  البلادا

لربه     حينما      يصلي ـــــــ حتى  الرضا    يبلغ  المرادا

دنياه  قد   أقبلت  عروسا ـــــــ بحسنها      تشغل    الفؤادا

فهكذا    حال  من  تردى ـــــــ في   عشقه   يشتهي  سعادا

يعطى بفيض الهوى  حياة ـــــــ في   عزة   من   لها   أرادا

،،،،،،،

يلقى  هنا  أرضها   مهادا ـــــــ هناك   منها     يرى   نهادا

من قال  شعرا  لها  تعالى ــــــــ في  نظمه   يطلب   السدادا

لا ينتهي الزرع  و  ابتداءً ــــــ في الزرع يستنهض الحصادا

تزدان   بالأنجم    الليالي ــــــــ تشتد   في  طمسها   سوادا

ما قال في  نسوة   يحاكى ــــــــ نحو   المعالي  الرجال  قادا

،،،،،،،

يُغتال  في الحب شهريارا ــــــــ  ما    عاد  يَغتال   شهرزادا

تلقاه  في  جوده   جوادا ــــــــ  و  فارسا   يمتطي    جوادا

يجري السرايا على البرايا ــــــــ في   حبه  يفرض   الجهادا

تلقاه في  هجرها   مقيما ــــــــ حزنا   على    نفسه   حدادا

مناسبا       بالذي    يراه ــــــــ يا      ليته    نفسه    أفادا

،،،،،،

في الحب شيطانه غوى يا ــــــــ ليت  الملاك  الجميل  صادا

ما صار  من  حرقة  رمادا ــــــــ أجرى   حراكا  به  و  مادا

داهى الهوى  كلما   تداهى ــــــــ في   حبه    يبلغ   الرشادا

و   بالذي   عنده    جميلا ــــــــ فيضا  من  الراحتين   جادا

و  كلما  الحب   زاد   فيه ــــــــ أصل  الوجود الجميل   زادا

،،،،،،،

في منتداه  الهوى   حماه ــــــــ قد   عز من عن حماه   ذادا

زاد  بياضا   قلا   سوادا ــــــــ و  كلما  الناس   قاد    سادا

قد زاد حدوا اسمه يحادي ــــــــ من    بعد   ميلاده   ازديادا

قام    بأدواره      جميعا ــــــــ بدوره    في   الهوى  أشادا

تختار   أحلامه   الأماني ــــــــ لا   يبتغي     صاحيا   رقادا

،،،،،،،

و  لوعة     يبتدى   هواه ــــــــ و ما   هوى ينتهي   سهادا

كالنار قد شب  في  عيون ــــــــ رياحه      تنثر      الرمادا

برسمه و  اسمه   تهادى ــــــــ سبحان من  حرك    الجمادا

يلقى الهوى أرضه  مهادا ـــــــ يبغي       بميعاده      معادا

مهما و  من  أهله  يجافى ــــــــ في   أهله   يظهر   الودادا

،،،،،،،

مرتفعا      سعره     تباهٍ ــــــــ ينهي    فمن   يبدأ   المزادا

غيري  فلم  يتبع   خطاه ــــــــ و الدهر  في مشيه    تهادى

في زهوه  أزدهي و  مثلي ـــــــ كم  يحتويه   الهوى اطّرادا

من  اليراع  الذي  يناغي ــــــــ بحر الهوى   يجذب  المدادا

و ما انحنى ما بنى   رفيعا ــــــــ ما   شاده   يجعل   العمادا

،،،،،،،

فصل الخطاب المحب يبدي ـــــــ قولا    بليغا     فكم   أجادا

لكنه     عندما       تنحى ــــــــ نفس خطاب   الهوى  أعادا

من صار مستحضرا عيونا ــــــــ يختار   من  أشهر  جمادى

بالموت يجزى و في عماه ــــــــ من عن  دروب الحياة حادا

يمضي    بأسفاره   سفيرا ـــــــ حتى    يلاقيه       سندبادا

،،،،،،،

ما  كان  في  أمره    قويا ــــــــ في  ضعفه لم   يجد    إيادا

ما صاغ روضا غدا قفارا ــــــــ ما  عاد  يستوعب   الجرادا

أحلامه     عابرا    إليها ــــــــ في  عبرة  لم   يجد   وسادا

لكنه    غيرة      تسامى ــــــــ من عسل   يبصر    الشهادا

لابد من هام أن    يحابى ــــــــ عاداه  هل  يا  تُرى   يعادى

ما صار أولى و في التداعي ــــــ يلقى   به   قومه   الشدادا

،،،،،،،

نحو الذي صار يبتغي من ــــــــ أهدافه        حرك    الزنادا

من غمده لا  يذل   سيفا ــــــــ يعز     في  حربه     النجادا

يلقى إله الهَنا   هُنا    أن ــــــــ يكون     ربا     هناك   كادا

يطيع رب الورى  و عبدا ــــــــ و      عابدا    ينفع   العبادا

يبقى الهوى صالحا لديه ــــــــ لا    يرتضي  مصلحا   فسادا

قبل  شراء   يروم   بيعا ــــــــ في سوقه   لا  يرى    كسادا

،،،،،،،

فيه يرى   نهجه   قويما ــــــــ لا   يرتضي    فعله   مضادا

ما  عاد  مسترهبا  عنيدا ــــــــ ما  عاد     مسترغبا   عنادا

فهل يحابى  إذا    تصابى ــــــــ كم  صاح  في  حييه و نادى

في الحب ما أكثر الحزانى ــــــــ من       قبله    أمة    أبادا

نحن نذوق الهوى جموعا ــــــــ لكننا   في    النوى  فرادى

منفرجا الآن  ما   بدا   قد ــــــــ زاد   مع   الشدة    اشتدادا

،،،،،،،

لي قصة  الآن  في   هواه ـــــــ تحكى   ثمودا أرى  و  عادا

قد كنت حرا و  في  التنائي ـــــــ من صرت عبدا له   تمادى

ضد  الأعادي   معا سنبقى ـــــــ فنحن    لا   نقبل    الحيادا

آهٍ   أنا     ذلك     المُعنى ــــــــ كأسا من الموت ما   تفادى

فلست  في   أمره   مطيقا ــــــــ هذا الهوى   بعده    البعادا

،،،،،،،،

العرائش في 16 غشت 2025

قصيدة عمودية موزونة على مخلع البسيط

بقلم الشاعر حامد الشاعر



صومعة الهذيان بقلم جواد البصري/العراق

 صومعة الهذيان 

جواد البصري/العراق 


صرخات..

لا ترجو إلا الانعتاق

هي في رمس.. 

الفراغ معلّقة

ولا مَنْ..!

يدنو من الربّ

الوقت.. 

يدخل صومعة الهذيان

بلا كفنٍ ينتظر..

يدّ الغيب

الصدعُ عريض

التعويذةُ صاهرت وجه الريح

وعلى أريكة الزهور..

مُمدَّدٌ بكبرياءه "الأنا"

يحلم بالمعقول وباللامعقول


لا تُلوّح لِظلٍّ..

غادركَ في مرآب يقظتكَ

مُرتشفاً نبيذ الحقد

سيُحَمِّلُكَ عبءَ حقائبهِ، 

اِرثاً،

لا تطيق بها صبراً

انه يَفجرُ بالخصومةِ

تركَ الشرف يذوب..

في كأس النبيذ

و راح يتقمَّص.. 

دور المسكين

...        ...

غربة الأنين* بقلم ذ بياض احمد / المغرب/

 غربة الأنين*


استريحي قليلا 

لنعالج محنة الأسفار

لازال لدينا شوط

ينجلي من الكسوف

من خمرة الوادي

  في   كروم عينيك‚

لازال لدينا

بريق نجمة

 في سعال الغيوم

لا زال لدينا 

وقت ضرير

يبحث عن منفاه.........


لأراك

وثوبك

يحمل سواد عينيك

لأراك

على نحيب وردة

ولظى وجنتيك

تحمل طقوس فرحة

حين زارنا نشيد الحب

لحظة


استريحي قليلا

 لنعالج محنة الأسفار

سنكتب موتنا

على غسيل الرمل

ونعيد روح الذاكرة

على زمهرير الغبار


استريحي قليلا

 من غربة الأنفاس

على سواحل الدمى

وعرائس الحطب

استريحي قليلا

من كلمات التعب


ذ  بياض احمد / المغرب/



لقاء مع حسين السياب: فضاءات التأمل في بناء النص الشعري | حاورته : دنيا صاحب العراق

 لقاء مع حسين السياب: فضاءات التأمل في بناء النص الشعري |


 حاورته : دنيا صاحب العراق 


 

يُعتبر الشاعر العراقي حسين السياب من أجمل الأصوات المعاصرة في قصيدة النثر، حيث يحوّل اللحظات العابرة إلى فضاءات تأملية ومعانٍ عميقة يجمع في شعره بين الوضوح والرمزية، ليخلق جسراً للتواصل الإنساني ويمنح القارئ تجربة فكرية وجمالية متكاملة.

انطلقت كتاباته بسن مبكرة، ويواصل اليوم تطوير مشروعه الشعري الذي يسعى من خلاله إلى إعادة صياغة الصور التقليدية بأسلوبه الجمالي الأدبي الفريد.


وُلد الشاعر حسين السياب في بغداد عام 1976، وأصدر أربع مجاميع شعرية:

بتوقيت القلب(2019)

تسابيح الوجع (2020)

عزف الرمال (2022) 

مطر على خد الطين(2024).

إضافة إلى ترجمة إنكليزية بعنوان (Rain on the Cheek of Clay).

 يتميز أسلوب السياب بالرمزية وثراء الصورة الشعرية، كما يتضح في نصوصه (ناي ليلة عاصفة، ونهارٌ يتّسعُ كأجنحة الغياب) شارك في مهرجانات شعرية عربية ودولية ونُشرت أعماله في أبرز الصحف والمجلات العراقية والعربية. أجرينا معه حواراً حول مضمار "النص  الشعري التأملي" الذي يشكل محور كتاباته.



•من هو حسين السياب؟ هل هو أنت شخصياً داخل نصوصك أم شخصية أخرى ؟


•لا أعرف هل أنا المقصود أم شخصية بداخلي تحاول زرع نبض القلب على بياض الورق سؤال صعب جداً حين يوجه لمجنون لا غاية له سوى السفر مع الريح إلى عوالم جديدة.


•كيف تصف أسلوبك في الكتابة؟


•أكتب كما لو أنني أُمسك بظل الفكرة قبل أن يغادر، وأُسمي الأشياء بأسمائها الخفية. الرموز في شعري ليست أقنعة، بل مفاتيح لأبوابٍ لا تُفتح إلا بالتأمل، أؤمن أن المعنى الحقيقي يسكن في المسافة بين الكلمة وصداها، وفي الصمت الذي يسبح بين السطور. أكتب لأنني أبحث عن وجهي في مرايا الوجود، وأحاول أن ألتقط لحظةً عابرة يمكنها أن تُعيد ترتيب الفوضى في داخلي. لهذا تأتي قصائدي مكثفة، كنبضة واحدة تحمل تاريخ القلب كله وعميقة، كغوصٍ في ماء لا يعرف أحد عمقه.


•هل كانت هناك لحظة فارقة أو سبب انطلاق تجربتك الشعرية؟


•نعم، لم تأتِ على هيئة وحي مفاجئ، بل كانت كسقوط حجر صغير في بحيرة منسية أحدث دوائر لا تنتهي. كنت أواجه فقداً كبيراً، شعرت معه أن الصمت عاجز عن حمل ما في داخلي فالتجأت إلى الشعر كملاذ، كوسيلة لأعيد تشكيل الألم وتحويله إلى شيء يمكن النظر إليه دون أن يحرق. منذ تلك اللحظة، أدركت أن الكتابة ليست ترفاً، بل ضرورة وجودية وكل قصيدة هي محاولة لترميم ما يتكسر في الداخل.


•كيف ترى العلاقة بين الوضوح والرمز في شعرك؟


•أميل إلى المزج بين الوضوح والرمز؛ فالوضوح يمدّ القارئ بخيط الدخول إلى النص الشعري، والرمز يفتح أمامه فضاء التأمل واكتشاف المعاني الخفية.


•هل تعتبر الكتابة مجرد تعبير جمالي أم طقس روحي؟


•الكتابة عموماً طقس روحي قبل أن تكون تعبيراً جمالياً؛ هي انفتاح على عوالم غير مرئية ومحاولة للإصغاء إلى ما يقوله الصمت. لكنها أيضاً بحث عن الشكل الأجمل لتجسيد تلك الرؤيا، لأن الروح لا تكتمل إلا حين تجد لغتها، والجمال هو الجسر الذي تعبره التجربة الداخلية نحو الآخر.


•كيف أثرت التجارب الأخرى والتفاعل مع الأصوات المختلفة على كتاباتك؟


•هذا الانتماء منحني فضاءً أوسع للتفاعل مع تجارب شعرية وفكرية متنوعة، وفتح أمامي أبواب الحوار مع أصوات من بيئات ورؤى مختلفة. هذا الاحتكاك لم يثـرِ لغتي وأسلوبي فحسب، بل وسّع زاوية النظر إلى العالم، وجعلني أرى القصيدة كجسر للتواصل الإنساني لا كجزيرة معزولة.


•كيف ترى المشهد الشعري اليوم؟


•المشهد الشعري اليوم غني ومتنوع، لكنه يواجه تحديات في التوازن بين التجديد وجودة النقد والدعم المؤسساتي، أرى نفسي جزءاً يسعى ليكون جسر بين الأجيال والتوجهات، وأؤمن بأن مسؤوليتنا الحفاظ على جدية الشعر وفتح فضاءات حوار حقيقية.


•هل تعمل على مشروع شعري جديد حالياً؟


•نعم، أعمل الآن على إنجاز مجموعة شعرية حديثة تحمل تجربة جديدة، تنحو نحو حداثة متجددة وأسلوب مختلف. هي محاولة لرسم طريق لم يُسلك بعد في عالم القصيدة، حيث أفكك الصور التقليدية وأعيد تركيبها بصياغة تعكس حساً معاصراً وروحاً متجددة. أؤمن بأن الشعر يعيش حين يتجاوز الحدود، وينفتح على التجريب والجرأة، فالمجموعة ليست مجرد كلمات، بل إعلان انطلاق نحو فضاءات لا تزال تنتظر أن تُكتشف وتُحكى من جديد.







بلوحات عالمية ممسرحة .. نافع يرسخ تجربته الرائدة في " المستشكيل " حاورته : دنيا صاحب - العراق

 بلوحات عالمية ممسرحة ..

نافع يرسخ تجربته الرائدة في " المستشكيل "  

...............................................

................................................


حاورته  : دنيا صاحب - العراق


تمهدَ الفنان التشكيلي والمخرج المسرحي العراقي البارع عماد نافع، في مسيرته الإبداعية متنقلًا بين فصول الشعر والمسرح والتشكيل، قبل أن تتبلور تجربته الفنية في أواخر التسعينيات. ويُعد نافع مؤسس مدرسة "المستشكيل"، التي تعني ألتزواج العضوي وألروحي  بين التشكيل والمسرح في توليفة متداخلة مفعمة بأللون الحركة والرمز. وجاءت محطته البارزة في عامي 1999–2000 من خلال تجربته "الفضاء السابع" في "دار أفق للفنون" ببغداد، وعرضت على هامش ألمهرجان ألعربي للمسرح في بغداد هذه ألتجربة شكلت أولى لبنات هذا الاتجاه الفني. يعتمد نافع في رؤيته الإبداعية على تحويل اللوحة إلى مشهد مسرحي بصري يتجاوز الإطار التقليدي مستعينًا بلغة الجسد بنسبة تفوق 90%، ليخلق مشهداً حياً ينبض بالحركة. من أهم أعماله لوحة "الهروب إلى الله" من معرض أشلاء من جسد السماء (1995) - المملكة الهاشمية الاردنية ، حيث كسر حدود اللوحة التقليدية ليصور انفجارًا رمزيًا لعائلة تتجه نحو السماء طلباً للمعونة الإلهية. ويرى النقاد أن أعماله تشكل باستمرار حواراً بصرياً مفتوحاً، يمزج بين التشكيل والنحت والحركة المسرحية فيحرك اللون وألخطوط , ويحيل السكون إلى حركة والصمت إلى كلام. 

من خلال هذا الحوار، نسعى إلى الاقتراب أكثر من تفاصيل تجربته المتكاملة، وفهم فلسفته الفنية التي جعلته يحرّر شخوص اللوحة من قيود الإطار ليجعلها تتحرك على مسرح الحياة  :.


* في البداية، نعود معك إلى لحظة ولادتك الفنية… متى انطلقت رحلتك مع الفن؟ وكيف تبلورت ملامح تجربتك الأولى بين المسرح والفن التشكيلي؟


الولادة الفنية كانت لها مرجعيات داخلية، فكانت البداية تشكيلية، حين حولت جدران شعبتي في مدرسة الواقدي الابتدائية  إلى لوحات تشكيلية بقلم الرصاص، ولعل صورة الفنان الراحل عبد الحليم حافظ هي الابرز لما له من شعبية واسعة انذاك، أما أول لوحة تشكيلية رسمية اشتركت بها في المعرض التشكيلي المدرسي السنوي الذي كان يقام في قاعة النشاط المدرسي في الباب المعظم، وكنت طالباً في الصف الاول المتوسط، وكان موضوع اللوحة هو " العامل " بعدها بدأت موهبتي تتضح أكثر في الرسم، واتسعت مشاركاتي في المعارض التشكيلية  المشتركة حتى وصلت المرحلة الاعدادية، واشرف على تدريسي مجموعة من الفنانين التشكيليين اذكر منهم المغترب  استاذ قيس التميمي، ذات الحس الجمالي العالي الذي ولد معي وسكن روحي جعل نظرتي للمشهد المرئي في  الحياة اليومية لم تكن تقليدية قط،  بل احال المشهد إلى خطوط والوان وبدأت تتناسل في فكري المواضيع لتصير صور تشكيلية سواء كانت هذه المشاهد في الأسواق الشعبية أو في الاماكن الضاجة بالفقراء، أو الاطفال الحفاة، والازياء الفلكلورية كانت تغريني جداً، مرئيات أراها ببصيرتي قبل بصري، فتتحول إلى عالم متخيل بديع في ذهني.


 * منذ بدايتك  الجادة في التسعينيات  وحتى اليوم ماالذي تغير في وعيك الفني ؟ وهل مازلت ترى الانسان هو المحور كما نبهت عنه في معرضك التشكيلي الاول ( انتبهوا ...انه الانسان ) ؟.


 هذا السؤال مهم حقا ' لانك اخترت فترة التسعينيات ..والتي كانت بالنسبة لي الفترة الذهبية فنياً حيث انتجت هذه الفترة تسع معارض تشكيلية مهمة جداً بيدَ اني دخلت إلى العالمية في هذه الفترة بعد أن وصلت أعمالي إلى اغلب دول العالم " وفي هذه الفترة عملت على اسلوب المزاوجة بين  التجريد مع السريالية، بأسلوبية سحب السكين،  لأخلق لوحة التضاد

 اذ أبتدىء  فكرة اللوحة في وضع أسسها التشكيلية، مضمون يخفي معناها،  ومن خلال سيطرة السكين على سطح اللوحة يكون دور الفرشاة ثانوي،  ومن خلال ضربات السكين تتوالد تدرجات متناسقة مع بنيائية هادئة وغير مكتظة أو مزدحمة بالرموز،  لأخرج بأسلوب خاص بي وأحدد يقيني الاسلوبي، وهويتي الفنية مستقلة،  في معارضي الأولى . 

 وصولاً إلى تاسيس مدرسة ( المستشكيل ) أما على صعيد الوعي فالسنين لا تأتي فقط على اعمارنا بل تزيدنا وعياً وخبرة، لعلك يا سيدتي انتبهت إلى ما يتعرض إليه الانسان من هدم وهدر لكرامته كل يوم، بل في كل ساعة، وجريمته الوحيدة هي المطالبة بحريته واستقلاله . واعتقد ماساة غزة خير شاهد على ذلك،  فتعرض الأنسان الى أقصى أنواع القتل والحرق والسلب والتجويع، هذا القدر الواسع من الحزن و المساحة الشاسعة من الدمار، هيمنة السواد على واقع أمتنا الغارقة في الدم والعالقة في وحل انهيار القيم، ووفق هذه المعطيات تتصاعد حدة اللون 

و اللوحة، ولكن لانترك المساحات الجمالية في العمل الفني، مهما كانت حدة اللوحة. 


 * تُعرف بلقب "المستشكيل" وقد أسست مدرسة فنية بهذا الاسم، هل تحدثنا عن فلسفة هذا التوجه وكيف تمازجت فيه عناصر المسرح مع الفنون التشكيلية؟ 


•تجربة " المستشكيل " تعد من أهم تجاربي ألفنية على الصعيدين التشكيلي والمسرحي 

والحمدالله كانت لي الريادة في تأسيس هذا الاسلوب الفني الحديث، جاءت قبل مايقارب الـ "  25" سنة تقريباً، وأستطيع القول انها تتجاوز مابعد الحداثة، و كما هو معروف إن التعارضات مازالت قائمة بين" الحداثة " وما بعد الحداثة. وهذا يؤكد على أهمية التجارب  الفنية التي أحدثت حالة  الوعي في ذاكرة المتلقي، مع أعتمادها على الموروثات، من هذا المنطلق جاءت تجربتي في المزاوجة العضوية والروحية بين التشكيل والمسرح،  ليكونا تجربة واحدة أسميناها " ألمستشكيل " وهذه التجربة صلبة كالصخر، ولينة كالحرير، بيد انها تتجاوز حدود الحداثة فهي ثورة على الأطر التقليدية مادام الموضوع يحتاج إلى افاق أرحب، من هذا المنطلق كانت ومازالت تجربة " المستشكيل مثار اهتمام،  الاوساط التشكيلية والمسرحية محلياً وعربياً بل وحتى دولياً. 


 * ما هي أبرز المحطات أو الأعمال التي تعتبرها مفصلية في مسيرتك، سواء في التأليف أو الإخراج أو المعارض الفنية؟

أعتقد أن من أهم المحطات وألاعمال ألمفصلية خلال مسيرتي الفنية هي تمردي على السائد والتقليدي على صعيد الكتابة او الرسم ومن ثم المسرح،  لهذا جاءت تجربتي الأولى مع القصيدة التشكيلية أو البصرية في مجموعتي الشعرية 

 " حمى فوق 40 م " والتي قدم لها الشاعر الكبير عبد الرزاق عبد الواحد وامبراطورة الشعر العراقي امال الزهاوي كانطلاقة أولى  مهمة للتحليق العال في فضاءات  التجريب. 

وبدأ يأخذ مساحات اوسع واشمل , سواء داخل اللوحة التشكيلية او خارجها لذا جاءت  تجربة المستشكيل العالمية التي أكد ريادتها أعلام التشكيل والمسرح العراقي والعالمي  وفي المقدمة منهم التشكيلي الرائد نوري الراوي , والفيلسوف والمنظر العالمي  شاكر حسن ال سعيد  والناقد العالمي عز الدين نجيب , والمسرحي الكبير د. ميمون الخالدي والمخرج العالمي د.صلاح القصب ، اسماء اخرى كثير، توثقت هذه الكتابات في كتاب مهم يحمل عنوان " المستشكيل "   ومن المحطات المهمة في حياتي الفنية قد فزت بجائزة البوستر السياسي من اليابان، وأفضل لوحة  اسلامية من " الباكستان "  وتوثيق لوحة " العبارة " حادثة غرق العبارة في نينوى  في المنتدى الثقافي الامريكي وحصول لوحة " رحيل الذات " على لقب " لوحة عالمية متحركة " وكتب عنها دراسات عربية وانكليزية وفرنسية، كذلك لوحة "الساعة الثلاثون " التي عدت أول عمل تشكيلي يقارن برواية عالمية وهي " الساعة الخامسة والعشرون للكاتب الروماني قسطنطين فيرجيل جورجــــيو, واللوحة الصادمة " سبايكر"  

اما مسرحية " بقعة النور " – مونودراما بقعة النور التي اثارت جدلاً كبيراً عند عرضها على خشبة المسرح الوطني لموضوعها اللافت ومشاكساتها الكبيرة، نصاً واخراجاً، حتى قال عنها مدير عام دائرة السينما والمسرح د. نوفل ابو رغيف : عمل يشرف تاريخ المسرح العراقي " وتجاربي الـ " 10 "  في مسرح الشارع أو الرصيف التي تركت بصمة مهمة في هذا النمط من الأعمال المسرحية، على الصعيد الصحفي كنت صحيفتي " البينة " هي أول صحيفة عراقية بعد التغيير عام 2003وحققت نجاحا لافتاً محلياً وعربياً وعلى صعيد الجانب السياسي، فأنا أول فنان عراقي يرفض منصب "  وزير الثقافة " في دورة رئيس الوزراء د. عادل عبد المهدي . 

      ولاانسى محطة اربد الأردنية التي شهدت أهم تجاربي التشكيلية،  وقربتني كثيرا من العالمية،  وتوالت التجارب التشكيلية والمسرحية المهمة، داخل وخارج العراق والتحضير الى معرض كتلونيا الاسبانية، مروراً بالصف المسرحي التخصصي الذي أسسته كتجربة أولى محلياً وعربيا وتخرج منه مجموعة رائعة من الشباب الواعد مسرحياً، والمحطات المميزة  تطول وتطول، ومن المحطات المهمة التي ستبقى طويلا في ذاكرتي ، هي محطة " جربة " التونسية هذه الجزيرة الحالمة ابدأ وصفها بالجمال والابداع وهي قبلة المبدعين من كل حدب وصوب  وأجمل مافيها سكانها العاشقين للتجارب الحداثية الغير مألوفة وللحب والابداع  والجمال.


 * كيف ترى العلاقة بين الفن وبناء النسيج الاجتماعي؟ وهل تعتقد أن المسرح قادر على ترميم ما تهشّم في داخل الإنسان؟


 للفن دور غاية بالأهمية  في بناء المجتمعات لأنه ينمي ويبني الوعي السليم الذي يقود ألمجتمعات الى بر الأمان  ,  بالتالي الى أختيار الثقافة الحرة نهجاً وسلوكاً، كذلك له دور كبير في تعميق مشاعر العز و الفخر والاعتزاز لدى الفرد، لاسيما تلك الشعوب  التي تمتلك تأريخاً مشرف وحضارة عميقة  تمتد بعيداً بالتاريخ الانساني، حيث يُعدّ الفن وسيلةً مهمّةً من وسائل التثقيف والاحساس بالجمال  بعد أن يغسل أدران التخلف  والارتداد  والانكسارات وهكذا يكون  المجتمع قويّاً متماسكاً لا يهتز بسهولة أمام الشدائد والمحن، اما بالنسبة للمسرح فهو قادر على ترميم أو اعادة بناء ما تهشّم في داخل الانسان، على أن يكون المسرح موجه للجماهير لا موجه للنخبة حصراً وكما قيل سابقا : " أعطني خبزا ومسرحاً اعطيك شعبا مثقفاً.



 * في أعمالك المسرحية نلمس أبعادًا إنسانية تتجاوز الطرح الواقعي إلى إشارات روحية وفكرية عميقة.. هل تنطلق في رؤيتك الفنية من منظومة قيم صوفية أو روحية تُشكل أساساً لكتاباتك وإخراجك؟


قبل كل شيء أؤكد أن الثيمة الرئيسية في جميع اعمالي الفنية والأدبية تعنى بالانسان كقيمة عليا، ولكن واقع الحال يشير الى عكس ذلك،  فالانسان هو الضحية ،  ومنذ معرضي التشكيلي الأول نبهت إلى ذلك وكان عنوان معرضي هو " أنتبهوا ...أنه الانسان " واعتقد انها دعوة جريئة في زمن الدكتاتورية القمعية، وزمن الألة التي لاتعنى بأنسانية الانسان  بل استبداله " بروبورت " الألي  ووصل الحد الى استبدال ألمرأة الكائن الجميل وانوثتها بزوجات ألكترونية !!, وهذا يشكل قمة الجنون والاستهتار بقيم السماء ولم أكتف بذلك بل جعلت المعرض التشكيلي الثاني" ألدعوة ثانية " , لأكرر ماقلت من خلال لوحاتي التي تحمل عمقاً انسانياً  واحتجاجات ومطالبات بوقف طمر الانسان،  ما أثار حفيظة بعض النقاد والصحفيين انذاك، لجرئته اللافتة ،  ومن خلال علاقة الانسان بالسماء فإن الافكار الصوفية حاضرة بالكثير من أعمالي. 

 

 * إن ما يشهده العالم، والعالم العربي خصوصاً من أزمات وحروب وصراعات كيف ترى موقع الفنان وسط هذا الخراب؟ وهل تؤمن بأن للفن قدرة على الإصلاح والتغيير؟


 هذا سؤال مهم جداً وفي وقته المناسب، نعم العالم أليوم يشهد ازمات خطيرة وحروب دموية  لاسيما في منطقة الشرق الأوسط، ومناطقنا العربية خاصة، و مأساة غزة  هي شاهد حي على هذه الازمات الدامية، ولكن للاسف لا أجد للفنان والمبدع العربي دور واضح ومهم وسط هذا الخراب الا النزر البسيط  وحالات فردية هنا وهناك، تتوارى خلف المأساة 3 سنوات وغزة تغرق بالدم وشعبها يقتل و يحرق ويذبح بالجوع، والفنان العربي مهتماً برسم المواضيع الباردة والبعيدة كل البعد عن دموع طفل جائع ودموع أم ثكلى فقدت كل عائلتها، في غزة صور انسانية مرعبة  لايقبلها العقل ابتعد عنها الفنان والشاعر والاديب لأسباب مختلفة،  نعم كانت لنا وقفة حقيقية في تونس " جربة " مع مجموعة من الشباب العربي في مهرجان " ألوان الارادة من رحم الابادة " والمهدا الى شعب غزة الأبي، ولكن ذلك لايكفي أبدا، على الفنان والشاعر والاديب العربي وألمسلم  أن يأخذ دوره بكل قوة، ويكون صوته أعلى من صوت السياسي،  وريشته لاتقل عن فوهة المدفع وقوة الصاروخ وكذلك قصيدة الشاعر ، ونص الأديب،  للفن دور مهم في تغيير الواقع ولوحة " ألغورنيكا " لبيكاسو خير شاهد على دورها المهم في الحرب الاهلية في اسبانيا، وكيف قصفتها الطائرات النازية .. 


 *ما الذي أردت تجسيده في لوحتك "الهروب إلى الله" من حيث المعنى الروحي والفني؟ 


 لوحة " رحيل الذات " مرسلة ثقافية وانسانية تطرح ألعديد من الأسئلة الظاهرة والباطنة  العلنية والخفية  التي تفكك أعماق المرأة التي تمثل هنا الحياة بأكملها ، عن سر قوتها بعد انكسارها. تتميز اللوحة بتقنية  سحب السكين , بالمزاوجة مع الفرشاة ألدقيقة لتخلق تناقضاً بين الملمس الحجري للجسد والخشونة، ويدخل اللون الاخضر بقوة لمساحة الجسد مع كل التصحر والتشققات المرعبة التي جعلت جسد المرأة عبارة عن صخور جامدة، ولكن هذه الصخور انبعها الله بالزلال الصافي ، اما قضية الشقوق فكانها تسرد لنا قصصاً بصرية للصراع ألوجودي، فكل شق عبارة عن حكاية تحمل ألماً وهماً يختلف عن ألشق الأخر، حكايات  فيها بداية ونهاية، هذا الجسد تم تدميره ولم يتبقى منه الا قطعة واحدة اعلى الكتف الأيسر الذي بدأ التصخر والتصحر يصل اليها ويرسمها خطوط سوداء وهنا يكون الحوار بين الجسد المتشقق والروح التي تحمل طيبة الارض وعنادها، لتطرح كل ماهو جميل رغم غياب المطر وتمرد الفلاح هو صراع فلسفي بين العدم والوجود. تبقى اللوحة عبارة تجربة حياتية ، بصرية وفكرية تجعلنا نعيد النظر في مفاهيم المجتمع  سواء كان هذا المجتمع شرقي محكوم بالتقاليد , أو غربي محكوم بالانفلات حد الضياع ..   



 * ما الذي أردت تجسيده في لوحتك "الهروب إلى الله" من حيث المعنى الروحي والفني؟


 حين تصل الفاجعة حد الانهيار بيد انها لاتستحمل أي تعليق مكتوب كان أم مرسوم، حينها تكون اللوحة التقليدية عاجزة عن التعبير، وكذلك العمل المسرحي والأدبي، من هذا المنطلق جاءت فكرة " المستشكيل " ليتحطم " إطار أو فريم اللوحة " التقليدية، لتخرج شخوص اللوحة الى فضاء الله الارحب، كأنها تقول للسماء : ( ياالله ساعدنا ..أو أستقبلنا ! ) , أنه مشهد مسرحي متحرك ,  وفي هذه الحالة يكون ألهروب الى الله، كما يحصل الان في غزة، فالاطفال الرضع لايجدون قطرة حليب أو ماء، بل يجدون الرصاص يقبل جباههم ألغضة  وكذلك ألشيوخ والمرضى والنساء ؟ هؤلاء يتمنون الهروب الى ألسماء ، للخلاص من جحيم الأرض، وكأنها صورة مستنسخة من واقعة الطف .. 

 

* كيف ترى حال الإنتاجات المسرحية اليوم، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها المسارح إلعراق و الدول العربية؟


 نعم المسرح العراقي وحتى المسارح العربية أليوم تمر بأزمة واضحة ، أزمة مادية بالدرجة الاساس، وفنية،  وحتى " أمنية "  ايضاً على صعيد المسرح العراقي غابت المسرحية الجماهيرية التي تعالج هموم و واقع المجتمع، وغاب النص العراقي الخالص ، بسبب قلة كتّاب المسرح، باستثناء أسماء قليلة جدًا، ظللنا نعتمد على الأعمال الأجنبية ونعرقها . التي لاتمت بصلة لمجتمعنا , وصارت المشاهدة محصورة على وجوه محددة ! ، حتى المشاركات الخارجية بقيت  أسيرة أو  محصورة على أسماء  معروفة ومحددة،

 ولكن ذلك لا  يمنع من عرض بعض الأعمال الجيدة  التي سعت لاستقطاب الجماهير  لكنها تبقى محاولات فردية ,  وذات الحال ينطبق على بعض الدول العربية التي لها باع طويل في المسرح، المهم المسرح العربي يعاني، ويحتاج الى انتفاضة حقيقية ليعود الى سابق عهده .  


 * في ظل زحمة المشهد الثقافي، ما هي رسالتك للجيل الجديد من ألفنانين المبدعين ؟


 المشهد الثقافي والفني يتأثر كثيرًا بالأوضاع الأمنية والاقتصادية، شأنه شأن بقية القطاعات الأخرى، لكن إرادة الفنان الحقيقي تبقى فوق كل التحديات. ويستطيع الفنان التشكيلي أن يقدّم نفسه على الأقل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتتجاوز أعماله الحدود وتوصل رسالته الإنسانية. أما الأعمال الجماعية مثل المسرح والسينما والدراما فهي الأصعب إنجازًا في ظل هذه الظروف .

أما رسالتي فأوجهها  إلى الحكومة  وأقصد هنا دولة رئيس الوزراء ووزير الثقافة ووزير الشباب والرياضة،  بضرورة التخطيط الجاد وألاهتمام الكبير بمنتديات الشباب، التي كانت في الماضي تخرّج أفضل الفنانين على الصعيد التشكيلي والمسرحي وحتى السينمائي، وذلك بفضل وجود محاضرين في مختلف التخصصات الفنية، إلى جانب خشبة مسرح نظامية، ومرسم وأدوات رسم، وغيرها من الإمكانيات. بهذه الطريقة فقط نستطيع النهوض بالواقع الفني والثقافي .










فوضى الخيالات ..... بقلم الكاتبة ياسمينة أحمد بوشوارب

 فوضى الخيالات ..... ياسمينة أحمد بوشوارب


 لا أقوَى

 على صـدِّ جحَافلِ العاصِفه 

 المتشيِّعةمن وميضِ عيْنَيك 

 فتصْطَكُّ أهدابُ النَّوارِسْ

 في هَيْجاءِ الشرودْ

 تُؤجِّج جموحَ ثورةِ الاشْتِهَاءْ

 فترقُصُ على أوْتَارِ الشَّغَفْ 

 ولا أقوى

 على تقصِّي عويلَ الفؤَادْ 

المنتفضِ في غَابَاتِ الأرقْ

 في سَاعَاتِ اللَّيْلِ المُتأَخِرِ

 تكتظُّ سَحائبُ الشَّوقِ 

 بِتَنهِيداتِ الحنينْ   

 يُقْحِمُنِي رجْعُ الهَمْسِ

 المُتَمَلْمِلِ في تَجَاوِيفِ السُّكُون  

 وتمَدُّدُ نَسَائِمُ  الهَوَى

 في إغْفَاءَاتِ العِطْرِ المُنْتَشِي

 برَفِيفِ الشَّهْقَه 

 فمُدَّ يدَكَ وَجَدِّفْ زوَارِقَ العِشْقِ

 في الرَّوَابِي المُرْتَعِشَه 

 بِهُتَافِ الوِصَالْ 

 فلسْتُ أدَّعِي أَنَّنِي أنثى

 تطْفُو فوق هَدِيلِ الشُّمُوعْ

 ولستُ أدَّعِي أنَّنِي شَفَّافَةٌ

 تجْزَعُ من أنِينِ الغُرُوبْ

 ولكنَّنِي أيضا اِمرَأةٌ مجْدُولَةٌ 

 من عَقِيقِ الصَّفْح 

 وأنَّنِي وَهَاجَةٌ

 تتَوَقَّدُ بِزفَرَاتِ العُذَّال  

 في عبَاءَات الرَّدى  

وأَنَّنِي اِمرأةٌ تَرُومُ هَدْءَ النَّدَى      

وشذَرَات العبِيرِ المُخمَليَه 

وأنَّنِي قِدِّيسَةٌ 

تَلْفَحُها عَتَبَاتٌ وأَسْقُفٌ

مَمْلوءَةٌ  بالحَشْرَجَات 

وأنَّنِي اِمْرَأَة

ٌ تُفَتِّشُ فِي لِحَافِ اللَّيْلِ

عنْ حُلْمٍ ضَرِيرٍ تَمَلَّكَتْهُ الأَوْهَامْ  

أَثْمَلُ بِنَبِيذِ الدَّهْشَه 

في غَيبُوبَةِ الطِينْ  

فَتَعْتَرِينِي موَاسِمُ النِّسْيَانْ

وَيتَعافَى الغَيْثُ

 منْ سَكْرَةِ الخَوف   

أيُّ قدَرٍ سَاقَنِي

 إلى تلكَ العُيُونِ الهَائِمَه

  في لُجَجِ الصَّحَارِي   

فَتَرْشُقُنِي الهَوَاجِسُ

 بينَ أصْدَاءِ الظُنُونْ   

ذاكَ الرَّبِيعُ قد تَمَنَّعَ

فلمْ يَعُدْ بِمقدُورِهِ الاِرْتِوَاء

 من مخَاضِ الشِّتَاءْ

وتلكَ الفَراشَة قد تمَرَّدَتْ

وأعلنَتِ الولاَءَ لِهُتْر الجَفَاءْ 

وذاكَ الوَميضُ قد غَفَا

 فلم يعُدْ بمقدورِهِ الْتِهَامَ المَسَافَاتْ

 فلَسْتُ أدرِي ... 

أأبنِي عَالَمِي من ذاكرةِ تلكَ الأحْدَاقْ 

وشهيقِ الشَّوَارِعِ المتشبِّعَة

 من ركَامِ اللُهَاث 

أمْ أنتظرُ مرورَ صيفٍ 

يُوشكُ على المَمَات 

أم أعتزلُ قصَائدَ قيسٍ

 وأدفِنُ كلَّ أشعَارِ نِزَارْ

وأبني لنَفسِي صَومْعَةً من قَشٍّ

 وبعضَ كلمَاتٍ 

تَمتهِنُ رسمَ الخَيَالاَتْ   


باتنة /2019

الجزائر



صيف المبدعين ( إعداد وتقديم الصحفية بجريدة الشروق التونسية وحيدة المي) الشّاعر والناقد محمّد المحسن

 صيف المبدعين ( إعداد وتقديم الصحفية بجريدة الشروق التونسية وحيدة المي)


الشّاعر والناقد محمّد المحسن     


أعمال  شاقّة وبيع " السندويتشات" على ضفاف  حلق الوادي


*بعت جائزتي الكبرى  ببضع مليمات، كنت الأوّل بولاية مدنين   ،و  يوم سلّمتها لابن أحد الأثرياء بكيت كرضيع شحّ لبن أمه


*كان صاحب المخبزة جشعا ، يخصم من أجرتي اليومية  رغيفين ومائتي مليم حين يكون الحساب ناقصا و يفتكّ منّي صبيان جيّاع  بعض الأرغفة


 


تونس-الشّروق-وحيدة المي


نعم تُفتح نوافذ الصيف على الأوجاع  أيضا. عندما يغيب البحر والليل والسّمر والأفراح والأهازيج  وتكون الطفولة معطوبة ، ماذا نفعل؟ وما الحل؟.طبعا علينا الإصغاء للجّرح وصاحبه، ففي النّهاية لا أحد يتبرّأ من ذاكرته السّوداء بسهولة أو يُشفى منها . و ضيف اليوم أعادنا إلى طفولة ما بعد الاستقلال "نهشها الجوع بنابه الأزرق" في "سنوات عجاف" ،  لم يعرف فيها وإخوته " طعم الحلوى والسكاكر،ولم يتذوّقوا اللحوم والفواكه إلا في "الأعياد والمناسبات عند الجيران". لم يَضع قناعا على الوجه وهو يكتب عن طفولة محرومة ، طفولة الفقر المدقع والجوع ،كان شفيفا، صادقا ،كادحا بين "الأعمال الشاقة " من الحضاىر  و"المرمّة وبيع السوندوينشات وخبز الطابونة " إلى كتابة "رسائل إلى أزواج وأقارب بعض الجارات بفرنسا " مقابل  بعض المليمات. فتح الشّاعر والناقد محمّد المحسن خزين الذّكريات ونبش في جرح نُقش في ذاكرته كنقش على حجر...


فتحت عيني على أمنا الدنيا ذات فجر رمادي موغل في المواجع،بعد الإستقلال بثلاث عجاف..ليكون لي موعد مع طفولة معطوبة،ينهشها الجوع بنابه الأزرق المتوحّش.. و لدت في بيت منحنا إياه ذوي القلوب الرحيمة على وجه الإحسان،فلا مال لنا،ولا حياة تعاش في كنف الاطمئنان وراحة البال، إذ كان والدي رحمه الله-جواب آفاق-،يسير حافيا على ثلج الدروب ثمّ يعود إلينا بيدين فارغتين .أما أمي رحمها الله،فكانت  تبكي بصمت لحالي وحال إخوتي حين ننام جياع..وأذكر أننا ظللنا تسع ليالي نقتات على مسحوق الدّقيق بعد أن تخلطه أمي بقليل من الماء. مازالت  أمي هنا على عتبات الرّوح مثل رف جناح ، ومازلت أراها اليوم وهي قابعة في ركن البيت الآيل للسقوط  ترتق بالإبرة  ثيابنا الرثة ، بعنا أدباشنا  بثمن زهيد  بعدما تراجعت صدقات المحسنين وشحّ المال والماء والأمل..

 وأذكر أن شقيقتي الكبرى ظلت دون حذاء لما يزيد عن سنتين أو أكثر،أما أنا فقد بعت جائزتي الكبرى التي تحصلت عليها كتلميذ متميز في السنة الرابعة إبتدائي،  إذ كنت الأول على مستوى ولاية مدنين ( كانت جهة تطاوين زمنئذ،معتمدية تابعة لولاية مدنين..ولم تتحول إلى ولاية إلا سنة 1981 ) قلت  بعت جائزتي الثمينة ( كتب،كراسات،أقلام،وقصص للأطفال..) لإبن أحد الأثرياء ببضع مليمات،وأشهد أمام الله أني بكيت،كرضيع شحّ لبن أمه أثناء تسليمها لفتى ثري في مثل عمري..

.

في السادسة إبتدائي مازال ساعدي غضا،يافعا،ولم يتجاوز عمري الثـانيـة عشـرة "انتدبني" خباز لأعمل معه كبائع جوال لأرغفة " خبز الطابونة" من انبلاج الفجر حتى بعد الظهيرة،و كان صاحب المخبزة جشعا، إذ يخصم من أجرتي اليومية الزهيدة رغيفين ومائتي مليم   ،حين يكون الحساب ناقصا ،إذ لطالما يهجم علي صبيان جيّاع ويفتكّون مني بعض الأرغفة، مستغلين ضعف بنيتي الجسدية وعدم قدرتي على الإشتباك معهم لإسترداد تلك الأرغفة المنهوبة..! وكنت أسير بين أحياء مدينتي  تطاوين حافيا  مناديا بصوت مخنوق " خبز طابونة سخون يا وكالة".

لم أكن ماهرا في البيع،فأستغنى الخبّاز عن خدماتي، وداهمنا الجوع الكافر من جديد،سيما أن والدي أصبح عاجزا تماما عن العمل بسبب مرض عضال واضطرت والدتي للعمل في بيوت ميسوري الحال، كمنظفة، وتشتت شملنا بعد أن تحولت شقيقاتي بدورهن إلى خادمات في بيوت الجيران وبعض العائلات الميسورة.

مازلت أذكر تلك اللحظة البهيجة التي ربطتني بالكتابة،عندما كنت تلميذا بالمرحلة الإبتدائية، كانت أمي تطلب مني كتابة رسائل إلى أزواج وأقارب بعض الجارات بفرنسا للاستفسار عن حالهم،وكان علي  الاجتهاد لاختزان كلمات جديدة أبهر بها أمي وأنافس بها أترابي و أتقاضى بعض المليمات عن كل رسالة أكتبها كي نشتري بها زيتا ودقيقا .

في الأولى ثانوي ( نظام قديم سنة 1971) وخلال فصل الصيف،انضممت إلى عمال الحضيرة " الشانطي"،ثم انتقلت إلى  " المرمة" وقد اشتد عودي قليلا وابتدأت رحلتي مع العذاب،واستمرت لسنوات طوال،في مراوحة بين شغف الدراسة،و إكراهات الأعمال الشاقة في العطل،وفصل الصيف..

هي ذي طفولتي،المظلمة والمضطربة،وقد عشتها وسط أسرة ينهشها الجوع الطاحن وتعصف بها تقلبات الحياة وحيف الأزمنة المفروشة بالمظالم..لم أعرف فيها طعم الحلوى والسكاكر،ومازلت أذكر أننا كنا ننتظر الأعياد والمناسبات عند الجيران كي نتذوق اللحوم والفواكه التي حرمنا منها عبر سنين عجاف..

‏تركت هذه الطفولة آثارًا لا تُمحى من حياتي..وظل سوادها يلتحف بضلوعي،ويثير عواصف ألم في ذاكرتي الموجوعة..

‏نجحت في امتحان البكالوريا بامتياز..وكنت أرسل لعائلتي المعوزة جزءا كبيرا من منحة الدراسة بالجامعة التونسية..وأعمل في فصل الصيف بائع " سندويتشات" على ضفاف بحر حلق الوادي. ولم تنتهي قصتي بعد..والستارة لم تنسدل على مسرحية حياتي المعطوبة.

هي ذي قصتي اليوم مجلّلة بالوجع ومطرزّة بالبهاء: أمل يرفرف كلما هبّت نسمة من هواء..ثمّة فسحة من أمل..خطوة بإتجاه الطريق المؤدية، خطوة..خطوتان ومن حقّنا أن نواصل الحلم.

ولتحيا الحياة..

********************


حين يهجع الثّلج تحت جفون المساء..


الإهداء:إلى أمي في مرقدها الأبدي..أمي التي أنجبتني في عتمات الفصول..وشمخت فوق زخّات العذاب حين آتاه الذبول..


حين تجوع..يا إبني وتبكي

وينساب الدّمع على خديك 

غضوب

لا تشدّ بجرحي وتشكو

حيفَ الزمان..

وقحط الدروب

      وترنّم بعشق الليالي..وعشقي

لإنبلاج الفجر على ربوع الجنوب

***

حين يهجع الثلج

             تحت جفون المساء..

وينمو عشب الشوق..

         فوق العيون الدامعات..

يفتح الوجد للغرباء 

أحضانه

ويعزف القلب للصبح أوتاره..

                          الخالدات

وتشرق في فيض القصيد..

                       الدياجي

وتحتفي القوافي..

  بعطر هذا البهاء

وتزهر من حولك الأمسيات

 التي قد توارت

             وتصحو الرّوح من غفوة الحلم..

والأمنيات

لملم شتيت الرؤى..

     وأرنو بشوقك إلى الشامخات

وأطلق يديك..

تلامس أطياف ذاك المـــــــــــدى

 حيث الهدى..

والتجلي

ولا تبك دهرا..

                    مضى وتولّى

فما بالتنمني..يصاغ القصيد

وينساب عطرا..

            على القافيات..


********


من هو محمّد المحسن؟


كاتب صحفي،يكتب بصحف تونسية وعربية..أصيل جهة تطاوين..شاعر،وناقد.. . كاتب عام إتحاد الكتاب التونسيين-فرع تطاوين.



من لطائف اللّغة العربيّة بقلم الأديب حـمــدان حمّـودة الوصيّف... تونس

 من لطائف   اللّغة العربيّة 

* الكروان

* الذَّكَــرُ:  الكَرَوَانُ والضِّوَعُ والطِّرِّيقُ والكَرَا.

*الأُنْثَى:الكَرَوَانَةُ.

*الصَّغِيـرُ:النَّهَارُ..

*المَسْكِنُ: الأُفْحُوصُ.

• إِذَا كَانَ مَكَانُ الطَّيْرِ عَلَى شَجَرٍ فَهُوَ وَكْرٌ،

فَإِذَا كَانَ في جَبَلٍ أو جِدَارٍ، فَهُوَ وَكْنٌ،

فَإِذَا كَانَ في كِنٍّ، فَهُوَ عُشَّ،

فَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، فَهُوَ أُفْحُوصٌ.


الخسف في العربيّة 

* الخَسْفُ: سُؤُوخُ الأَرْضِ بِمَا عَلَيْهَا.

*الخَسْفُ: غُؤُورُ العَيْنِ.

*الخَسْفُ: الخَرْقُ وحَفْرُ الرَّكِيَّةِ حَتَّى بُلُوغِ المَاءِ.

*الخَسْفُ: الهُزَالُ.

*الخَسْفُ: الإِذْلَالُ وتَحْمِيلُ الإِنْسَانِ مَا يَكْرَهُ.

*الخَسْفُ: النُّقْصَانُ والهَوَانُ.

*الخَسْفُ: الظُّلْمُ.

*الخَسْفُ: الجُوعُ.

*الخَسْفُ: الجَوْزُ الّذِي يُؤْكَلُ.


الشَّقُّ

إذا شَقَّ الثَّوْبَ، فقد مَزَقَهُ، يَمْزِقُهُ، 

وإذا شَقَّ الثَّوْبَ ومَزَّقَهُ، فقد هَرَدَهُ، يَهْرِدُهُ،.

وإذا شَقَّ شَيْئًا يُوَسِّعُهُ بِذَلِكَ، فقد هَرَتَهُ، يَهْرُتُهُ، 

وإذا شَقَّ جَفْنَ البَعِيرِ لِيَرَى هَلْ بِهِ شَحْمٌ أَمْ لَا، 

فقد لَخَصَهُ، يَلْخَصُهُ، لَخْصًا.

وإذا شَقَّ فُلَانٌ الرَّأْسَ بِالحَجَرِ، فقد فَلَعَهُ، يَفْلَـعُهُ ويَفْلُـعُهُ ، فَلْعًا.

وإذا شَقَّ الشَّيْءَ، فقد فَلَقَهُ، يَفْلِقُـهُ، فَلْقًا وفَقَعَهُ، يَفْقَعُهُ، 

وإذا شَقَّ عَيْنَهُ فَخَرَجَ مَا فِيهَا، فقد فَقَأَهَا، يَفْقَأُهَا، 

وإذا شَقَّ النَّابُ اللّحْمَ وطَلَـعَ، فقد فَطَرَ، يَفْطُرُ، 

 وبَزَلَ، يَبْزُلُ، وشَرَخَ، يَشْرُخُ، 

وإذا شَقَّ اللَّحْمَ ورَحَاهُ، فقد فَرَمَهُ، يَفْرُمُهُ، فَرْمًا.

وإذا شَقَّ بَطْنَهُ، فقد فَرَاهُ، يَفْرِيهِ، فَرْيًا.


لغـــز شِغري

أذاه قَـاسٍ ليس يَبْرَا     مُثَـقّفٌ ما كَان يَـقْـرَا !

قَنَاتُه مِنْ غَيْرِ بَـثٍّ !    وعَكْسُه مَجْمُوع "حَمْرَا"

الحـــلّ.رمح

1. 

أكثر الأفعال مَصَادِرَ... 

رَجَاهُ، يَرْجُوهُ، رَجْوًا ورَجَاءً ورُجُوًّا ورَجَاةً ورَجَاءَةً ورَجَاوَةً: أَمَّلَهُ.


تصريف

* رَصُفَ الشَّيْءُ، يَرْصُفُ، رَصَافَةً: صَارَ مُحْكَمًا.

رَصِفَ الشَّيْءُ، يَرْصَفُ، رَصَفًا: اِنْضَمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ.    

رَصَفَهُ، يَرْصُفُهُ، رَصْفًا: صَفَّ قَدَمَيْهِ.


 من حِكَم العَرَب.


قُبُورُنَا تُبْنَى وما تُبْنَا...

يَا لَيْتنَا تُبْنَا قَبْلَ أَنْ تُبْنَى.


 حـمــدان حمّـودة الوصيّف... تونس

أصداء.. قناديل ..سماوية بقلم الشاعرة رنيم خالد رجب سورية

 أصداء.. قناديل ..سماوية 


رشفة من أقداح الصبر بدلت قدري 

أوقدت قناديل  شهبي دون إذن مني 

بعد غزوها سكة الإنتظار 

رائحتها تجوب دهاليز الروح 

عنيدة في اتخاذ قراراتها 

نظرتها للمستقبل فاضحة

ابتسامتها صاخبة خاصمت الخجل 

استقل الشوق أوتار أهدابها 

أحرقت سجائر  الوقت العصيب 

سخية يطوف الحب في محرابها 

حصاد سنابلها أحلام مؤجلة 

فيروزية  بصمت بشفتاها للقمر 

تسابق الزمن تارة وتعانقه تارة أخرى 

تغزو ليله لتجعل الأرق حارسه الشخصي

ليعود رافعا رايته مستسلما لبريق عينيها 

نجمتان تلوحان بالأفق  كأن العيد يتزين للقاء 

لاتقيدي أحلامي بعد أن فككتي وثاقها 

من ثغر أحلام اليقظة تترع كأس الغرور 

قرأت كفي العرافة أسقطت كبريائي 

السعادة أسراب تجوب سماء أحلامي 

وأنا صريع الهوى هواها هي 

مكفن بحروف اسمها أحملها في نبضي 

أوارى الثرى في أكنافها كالأبله

 أستلقي بين أحضان التمني

 أستشعر صدى صوتها 

وفي البعد أرتدي عباءة المعاناة 

أرتجي قربا أبديا أجني سعادتي به

 بعد حصار فرضته علي خيباتي

جريمة لاتغتفر قد اقترفتها ربما 

لكن في قانونها المختزل أيقظت ضحكاتي..

بقلم الشاعرة رنيم خالد رجب سورية

سيد الشهداء بقلم : الاميرة الهاشمية دنيا صاحب – العراق

سيد الشهداء


نبضات قلبي تنادي باسمك، الحسين،

وفي كل خفقة تحسّها روحك الأبية.


ذكرتُ في مهجتي شوقًا، يا سيد الشهداء،

فتجلّت صورتك أمام عيني قائمًا تصلّي.


لبستَ تاجك الملكي المرصّع بالياقوت الأحمر،

ما أحلاه، وارتديتَ ثيابَك سندس خضر وإستبرق،

تجليت بجلال الملوك من أبناء الأنبياء والمرسلين أولي العزم.


بريقها ينعكس في عينيّ حين تحرّكتَ نحوي،

فمددتَ يدك الناصعة البياض، تمسح عرق جبيني من شدّة حيائي.

دنوتُ منك لأقبّل يديك، فأخذتني رجفة الروح،

وكأنّي من صُلبك أعود إليك.


"أود أن أحيا كل حياتي بقربك، في مقلتيك البراقتين،

حين نظرت إليهما ذبتُ كقطعة ثلج ناصعة البياض.

رأيتك بنورك المهيب، تعلو آفاق السماوات السبع،

فرفعتني إلى السماوات العُلى، لتخلّصني من حياة البؤساء."


استقبلتني من باب صاحب الزمان،

تومأ بيدك لي وتقول: "لن تبرحي هذا المكان ما دمتُ فيه، ابقي معي هنا في هذه الجنّة المباركة إلى الأبد."


سيدي، أمامي الحسين،

زرتك بنيّة أن ألتقي بك،

فحقّق الله لي أمنيتي في ليلة وضحاها،

وأنا أخطو خطواتي أسير بنبض عاشقة لجدّها الإمام الحسين،

أحذو على سيرك في عالم الملكوت، بمقام الأئمّة المخلصين.


سيدي، أمامي الحسين، رأيتك بعين الوجود، ففتحتَ لي الأبواب المغلقة منذ أعوام،

كنت أعيشها في زهدٍ كبير،

والآن سأعيشها كسنين يوسف الصدّيق، عزيزِ مصر، بعزٍّ وجاه ورخاء.


جلستُ في حضرتك المقدّسة، والأنوار تشعّ من حولي،

وأنا أصلّي نافلة الزيارة الأربعينية ركعتين،

سبحت باسم الله الأعظم،

وأنت تجلس بقربي تسبّح معي:

"يا حيّ يا قيّوم، ارفع دنيا إلى مقام العليّين."


ثم وقفتُ، ودنوتُ من ضريحك المقدّس بنيّة أولي القربى، لأنال الشفاعة، فتحقّقت بإمامتك، بقاب قوسين أو أدنى،

ونلتُ مكرمة الشفعاء من سيد الأوصياء.


ومسكتُ شباك ضريحك الفضي بيدي اليمنى،

وشباك ضريح جدّي الحسن الذهبي بيدي اليسرى،

فشعّ النور في قلبي إلى أبعد مدى .


سمعتُ قولك بصوتك الخفي تقول لي:

"مرحبًا بكِ في دار الكرماء،

تيمّمي بتراب ضريحي وتطهّري من عوالق همومك وأحزانك،

ستتلاشى بإذن الله.


تعلمين أنكِ تنتمين إلى سلالة الملوك والأنبياء،

فحافظي على روحكِ من أهواء الدنس والغواية."


فقلتُ: "أنا معكم، أمقُت عدوّكم إلى الأبد،

الأرض ملك الله، تشعّ بنوره الذي يصدر منكم."


أحياني الله بعد موتتي الأولى بفضل جدّي رسول الله ﷺ،

وبفضلكم، يا آل بيت النبوة ومعدن الرسالة، حتى أُبيّن للناس موقفكم في الشفاعة،

لمن ارتضيتم حبًّا وكرامة ورفعة في حبّكم لله تعالى .


بقلم : الاميرة الهاشمية دنيا صاحب – العراق



الجمعة، 15 أغسطس 2025

ارسميني على الماء. بقلم الكاتب محمد الهادي صويفي تونس

 ارسميني على الماء.

نورسا تائها  ذات مساء

او زورقا  مثقوب

أعيدي لي بسمتي.

وضحكتي الأولى 

ضعي يدك على كتفي

وكفكفي دمعي

عدلي كل الأشرعة

لنعزف لحن الأمل

ستنتهي العاصفة.

ويعم الهدوء والسكون.

ونمر إلى بر الأمان.

وشواطئء السلام 

اقرئيني على مهل.

مرهف الاحساس

لست بهزيم المقل.

ارسميني كما تشائين 

على جدران النسيان 

والهذيان .

أو على جبين القبل.

اكتبيني أروع قصيدة

تكتب على الفراغ 

ودون إيقاع 

 


محمد الهادي صويفي تونس



شيزوفرينيا بقلم لطيف الخليفي/ تونس

 شيزوفرينيا


نامت طقوسي....

رموها بين أسطر التاريخ

فجرفتها مياه الصمت الاسنة

كل الجنائز يصلى عليها 

إلا جنازتي

مارقة عن نطاق التاريخ

وفاجرة بكل الطقوس

فمزقوا كبرياء عظمتها

.........ودنسوا بياضها

و حرموها من رقصات الموت...

برد لاذع يدثر أهواءها

وكل القديسين يتزاحمون

......لا يبالون

يأكلون تراب أراضيهم

ويهتفون بأسماء الجبابرة...

........كفروا بنعم مولاهم

وسكتوا ....سكنوا ...خوفا...

.......ثارت كل البراكين

جرفها الطوفان...تعالت الاصوات

مات جل القوم...ونجا الباقون...

 وعدنا نرقب السماء

ونعد.بعض النجوم....

السحب الدكناء تحجب القمر

......فيدلهم الليل 

...............ونخرس جميعا

وتمر على رؤوسنا الطير

........فننتظر


سمعت هاتفا...مناد

عن الطل والسهوب

فيجيبه الصمت المقيت

إن الوادي تبخرت مياهه..

وجف ذاك النبع...

ولم تخصب تلكم الضفاف

فماتت الطير...

وليس الكلأ

ونامت كل الأعين

وعدنا.......نرقب السماء......

 لطيف الخليفي/ تونس


رآهــــــا... بقلم الأديب سعيد الشابي

 رآهــــــا...


يحمل المحفظـــــه ،

على الرصيف الملوث...

متئـــــدا ،

يجرجسمـــه...

يشق قـــضايا ،

من خلفها قضــايا ،

من فوقها سحاب .

السحاب فيه أمطار...

الأمطار،

تزيد الأرض تلوثا ، 

والكل فيه يمرحون ،

في طغيانهم يراؤون...

لونا على لون...

عمي...

عما هم فاعلون ...

   *   *   *

أعين لا تــراه...

لكن يـــراها .

أخرى ترمقه،...

يمر زاهدا...لايعبأ..

عنها تعــــامى،

هي...لاتعنيه.

   *   *   *

فجأة ،...توقف ...

ارتعد... شـــل،

خيط دفين مســه

تيار خفــي هزه ،

رمــــاه...

غند طفلة غره...

جوفها منتفـــخ...

   *   *   *

كان يعلــم ،...

أن في الكتاب مرساها،

وعلى الرصيف،...

رآهـــــا...

مــرأة حبــــلى...

   *   *   *

حبلى...تنتظر،

سيارة أجــــره،..

حافلة؟...أو،...

سيارة أخــــرى؟...

أو...

رجلا يصحبها...

هي له زوجـــه؟...

أم وحــــدها؟...

تحمـــل زله.

   *   *   *

رمقته...رأى ...

في مقلتيها...

تــــوزر...

ووجـــودا ،

في الواحة ،يحيى...

رآى رجــــلا

ظل النخيل تفـــيأ

يكتب ...يحلم...

يرسم طفلـــه.

يصونها ، في كتاب،

به قد تحــيا ،

وفبه تبـــقى.

   *   *   *

ذا الكتاب في المحفظه

وهي...هنــــاك

على القارعه...

ورقــــه...

متــــآكله...

حروفها، بدت ذاويه.

هي صفــراء...

فاقعه...مثقله...

ما القصـــه؟..

   *   *   *

منــها تدانى...

تباعــدت...

توقــــف.

في منعرج تلاشت.

تراجــــع...

استرجع أمـــسا،

استدرك نبــعا،..

في (رأس العين)...

قد جـــف.

فهم المعـــــنى،

واستأنف السير،...

من فـــوقه ركام...

في جوفه ...

مــاض حــطام

وزوابـع فـوضى...

متـــرددا...

يتميزغيظا ... يفكر

أيسقط القضيه ؟

تخوض الزحام ،

بين القـــضايا؟

أن يحرق الكتاب؟

وتنتهي القصــه؟...

سعيد الشابي


وتمرّ غيومك جذلى..تلامس نرجسَ القلب.. بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 وتمرّ غيومك جذلى..تلامس نرجسَ القلب..


الإهـــداء:إلى تلك التي أبرقت إليَّ أوجاعها..وحين

تصفحتها..أسرجت دمي إلى شهقة العاصفة..

  

  (كلما لاح بين المرايا..شاعر متعَب..عانقيني..ليس بين المرايا..سوايَ")


..منذ ستة عقود..أبحث عنكِ

أكاد أصيح:ترى أين أنتِ!؟

ويتوه الصّوت سدى في الدروب

           وفي غمرة الغيب أهذي:

لِمَ.. أسقطتني القوافل من دربها

      ِلمَ..لمْ تصل ومضتي للمرايا

لِمَ..بعثرتني الفصول..

بين شتيت المدى

والوصايا..؟

وأظلّ أمارس وهمي..

وأرسم على صهوة الرّوح

ملامحَ جرحي

إلى أن يعبرَ القلبُ بوابةَ العمر

لكنّني..

أبدا لا أراك..!

*   *   *

هاهنا يجترح الغيم أحزانه

تجيء البروق 

وتمضي

تبحث في أعين العاشقين

عن غرّة الفجر..

وتستطلع الصّبح

           في شهقة العابرين..

وأعيد السؤال :

ترى..

هل أضعتكِ..؟!

أم أراني أسافر 

                   خارج الظل

ليهجع القلب في صمته

ريشة 

في مهب الهلاك..

*   *   *

إلى أين تمضين

 في مثل هذا الفراغ العظيم..؟!

وكيف أظلّ وحيدا أتهجّى..

همس خطاك

وكيف لي أن أحتفي بالماء 

في لجّة البحر

وكل النوارس

   تسرج أشواقها للرحيل..؟!

..ههنا يبحث الغيم 

    عن دمع زيتونة أهملتها..

الحقول

ويطرّز من أدمع العاشقين

 وشاحا

للذي سوف يأتي..

كما لو تجيء الفصول 

      بما وعدته الرؤى

لكن..ترى..

ماذا سأقول إذا جاءني الماء والملح

بأشرعة مزقتها السيول؟!

-ربّما لن يكون الذي ينبغي أن يكون-

وربّما لن أضيء زمانا جديدا..

                     على شرفة في يديك

وربّما قد أرشف من مهجة العمر..

كأس المساء الأخير..

أو قد أظلّ

أبحث عنك 

       في ما اعتراني من العشب

والطين

والدّمع

وأطرّز عمري..

               فصولا على راحتيْك..

ويغفو الوجْد 

                     في غربة الغيب

يهفو إلى عطر صداك..

وتمرّ غيومك 

جذلى..تلامس نرجسَ القلب

لكنّني..أبدا..

لا أراك..!!


محمد المحسن



.. تكوّن المطر بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف.. تونس.

 .. تكوّن المطر

لفترة طويلة ، كان تكوّن المطر على قدر كبير من الغموض بالنّسبة للنّاس. ولم يكن من الممكن  فهم آليّتها  إلا بعد اختراع رادار الطّقس. 

واستنادًا إلى هذا الاكتشاف، هناك ثلاث مراحل : الأولى ، "المواد الخام" للمطر التي ترتفع إلى السماء ، ثم تشكّل الغيوم وأخيرًا ظهور قطرات المطر. 

وهذه الخطوات محدّدة بوضوح في القرآن الكريم منذ قرون:

"اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (48) الروم."

نستعرض الآن المراحل الثّلاث المذكورة في هذه الآية:

المرحلة الأولى :  

أ) أجزاء صغيرة معزولة من السّحب (سحابة من السّحب المكفهرّة).

 ب) عندما تتجمع السّحب ، فإن كثافة التّيّارات المتصاعدة داخل السّحابة الكبيرة تزداد. والنّتيجة هي تراكم الغيوم.

ما لا يحصى من فقاعات الهواء التي تتشكـّل على سطح المحيطات ترتفع في السّماء. هذه الجسيمات،  الغنيّة بالملح ، تحملها الرّياح وتنضمّ في الغلاف الجوّي حيث تبقى عائمة. ويطلق عليها "الهباءات الجوّيّة". وتكوّن الغيوم في شكل قطيرات صغيرة من بخار الماء المنبثق من البحار عن طريق آليّة تعرف باسم "مصيدة المياه".

المرحلة الثانية : 

تشكل التيّارات المتصاعدة السّحابة في الاتّجاه العمودي وتكوّن منها مجموعة من السّحب. مثل هذا التّطور يجعل الغيوم تتمدّد نحو مناطق باردة من الجوّ، حيث تتشكّل قطرات المطر والبرَد ويتزايد حجمها. 

عندما تصبح هذه القطرات من الماء والبرد ثقيلة للغاية على التّيّار الصّاعد ، غير قادرة على حمل وزنها ، فتبدأ في التّساقط من السّحابة في شكل مطر أو بَرَد ،.... هذه الحقيقة العلمية كان الله قد ذكرها في سورة النور في الآية 43، منذ14 قرنا : 

"أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) النور."

تتشكّل الغيوم من تكثّف بخار الماء المتكاثف حول بلّورات الملح أو حول جزيئات الأتربة والغبار في الهواء. بما أنّ قطيرات الماء المحجوزة داخل الجسيمات صغيرة جدًّا (قطرها ما بين 0.01 و 0.02 ملم) ، فإنّ الغيوم تبقى معلقة في الهواء ومنتشرة. وهكذا ، وتغطي  السحب السماء .

المرحلة الثالثة : 

في هذه المرحلة ، تأخذ المياه، التي تحيط الجسيمات وبلورات الملح والغبار، تدريجيا حجما أكبر. وبذلك  تتشكل القطرات ، وبعد ذلك تصبح أثقل من الهواء ، وتنفصل عن الغيوم وتبدأ في التساقط على الأرض في شكل مطر.

وكما رأينا ، فكل مرحلة من مراحل تكوين المطر أعلن عنها في القرآن. وبالإضافة إلى ذلك ، أوضحت هذه الخطوات  في الترتيب الذي وقعت فيه فعلا. شأنها شأن العديد من الظواهر الطبيعية الأخرى ، فالقرآن ما زال هو الذي ينص على أدق تفاصيلها وقبل  قرون من اكتشافها.

وقد ورد في آية أخر ، دلالات  على تكوّن المطر: 

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ (43) النور.

((لقد كشف العلماء الذين يدرسون أنواع  السحب نتائج مذهلة حول تكوين غيوم المطر. فهي تتكوّن في عمليات وخطوات محددة بدقّة. فمراحل تكوين سحب الغيوم المكفهرة ، السحب الحاملة للمطر ، هي كما يلي:

المرحلة الأولى : تدفع==( تدفع الرياح السحب) 

المرحلة الثانية : تتجمّع==. بعد ذلك ، تتجمّع السحب الصغيرة (قزع) التي تحملها الرياح و تشكّل كتلة أكبر من الغيوم.

المرحلة الثالثة : تشكل المجموعة==. عندما تتجمع السحب الصغيرة ، و ترتفع التيارات في السحابة الكبيرة. فإنّ التيارات القريبة من المركز تكون أقوى من تلك التي بالقرب من الحافة. تزيد هذه التيارات من جسم السحابة في الاتجاه العمودي ، وبذلك تشكل السحابة مجموعة. يدفع هذا النمو العمودي السحابة للانتشار إلى مناطق أكثر برودة من الغلاف الجوي ، حيث تتشكل قطرات من الماء والبرد وتصبح ذات حجم متزايد. وعندما تصبح هذه قطرات من الماء والبرد أثقل للغاية مما تتحمّله التيارات الهوائيّة  ، فإنها تبدأ في الانفصال عن السحب في شكل مطر وبرَد)) ...

ويجب أن نتذكر أن خبراء الأرصاد الجوية توصّلوا ،مؤخرا فقط، إلى معرفة مفصلة عن تشكل السحب وهيكلها ووظيفتها، باستخدام المعدات المتقدمة مثل الطائرات ، والأقمار الصناعيّة ، والحواسيب ، الخ.... ومن الواضح أن هذه المعلومات قد وردت في القرآن  قبل  1400 سنة ، في زمن لم تتوفّر فيه مثل هذه التقنيات المتطوّرة.

حمدان حمّودة الوصيّف.. تونس.

من كتابي : القرآن والعلوم الحديثة.



نِعَالُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف ...تونس...

 نِعَالُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  

*عَنِ ابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَلْبَسُ النِّعَالَ الّتِي لَيْسَ عَلَيْهَا شَعَرٌ وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا. وَهْيَ النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ.

*وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَلِيطٍ: رَأَيْتُ لِلنَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نَعْلَ أَسْمَاطٍ، هُوَ جَمْعُ سَمِيطٍ.

*وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ لِنَعْلِهِ قِبَالَانِ، أَيْ زِمَامَانِ. وَالقِبَالُ: زِمَامُ النَّعْلِ وَهْوَ السَّيْرُ الّذِي يَكُونُ بَيْنَ الإِصْبِعَيْنِ.

*وَحَدَّثَ مُسَدَّدٌ وَأَحْمَدُ بْنُ أَبِي شُعَيْبٍ الحَرَّانِيُّ، قَالَا ثَنَا وَكِيعٍ ثَنَا دُلْهُمِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ حُجَيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّجَاشِيَّ أَهْدَى إِلَى رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خُفَّيْنِ أَسْوَدَيْنِ سَاذَجَيْنِ، فَلَبسَهُمَا ثُمَّ تَوَضّأَ وَمَسَحَ عَلَيْهِمَا.

*وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ: أَنَّهُ أَخْرَجَ نَعْلَيْنِ جَرْدَاوَيْنِ، فَقَالَ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَيْ لَا شَعَرَ لَهُمَا.

*وَفِي الحَدِيثِ: أَنَّ نَعْلَهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَانَتْ مُعَقَّبَةً مُخَصَّرَةً، مُلَسَّنَةً.

     حمدان حمّودة الوصيّف ...تونس...  

من كتابي : مع الحبيب المصطفى.



المَنْبَعُ...(عَلِّمُوهَا أَبْنَاءَكُمْ) بقلم الأديب حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

 المَنْبَعُ...(عَلِّمُوهَا أَبْنَاءَكُمْ)

يَـــا مَـنْـبَـعًا بِالـوَادِي

مِـنْ زَمَـنِ الأَجْــدَادِ

يَـسِـيلُ فِـيـهِ مَــاؤُهُ 

مِـثْلَ اللُّجَـيْنِ البَـادِي

بَـيْنَ الـحُـقُولِ داَفِقًـا

بـِالـخَـيْـرٍ لِـلْــعِــــبَـادِ


يَـرْوِي عُـرُوقَ الشَّجَرِ

فَـيَــنْـحَــنِـي بِالــثَّــمَـــرِ

فَـتَكْـثُــرُ الـخَـيْــرَاتُ

وَأَنْــــعُـــمٌ لِـلْـــبَــشَـــرِ

وَيَـبْــرُزُ الـجَــــمَـــالُ

صُنْـعُ العَظِيــمِ الأَكْبَـرِ

فِي كُــلِّ رُكْـنِ ِسِـحْـرُهُ

بِـالسَّــهْـلِ وَالــوِهَــادِ


سُبْحَانَ مَنْ  قَدْ فَجَّرَكْ

وَلِـــــلْأَنَـامِ سَــخَّــرَكْ

فَـأَنْتَ شِـــرْيَانُ الحَـيَا

لِكُـلِّ خَـلْـــــقِ ِقَـــدَّرَكْ

طُوبَى لِمَنْ بِكَ احْتَفَظْ

وَمَـا فِي البَـحْرِ أَهْدَرَكْ

فَـقَــطْـرَةٌ مِـــــنَ المِـيَاهْ

كَـالــــكَــنْــزِ لِلْـعِــبَـــــادِ


يـَا إِخْـوَتي ، فَلْنَـتَّـحِـدْ

وَ فِــــي المِـيَاهِ نَـقْتَصِـدْ

فَــإِنَّــهَــــا ثَـــــرْوَتُــــــنَـا

لاَ تُـشْتَـرَى لَدَى أَحَـدْ

نَـسْتَـعْــــمِلُ مِنْــهَا بِـمَـا

يَكْــفِـي لَــنَــا وَلاَ بَــــدَدْ

فَــجَّـــرَهَـــا أَجْــدَادُنَــا

فَـلْـــنُــــبْــقِ لِلأَحْــفَــادِ...

حمدان حمّودة الوصيّف... (تونس)

ديوان "الباقة": أناشيد وأوبيرات للأطفال.



العبور..إلى الضفة إلى الأخرى بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 العبور..إلى الضفة إلى الأخرى

 

هذه القصيدة مهداة إلى شاعر سمي يوما بشاعر الأرض المحتلة ويوما بمجنون الوطن.إنّه الشاعر الذي مهما اختلف النّاس في تقييمه،لا مناص لهم من الإعتراف بشاعريته العظيمة وموهبته الكبيرة،فهو المبدع الذي لم يلهه نبل مقصده عن إخلاصه لفن القول،وحقيقة الشعر،وجعل ما هو خاص عنده عاما عند النّاس،في حالة من الإدهاش اللغوي،وابتكار الصور،وسحر البناء،والتعبّد في محراب الفن المقدّس.

إنّه الشاعر الذي بيع من كتبه في العالم العربي وحده أكثر من مليون نسخة حتى العام 1977 على الرغم من أنّه أبعد ما يكون عن النموذج الشعبي،وهو الشاعر الذي كادت قصيدته"عابرون في كلام عابر"تطيح بإحدى حكومات العدوّ الصهيوني ذات يوم.

إنّه الشاعر الذي وصفه الناقد محمد بنيس بقوله:"إنّه شاعر القلق،وإنسان الوفاء في زمن نفتقد فيه الشعري والإنساني معا"وهو أوّلا وأخيرا الشاعر الذي قال:

"سجّل فأنا عربي..ورقم بطاقتي خمسون ألف..وأطفالي ثمانية وتاسعهم سيأتي بعد صيف.." وقال في مقام آخر قولا شعريا:"وضعوا على فمه السلاسل/ربطوا يديه بصخرة الموتى/وقالوا أنت قاتل.

أخذوا طعامه والملابس والبيارق/ورموه في زنزانة الموتى/وقالوا أنت سارق.

طردوه من كل المرافئ/أخذوا حقيبته الصغيرة/ثم قالوا أنت لاجئ.."

إنّه الشاعر الراحل محمود درويش..وإليه أهدي هذا القصيد..

 

على هامش الذكرى السابعة عشرة لرحيل الشاعر العظيم محمود درويش

 

 

..إلى محمود درويش في رحيله القَدَري

 

  "الشعراء كالأوطان..لا يموتون.."

 

..من يدقّ باب الرّوح

في خفوت الشمس والضّوء..

من يطهّر الجسد من دنس الركض

                    خلف صهيل الرّوح..

من يمنح حبّة قمح تعبق بعطر الأرض

 ليمامة تاهت

               في رعب السكون الهائم

من يجفّف الدّمع..

والمحزونون في سبات

             ملء الجفون

أوغلوا في الدّمع

   في لحظات الوَجْد

فأنطفأ الوجع..

إلى أين تمضي في مثل ليل كهذا  !؟

والكلمات التي تركتها خلف الشغاف

تشعل شرفاتها

منارة

منارة

ولا يكتمل المكان..

..تمنيتَ لو كنتَ نورسا

         على شاطئ غزّة

كي تعيد ارتحالك..

كلّ يوم في المياه

تمنيتَ لو تجعل من دموع الثكالى

قاربا يجتاز العتمة..

كي يرسي على ضفّة مرهقة

   تحتاج يد  النهر كي تعبره..

تمنيتَ لو يتوقّف..الزّمان

لحظة أو أقل

كي تعيدَ ترميم الحروف

..كي تسير بكل،فجاج الكون

بغير جواز سفر

كي تروح بنوم مفتوح الرّوح..

..يفيق على جمرة سقطت

فوق شغاف القلب..

تمنيتَ لو تبرق للبعداء جميعا أن:

عودوا..أعطوا-لمحمود*- بعض وطن !!

ها أنتَ تئنّ..

وتئنّ..

إذا استرجعت غربتك من تيه الضجّة..

                             وعدت بلا وطن..

إلى أين تمضي في مثل ليل-عربيّ-كهذا ؟

إلى أين تمضي..بعربات الصّبح المبكرة..؟!

ها أنّي أراك تلوّح للأمكنة الأمامية

وهي تغيب..

ثمة نورس يتلاشى في الأفق البعيد..

ثمة وجع بحجم الغيم ..

    يتمطى في اتجاهنا

                                   عبر الضفاف

ثمة شيء ما ينكسر

يتهاوى..

ولا يصل المكان..

ها..أنّي أراك..

                 في هدأة الصّمت

تنبجس من اختلاجات العزلة..

تنبثق بياضا ناصع العتمة..

من عتبة القلب

نهرا

تجلّله رغوة الإنتظار

أراك..

نهرا

تعتعه الرّحيل..فتهاوى

في أفلاج جفّ ماؤها..

ها أنّي أراك،تعبر ممرّات الذاكرة

    تترك حنجرتك زهرةَ بنفسج..

تلج حجرات الرّوح

تاركا خلفك..صهيل الرّيح

كي لا ينهمر..الوجع

ويسطو على ما تبقّى..من مضغة القلب

سخط الزّمان..

                                                       

محمد المحسن


*المقصود:الشاعر الراحل محمود درويش