أتى الطّاعون
نبحتُ مع الكلابِ على الذّئابِ***فهاجَمني الكثــيرُ من الذّبابِ
بحثتُ عن المُـــبيدِ فلمْ أجدْهُ***وحارَ الذّهنُ في هذا المصابِ
وكان عليَّ أنْ أجدَ انفــــراجاً***لأنّ الغزْوَ جاءَ معَ الضّـــبابِ
شكوْتُ إلى ابْنِ آوى سوءَ حالي***وقدْ قرأ التّـظلّمَ في الكتابِِ
وأخـــــــــبرني بأنّ العدل آتٍ***إذا مَنحوا القضاءَ إلى الغرابِ
////
دفنتُ النّفسَ في الأدغال لمّا***تعطّلَ مَنــــــطقي فِقْهاً وَفهما
وجدتُ بأنّني بشرٌ ضَــعيفٌ***وأنّ الجــــــسمَ كانَ دماً ولحـما
فكيفَ سأستطيعُ كفاحَ عدْوى**سينشرُها الذّبابُ أذىً وظُلما؟
ستفعلُ ما تشاءُ بمنْ تعادي***وترجُمُ بالوباءِ النّاسَ رجْــــــــما
وعند بلوغِنا سَقْف التّردّي***سنصـــــــــبحُ عندها أجلاً مُسمّى
////
أتى الطّاعونُ فانتشر الجنونُ***وأُوصِدَتِ المـــسامعُ والعيونُ
وشاء النّاسُ أن يلدوا كثيراً***ومن جُهلائهمْ بدأ المُـــــــــجونُ
تربّعَ فُحْشُهم فوقَ القضايا***وفي أعقابــــــــــــهمْ سارَ البنونُ
فنادى مِنْ مَساجِدنا المُنادي***وقدْ مُلئتْ بأمّتنا السّــــــجونُ؟
فكان جوابُ من حكموا بلادي**أتى الطّاعونُ يصْحَبُهُ الجنونُ
////
أروني في بلاد المــــــسلمينا***عدالةَ من أداروا الحكــم فينا؟
ألمْ ترَ كيفَ أصـــــبحْنا رقيقاً***نُقبّلُ في الأيادي راكِعـــــــينا
كأنّ رؤوسنا انفصلتْ علينا***أمامَ الحاكمينَ الظّــــــــــــالمينا
فهل حُدّثْت عن أيْتامِ عصْرٍ***تجسّدَ ضُعفُهُمْ في المــسلمينا؟
يحارِبُ بعضهم بعضاً بعنفٍ***تجاوزَ في الوحوشِ المُرْعِبينا
////
يُهَمَّشُ في مَواطننا الرّجالُ***ويُنْتَـــــــــــخَبُ النّواطرُ والبغالُ
كأنّ بلادنا انقلبتْ علــــينا***فساءَ الحالُ واخـــــــتنقَ السّؤالُ
وفي الغاب الوحوشُ قد استبدّتْ**فكان وراء سطْوتِها الوبالُ
وَولولتِ البهائمُ في بلادي***مـــــــــخافةَ أنْ يُداهِمَها الزّوالُ
وما الطّاعونُ إلاّ داءُ سلّ***سيخْــــــــــــــنُقُنا بنكْستهِ السّعالُ
////
تحرّكْ فالحراكُ لنا قدرْ***لِنُصْبحَ في الشّـــــعوبِ من البشرْ
تحرّكْ كيْ نُحرّرَ ما تبقّى***ومنْ رفضَ الحراكَ فقد نَكَرْ
وعلّمْ ما استطعتَ لعلّ يوماً***سيولدُ منْ تَدَبُّرِنا القــــــمرْ
فنشأةُ مطلعِ القـمرِ الهلالُ***ونورُ الشّمسِ يولدُ في السّــحرْ
وما استِحْـــمارُنا للنّاسِ جهلٌ***ولا التّحــــقيرُ في وطني قدرْ
////
شقاءُ النّاس مصدرُهُ الوجلْ***وحتْفُ الخلقِ يحْـــكُمهُ الأجلْ
نخاف من الوفاة ونحن موتى***ونطمع في الوصول بلا عملْ
نرى الأقوام تجتهد اجتهادا***وتصنع ما تـــــــشاء من الأملْ
ونلهث نحن خلف الجنس ليلا***وفي وسط النّهار على عجلْ
كأنّ جسومنا غلبــــــت علينا***فوجّهت الورى صوب الحيلْ
محمد الدبلي الفاطمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق