آخر المنشورات
السبت، 8 أكتوبر 2022
قراءة نقدية للأديبة التونسية حبيبة محرزي نص هيت لك
قراءة نقدية للأديبة التونسية/ حبيبة محرزي Habiba Meherzi في رواية "هيت لك" للكاتب رضا يونس .
مقدمة :الرواية هيت لك "رواية عاطفية رومنسية بامتياز بدءا بالغلاف وشجرة أوراقها قلوب مختلفة الأحجام والألوان مرورا بحبيبين يتناجيان تحت هالة القمر المبهرة وانتهاء باللون الوردي الذي حدد جنس المؤلف وعنوانه..هذا العنوان الذي يدخل في تناص مع اشهر قصة عشقية غرامية عرفها التاريخ ضمن سجل ديني *يوسف وزوجة العزيز" في الآية عدد 23من سورة يوسف ..حيث يقول تعالى: "وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلّقت الأبواب وقالت" هيت لك "..قال معاذالله....
وتعني هلمّ أو تعال .هي إذن نفس الظروف العشقية الرومنسية. إلى حد الآن فالتيمة واضحة .
رواية بأهداء استثنائي .اهداء ثمن المرأة وعدد خصالها وفضلها على معشر الذكور في لهجة تقريرية جازمة. رواية في ثمانية وعشرين جزءا بعناوين تحدد التيمة المقصودة في كل فصل بدءا بالبحث عن السراب مرورا بالفرار من التحرر وعبرة حائرة انتهاء بمعجزة .وهي فصول في نسق سردي خطي تتابعي وفق منظومة زمنية متلاحقة بمؤشرات تحدد الفترة وقد وردت وفق سلسلة من الأحداث والافعال والمشاهد التي اشتغل عليها الكاتب لتكون رغم رومنسيتها وما تتطلبه من تخييل وتمعن في الباطن من مشاعر واحاسيس والظاهر بكل ما يرى من حركات وانفعالات .
هي رواية بمواقف مغلقة اي ان بعض الفصول أو أكثرها تصلح أن تكون قصصا قصيرة ذات تيمة محددة وحدث تصاعدي وشخصيات تتحرك للتقدم بالحدث الرئيس. هذه التقنية تحسب على التحديث في الرواية وتغيير النسق العام والذي يعتمد على التصارع والتسارع الممنهج في الأثر الادبي .
والرواية مرآة عصرها .كل أحداثها تحيل على المعاصرة بدءا بالحرية في اختيار القرين مرورا بممارسة المرأة للرياضة وانتهاء بسفر البطلة دون محرم أو ذكر يرسم خطّ سيرها ويحدد أفعالها واتجاهاتها .
البناء الدرامي للرواية :
منذ الأسطر الاولى يأخذ المتلقي موقفا من السارد الذي وان بدا بسرد أحداث تبدو من واقعه المعيش فإن النزعة الرومنسية طغت على السارد وبدا كأنه ينقل لنا خلجات حب مر به ذات يوم رغم انًه اتخذ موقع الراوي المحايد واستعار شخصية طارق ليختفي فيه وهذا ما يؤكده بودلير والذي يبيح للقارئ أو الناقد أن ينغمس في تجربة مشاعر عبر عنها المنتج باحساسه اي ان الأساس هو التعبير عن انطباعات الفنان . لكن الصور الشعرية واعتماد البديع وكل أشكال التعبير التي تعودنا عليها في دمعة وابتسامة ووروميو وجولييت مثل الاستعارة والكناية والتشبيه...كشفت أن السارد ليس بريئا بالمرة .يقول في ص 8"خرجت الفراشة من شرنقتها نافرة ....التي كبلتها سبع سنين ..والعدد يمثل القرينة المانعة للمعنى الحقيقي .حتى الاطلال حاضرة وبقوة يقول عن طارق "لعله يعيش أطلال ظلها الوارف يوما..."
**عناصر القص :
اولها :الشخصيات :لقد قامت الرواية على شخصية واحدة "أميرة "وهي الشخصية التي تتواجد في كل درجات القص بأحداث متغيرة متنامية ولو بشيء من السلبية والضعف في مواقف تجعلها نهبا لشخصيات أخرى بعضها :
مساعدة تساهم في تطور البطلة وتحريرها من رواسب علاقة فاشلة مثل:
_ طارق الذي بنى آماله وأحلامه على حب بدأ محتشما في ظروف قهرية ليعرف قطيعة وتوقفا بزواج أميرة . هذا الحب سيظهر ويستمر في ظروف أخرى اعتمد فيها الكاتب الصدفة إلى حد كبير رغم أن الكاتب لم يقنع المتلقي بهذه الصدفة الغريبة وكيف تأسست وتقدمت لتصير واقعا معاشا.
_حصة :وهي المسؤولة إداريا عن النادي الكويتي لكرة اليد وهي شخصية جعلها الكاتب تتكفل باميرة منذ اللحظات الأولى .شخصية معينة بصفات ترتبها ضمن الخيرين المساعدين وهي شخصية ثابتة تؤدي الدور الذي عهد لها.يقول في ص67 انتقلت أميرة للإقامة مع حصة التي وجدت فيها أما بالاحتواء , توجهها وتحنو عليها.
_الطفلان :من الشخصيات الثابتة التي لم تؤد أدوارا مصيرية ولم يعيشا صراعا دراميا حتى بعد نشأة العلاقة بين أمهما وطارق. ليكوّنا النهاية المأساوية وكان الزواج المغشوش رحل بكل أسبابه ونتائجه
_مالك: الزوج المخادع العنيف المعرقل لطموحات البطلة والذي شوهه السارد تشويها يحمل غلا تجاه من أساء للحبيبة. واستغلها واستغل طيبتها. ..شخصية معيقة وهي شخصية نمطية يعج بها المجتمع العربي خاصة .
ثانيها: الزمكان . وهما اطاران تنوعا واختلفا بتنوع الأحداث وتقدمها منها اماكن مفتوحة مصر النادي وأماكن مغلقة مثل شقة أميرة وزوجها في مصر. بيت والديها .بيت حصة النادي المستشفى..المطار ... أما الزمان فقد كان مقيدا احيانا مثبتا في ص 89 يقول "في تمام الثامنة مساء" أو ببعض التظاهرات الرياضية مثلا او زمن تفشي مرض الكورونا في هذه الاعوام الأخيرة وهذا ما يجعل للرواية قيمة توثيقية تحيل على فترة ما مثلما أشار حسين في الأيام إلى تفشي الكوليرا .
الحبكة القصصية ارتبطت بالبطلة تتصاعد وترتقي إلى اعلى درجاتها بما كان يشتهيه الراوي ويحبذه ويتمناه أي نجاح العلاقة الغرامية بين طارق وأميرة والتي وصلت الذروة بالذهاب إلى المطعم والسهر وقبول الهدية ليكون السقوط المفاجئ المرعب بالنهابات المأساوية الموجعة المدمرة .نهاية كشفت ما في نفس السارد من انكسار موغل في الأسى خاصة وأن الكاتب تحدث عن رياضة كرة اليد من منظار العارف بالتقنيات والترتيب والمقابلات وهذا يجعلنا نسأله :هل كنت يوما لاعب كرة يد أو مدرب أو مسير لانه وفي الحقيقة فالسارد هو طارق لذا فقد جمله تجميلا وجعله ملاكا يتحرك برومانسية نادرة .
*الاساليب :
لن تواترت الأحداث بسرد ممتع فإن الكاتب يعطل السرد في عدة مواضع ليصف مشهدا أو شعورا أو منظرا وبذلك يقرب الصورة من المتلقي وكأنه يجعله يعيش اللحظة .
الحوار أيضا حاضر وبقوة وهو مباشر أو بالنقل "عن" والحوار كشف نفسية المتحاورين وطباعهم وميولاتهم وحتى مشاريعهم .والسارد عليم بالظاهر والباطن فيقول في ص87" وكأنها توقعت ذات السؤال فأجابت..."
الخاتمة رواية بأحداث حاول السارد تحذيرها في المكان والزمان وبشخصيات حرمها في اتجاهات مختلفة .اتجاهات تخدم فكرة أو تجربة أراد أن يقبض عليها قبل أن تتبخر الجزئيات في غيابه النسيان .
تجربة عشق وحب رومنسي لكن البطة، وان سارت بالاحداث نحو التأزم فإنها بدت شخصية مثالية صورها الكاتب ملاكا تعيش الإساءة والضغط .شخصية بدت منهزمة لسوء اختيار الزوج السيء وانتهت نهاية مأساوية جدا ستجعل منها بطلة تراجيدية فاشلة في الزواج والامومة والحب.
السؤال الذي يطرح على الاستاذ رضا يونس :من طارق؟.
حبيبة محرزي
تونس
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق