آخر المنشورات

الجمعة، 9 ديسمبر 2016

عين على كتب التراث (الشعر) بقلم / خالد ع . خبازة

عين على كتب التراث

الشعر

و أراء بعض العرب في الشعر و الشعراء

سمى العرب الشاعر شاعرا لآنه يشعر بما لا يشعر به غيره
و كان العرب يسمون قصائدهم : الحوليات ، و المقلدات ، و المنقحات ، و المحكمات  ..  ليصير قائلها فحلا خنذيذا ، و شاعرا مفلقا .. و في بيوت الشعر : الأمثال و الأوابد ، و منها الشواهد و منها الشوارد  .
و الشعراء عندهم أربع طبقات : فأولهم الفحل الخنديذ ، و الخنذيذ هو التام
قال الأصمعي :
قال رؤبة : الفحول هم الرواة  ، و دون الفحل الخنذيذ ، الشاعر المفلق ، و دون ذلك الشاعر فقط ، و الرابع الشعرور . و لذلك قال أحدهم في هجاء أحد الشعراء :

يا رابع الشعراء كيف هجوتني ... و زعمت أني مفحم لا أنطق

و سمع بعض العلماء يقول :  الشعراء ثلاثة .. شاعر و شويعر و شعرور  .

و الخنذيذ هو الذي يجمع الى جودة شعره ، رواية الشعر الجيد من شعر غيره . و الشاعر المفلق وهو الذي لا رواية له .. الا أنه مجود في شعره كالخذيذ في شعره .. و الشاعر فقط هو فوق الرديء بدرجة  .. و ااشعرور  هو لا شيء   .
و قيل بل هم شاعر مفلق و شاعر مطلق و شويعر .
و المفلق هو الذي يأتي بشعره بالفلق و هو العجب  .

و قد أبدى كثير من الشعراء  في بعض قصائده أو في أبيات معنى الشعر الحقيقي و ميزه  عن النظم و غيره   ..
فالحطيئة قد أبدى رأيه بالشعر معتبرا اياه أنه من الصعب الوصول اليه  خاصة بالنسبة للمرء الذي يحاوله  دون أن يكون عالما به و بأساليبه و أوزانه و قوافيه و مقوماته  .. فلا بد أن تنزلق به قدمه  .. يقول

فالشعر صعب و طويل سلمه ... اذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه
زلت به الى الحضيض قدمه ... و الشعر لا يسطيعه من يظلمه
يريد أن يعربه فيعجمه

  وقسم بعضهم  الشعراء الى أنواع  أربعة .  يقول أحدهم  :

الشعراء فاعلمنّ أربعة ... فشاعر يجري و لا يجرى معه
و شاعر من حقه أن ترفعه ... و شاعر يحوم حول المعمعة
و شاعر لا تستحي أن تصفعه

و من طرائف بشار بن برد  قيل :  أن أحد الشعراء جاءه يعرض عليه قصائده ليبدي رأيه فيها .. فقال له : يا ابن أخي  ! .. الشعراء ثلاثة .. فشاعر و شويعر و ابن زانية .. فأما أنا فشويعر .. و أما الباقي فاقتسمه بينك و بين امرئ القيس .
و قد أبدى عدد من الشعراء العرب  بعض آرائهم  في الشعر .. و قد أكد طرفة بن العبد أن الشعر هو ما جاء به الشاعر صادقا في عواطفه .. يقول

ولا أغير على الأشعار أسرقها ... عنها غنيت ، و شر الناس من سرقا
و ان أحسن بيت أنت قائله .. . بيت يقال اذا أنشدته صدقا

أما أحمد شوقي ، فيرى أن الشعر لا بد أن يكون عاطفة أو حكمة أو ذكرى  .. و الا  كان  نظما  لا حياة فيه  يقول :

و الشعر ان لم يكن ذكرى و عاطفة ... أو حكمة ، فهو تقطيع و أوزان

في حين أن الشاعر العراقي جميل صدقي الزهاوي يرى أن الشعر الحقيقي هو الذي يهتز له فؤاد المرء و تنتعش روحه .. و تلتذه مسامعه فينتشي السامع و يهتز له  طربا و نشوة  .. يقول :

اذا الشعر لم يهززك حين سماعه ... فليس خليقا أن يقال له شعر

و أقول  في أبيات :

هو الشعر بوح أو نسيـب و حكمة ...  اذا هزّ نفس المرء  فهو جميـــل
هو الشعر ما بـاح الضمير بسره ... و عبّر عنه  في الفــؤاد دليلُ
اذا الشعر لم يخرج من الروح نبضه ... فليس له نحـو الحياة سبيـل

و يرى الأخطل الصغير  ( بشارة الخوري ) أن لقب الشاعرية أهم من الولاية و الحكم  .. و أن أصحاب التاج أو التيجان ، يتمنون لو أنهم استعاضوا بتيجانهم بوفرة تحيط برأس الشاعر  ..يقول في قصيدته الرائعة " المتنبي و الشهباء " التي ألقاها  في عام 1965 في احتفال في مدينة حلب  بمناسبة ذكرى مرور ألف عام على وفاة المتنبي ..  يقول فيها مخاطبا اياه  :

أخا الوفرة السوداء ، كم ملك ... أعاضك التاج لو يوما بها اعتصبا

و الوفرة ، هي الشعر الأسود المجمتع حول الرأس
فهو يكني بعبارة أعاضك التاج  باعتصابه بالوفرة ، أي أن يمتلك شاعرية المتنبي  مقابل تاجه  ..  ثم يخاطبه بقوله  :

طلبت بالشعرِ دون الشعرِ منزلة ... و شاء ربُّك ألا تدرك الطلبا
اذن لأثكلتَ أمَّ الشعرِ واحدَها ... و عُطِّل الوكرُ لا شدوًا و لا زغبا

فهو يعاتبه لسعيه في طلب الامارة و الولاية وهي أدنى مرتبة من الشعر  .. و منزلتها أدنى من منزلته كشاعر  .. فيعتبر الأخطل الصغير أن مرتبة الشاعرية هي  أهم و أعظم من كل المراتب  .

ثم يبدي الأخطل الصغير رأيه ببعض الشعر الحديث  فيقول :

بعض الجديد الذي يدعونه أدبا ... يموت من يومه ، هذا اذا وُسبا

و سب : يقال وسبت الأرض . .أي كثر عشبها و اخضوضر

و يقال أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأل احد أبناء هرم بن سنان  .. و كان زهير بن أبي سلمى كثير المديح له .. و هو الذي يقول فيه :

تراه اذا ما جئته متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله

قال سيدنا عمر : ماذا أعطيتم لزهير لقاء مدحه لكم .. قال : أعطيناه مائة و ناقة .. و أعطيناه و كذا و كذا .. الخ .
فقال عمر رضي الله عنه : أعطيتموه ما يفنى .. و أعطاكم ما يبقى

....
خالد ع . خبازة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق