آخر المنشورات

الخميس، 5 مايو 2016

( درس في النحو ) بقلم // الاديب وصفي المشهراوي //


بين الفينة والفينة
 أهديكم درساً من النحو لتستقيم ألسنتنا وترى عقولنا أين مكامن الجمال في لغتنا الجميلة : الفعل المتعدي لمفعولين...
من الافعال ما لا يكتفي بالفاعل..ولا حتى...بمفعول به واحد..ليتم معنى الجملة..بل يتعدى لمفعولين..
والافعال المتعدية لمفعولين يجعلها علماء النحو على انواع اربعة......نوع يسمونه افعال اليقين..او افعال القلوب.....ونوع آخر يطلقون عليه اسم افعال الشك او الرُّجْحان..ونوع ثالث اسموه افعال التحويل...وآخرُها وأسموه بافعال الاعطاء والكسوة...
كل نوع من هذه الاربعة..يتعدى لمفعولين...اذ الاختلاف في المعنى الذي تدل عليه هذه الافعال جعلهم يقسمونها الى هذا التقسيم..وبسبب بعض الاشياء الاخرى..
فأفعال اليقين او القلوب..مثل..رأى ،علم،وجد،ألفى،درى.....إلخ...
وأفعال الشك او الرُّجحان...مثل..ظنَّ..حسِب..خالَ..زعمَ....الخ..
وافعال التحويل...مثل..جعل..صيّر..اتخذ..تَخِذ..ردَّ....الخ...
اما افعال الاعطاء والكسوة..فمثل..أعطى..منح...كسا..وهب.....الخ...
فهذه الانواع من الافعال..لا ترضى بفاعل ولا بمفعول به واحد..بل لا بد من تعديها لمفعولين..لكي يتم معنى الجملة التي تدخل عليها.هذه الافعال...وسنشرع بكل قسم على حده..باذن الله....
اما افعال اليقين او افعال القلوب..فهي تأخذ مفعولين..بشرط ان تكون دالة على معنى ليس حسيّا...بل تكون دالة على العلم والفهم واليقين..
فجملة...رأى الصائمُ الهلالَ...نجد..رأى..تعدت لمفعول به..واحد...لا غير..وذلك لان الرؤية المقصودة هي الرؤية بالعين الباصرة..اي بحاسة البصر...رؤية حسية...لا معنوية..ولذلك احتاجت..رأى... مفعولا به واحدا...اما في جملة..رأى الصابر الفرج قريباً...فإنّ..رأى..هنا..لا تدل على الرؤية الحسية ..بالعين الباصرة..بل تدل على معنى..العلم..والرؤية المعنوية..واليقين..كأنّ الصابر يعلم ان الفرج قريب..فهو في قرارة نفسه..يدري ان الفرج بمتناول اليد..فالرؤية في رأى دلالتها معنوية وليس رؤية حسية بالعين الجارحة..ولذلك لم يكتف..الفعل..رأى بمفعول به واحد...بل تأخذ مفعولين...فمتى دلت رأى وأخواتها على معنى الفعل فيها دلالة معنوية فانها تخرج من تعديها لمفعول به واحد..الى تعديها لمفعولين..ومتى دلت في معناها دلالة حسية فانها تقتصر على مفعول به واح لا غير..ومثل رأى..علم...درى...وجد...
فلو قلت...وجدتُ الحقيبةَ...فان وجد..تأخذ..مفعولا به واحدا...اما لو قلت...وجدتُ العلمَ سلاحاً...فان..وجد..هما تتعدى لمفعولين...لان..وجد في الجملة الاولى تدل على اني وجدت الحقيبة وجودا حسيا ..اما... وجد..في الجملة الثانية فان دلالة الوجود انما هي بمعنى العلم والفهم...اذ اني وجدت وعلمت ان العلم سلاح ! انتهى درس النحو . والان خاطر المساء أهديها اليكم أحبابي : ( وتعطلت لغة الكلام ) قال صديقي وهل تتعطل لغة الكلام والحديث بين الحبيب والحبيب ذو شجون ؟ قلت : حين تتعطل لغة الكلام بين الأحبة يكون الأمر بحاجة الى دراسة ماسة للتأكد من أن القلوب ما زالت تنبض بحبها فاذا تأكد لك ذلك فالصمت هنا هو استراحة المحارب ليبدأ الحب من جديد نشيطا متحفزاً لكل ما هو مرغوب لتتألق معه الحياة من جديد ما بين طرفة عين ونبضة قلب ورفرفة روح ويبدأ انسياب الكلام الجميل بين الأحبة وكأن الصمت كان غفوة وأمنة نعاسا ليرتاح القلب من الضنى ! لكن اذا تعثر القول بين الأحبة دونما سبب ولم يستطع المحبون جلب الكلام من قلوبهم فاعلم أن السبب مرهون بمدى تضحية كل منهم تجاه الآخر بذلاً وعطاءا ومودة وصفاءا جينها تتجلى الكلمات بزينة الجمال لأنها من القلوب رصيدها وقد أفلح من يصيدها !! ( الأديب وصفي المشهراوي )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق