آخر المنشورات

الاثنين، 21 مارس 2016

تقاسيم حزينة في حضرة الالم**بقلم ابوشيماء الحمصي

… تقاسيم حزينة في حضرة الألم...
قالوا ستؤلمها القصيدةُ
حينَ يحجبها الضبابْ
فترفقوا
لا تُسمعوها ما يُخبئهُ العذابْ
لا تُوقظوها فهي نائمةٌ
بأحضانِ السحابْ
لا تُوقظوها فهي نائمةٌ
وقد سهرتْ طويلاً
ربما من ألفِ عامٍ لمْ تنمْ
أو ربما ألفينِ عامْ
كانت إذا اشتدَّ السؤالُ
تطلُّ كالأنغامِ كي تُقري السؤالْ
كانتْ تمرُّ كقبلةٍ
لتزيحَ ضوضاءَ الزحامْ
كانتْ توزّعُ كلَّ يومٍ
للمدائنِ شكلها
وقلائداً من ياسمينٍ أو رخامْ
كانتْ بكلِّ طهارةٍ
للبردِ تهدي دفأها
والخوفَ تمنحهُ السلامْ
كانتْ ككلِّ العاشقينَ
تنامُ في عبقِ الغرامْ
كانتْ قبائلَ من حمامْ
كانتْ إذا ابتسمتْ
فوجهُ الشمسِ هذا الابتسامْ
أو أطرقتْ يعني الظلامْ
كانتْ إذا سكتْ الكلامُ
هي الكلامْ
تشدو كأنفاس الملائكةِ
الكرامْ
لم يأتي حتى الآن من يعلمْ
متى ولدتْ
ولكن يعلمونْ بأنها قبلَ الأنامْ
قالتْ فتاةُ الطهرِ
تشبهني
وقالَ الناسكُ المشغولُ بالتسبيحِ
ليسَ لها شبيهْ
لكنّها فوقَ السنامْ
في البدءِ كانتْ
ثمَّ صار البدءُ يأتي بعدها
شيئاً فشيئاً
كالغمامْ
كانتْ ومازالت
وسوفَ تظلُّ
أغنيةَ السلامْ
يبستْ على شفتيَّ قافيتي
واستنفذتْ لغتي معانيها
وتعطلتْ حيلي وأحجيتي
والرّوحُ أعياها الذي فيها
وشواهدُ التاريخِ عاجزة
من حيث آنيها وماضيها
عجزتْ شواهدها وأعجزها
واستنفذ الأحكامَ قاضيها
وقفتْ تحدّثُ نفسها عجباً
وتحجّرت حزناً مآقيها
من هاهنا مرَّ التّتارُ
ومرَّ أصحابُ التّتارِ
وهاهنا ماتَ التّتارُ
وماتَ أصحابُ التّتارْ
وقبائلُ الليلِ الطويلِ
تكسرتْ
فوقَ الحصارْ
والسجنُ والسجانُ
ذابوا في الغبارْ
من هاهنا مرَّ التّتارْ
من هاهنا ابتدأ الطريقُ
وهاهنا ولدَ النهارْ
والياسمينُ تكونتْ بتلاتهُ
من هاهنا
والوردُ ضاعَ أريجهُ
من هاهنا
والتّينُ والزيتونُ والصّبارْ
من هاهنا
من بعضِ عطرِ الشامْ
من حزمها ولدَ الحسامُ
وصبّرها
كسرَ اللّجامْ
وتحطمَ الظلمُ العقيمُ
بصبّرِ أهلِ الشامْ
والشامُ سيدةٌ
وأهلُ الشامِ
أعطوها الزمامْ
من الصّخرِ الأصمِّ قطعتُ نفسي
ومن ثقلِ الجبالِ ملأتُ رأسي
وأمشي والرياحُ تصدُّ دربي
ويقطعُ كلَّ سدٍ حدُّ فأسي
فما شئتِ استطيلي ياهمومي
وخيّم ماتشا ياليلَ نحسي
وأظلمْ ياظلام الليلِ إنّي
على الإيمانِ قد وطّنتُ نفسي
وهبّي يارياحَ الموتِ إنّي
صنعتُ من الحديدِ جذورَ إرسي
أنا السوريّ ُ والدنيا ورائي
وأُصبحُ حينَ كلَّ الكونِ يُمسي
أنا السوريّ ُ فوقَ الشمسِ هامي
وسيفي الصّبرُ والإيمانُ ترسي
أنا السوريّ ُ والتاريخُ بعضي
ووجهُ اللهِ يغسلُ وجهَ بُؤسي
أنا الهيجا إذا دارت رحاها
أُميتُ الموتَ من صبّري وبأسي
أنا السّمُ الزعافُ لشاربيه ِ
وطعم المرِّ بعضُ مرارِ كأسي
يا أيّها المتثائبونَ
أرى دمشقَ تنامُ في أحداقكمْ
حبلى بأنواعِ البكاءِ
وطفلها بردى
يئنُّ بلا رداءْ
يمشي تجاعيداً
بصبّرِ أكفكمْ
ويدسُّ أوجاعاً ثقالاً
في تجاعيدِ الوجوهْ
ما شاخَ هذا النهرُ
لكن جفّتِ الأحلامُ
من وجعِ الظلامْ
وبقربِ صبّرِ الشامِ
يقبعُ قاسيونَ
يلفُ هامتهُ الجّرادُ
وينتهي وجعُ الحصادْ
الشامُ أتعبها الجّرادُ
وعابَ سندسها الجّرادْ
الشامُ رغمَ القهرِ
لم تحزنْ
ولكن ظهرَ هذا اليومِ
أتعبَ صبّرها ثوبُ الحدادْ
الشامُ أكبرُ من قصائدنا
والشامُ أغلى من مآقينا
والشامُ أوجاعٌ بداخلنا
تغفو فيصحو حزنها فينا
والشامُ يُفرحنا تصبّرها
وجراحُ وجهِ الشامِ تبكينا
يا عابرونَ بأرضنا
الوالغونَ بصمتنا
الحاملونَ الذكرياتِ
لكم شنارْ
القادمونَ من الظلامِ
ثيابكم أحقادكمْ
ونفاقكمْ
يختالُ في وضحِ النهارْ
أنتم غبارُ نعالنا
والزهرُ يقلقهُ الغبارْ
هيّا ارحلوا
هيّا ارحلوا
الأرضُ تكرهكمْ
وصمتُ الأرضِ يكوهكمْ
ورملُ الأرض يعرفُ أنّكمْ
نارٌ وعارْ
الشامُ تكرهُ لونَ أعينكمْ
وتكرهُ ما بداخلكمْ
وتكرهكمْ
عصافيرُ السنونو
والصغارْ
هيّا ارحلوا
هيّا ارحلوا
وخذوا بقاياكمْ
ولونَ ظلامكمْ
وفسادكمْ
وخذوا الزحارْ
الشعرُ أصغرُ من دموعِ بلادي
وأقلُّ من آلامهِ إنشادي
وجميعُ آلامِ الأنامِ قصيدةٌ
وقصيدتي كينونتي وعنادي
بقلمي
الشاعر عبدالسلام محمد علي الأشقر
أبو شيماء الحمصي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق