**وَشْمُ جَدّتِي.. **
كانَتْ جَدّتِي.. تَستَقبِلُ الفَجرَ
بابتسامةٍ راضيةٍ مَرْضِيّةٍ
تَشْرَعُ في الوُضُوءِ خَاشِعةً
تُشْرِعُ نَوافِذَ يَوْمِهَا بَالحَمْدِ و التّسبِيحِ..
وجهها المشرق بوداعة الطيبين
يأسر قلبي الطفل
و سائرَ قلوب اليافعين
حتى كأنها جدتهم جميعا
الجميع نام على ركبتيها
و زاحم للظفر بلقمة من يديها
و الجميع بكى يوم وداعها
بحرقة الدمع السّفيح ..
كانت جدتي..
أجمل الناس في عينيّ و قلبي
بشموخ وقفتها.. لم يحنها العمر
بحكاياها عن مغامرات الموت النسائية
عن الجازية الهلالية
و وشمها المرسوم على مقبض السيف
عن الدزاير الغيلانية
و اغنية الابن المغدور في زمنٍ آخرَ للحيف
كنت أرى وجهيهما في وجه جدتي..
في الوشم الأخضر المرقوم
يلوح من تحت لماها
و على الخدّ المليح..
كم أحبّ وجه جدتي..
كم أحبّ لثم وشمها المعجون بعشب الأرض
بضوع العنبر و القرنفل من سخابها
برائحة الطين المبلل من طيات ثيابها
لكأنها جاءت من مملكة انطالاس الذبيح..
ترسل جدتي بالدعاء لنا و للوطن تمتماتها
كلما أنهت صلاتها
كلما نثرت بقايا الخبز من تنورها
لعصافير الصباح
كلما علقت عينيها شرقا
على حمرة الغسق الفسيح......... ( يتبع)
**كوثر_بلعابي **
(من مجموعة شعرية جديدة بصدد الإنجاز نعلن عنها في الوقت المناسب )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق