في معارضة لقصيد أضحى التّنائي لابن زيدون
* بالأمسِ كنَّا *
بالأمسِ كنَّا و كان الودُّ يجْمعُنا
و اليومَ في اليمِّ قد تاهتْ مراسينا
لا الشّوقُ دام كعبْقِ الورْد يغْمرُنا
فيومرق زهرُ اللوْز أحيان تلاقينا
بل اسْتحال فِجاجًا فجّة وجوًى
رياحُ قفْرها طِيعًا في وَجانينا
حسدْنَك في بهاءٍ كنتَ تزْهو به
و العهْد صافٍ و خمْرُ الوصْل ساقينا
فيسْتبدُّ عنادا صارخا حِممًا
منْ فوق بِيضٍ يواقيتٍ مراجينَا
تغارُ منكَ عليْه الشمسُ و الشُّهبُ
و تنْحنِي حين تلقانِي تَغازيلا
يصُدُّها الشَّوق ذاك ... تغْدو يائسةً
لٍطيفكَ موْتًا ... و أيْكٍ كان يأْوينا
و كنتَ تُنشد وجْدا شاكيًا ولَعًا
" شوْقا إليْكمْ ... و لا جفَّتْ مآقيِنا "
و كنتَ تُمضي الليالي حائرا أرقاً
تملمِل النَّوم حينًا ... ساهدا حِينا
لا الوجْد دام و لا الشَّكوى اغتابتْ زمنًا
بل انْبرتْ هجْرا ... وداعًا باتَ يُدْمينا
أتذْكرُ العهْد كمْ كانتْ تُلاطِفنُا
حمائمُ الوادي بالهمْس ... فتدْنينَا
و يرْقصُ السّيسبانُ عنْد مطْرحِنا
و التُّربُ ترْطبُ سجّادا ياسَمينا
و الْغيدُ ينْعسْن هُدبا فِي نَواظِرها
خجْلى ...فتُذكي المُلتقى فِينا
ألستَ تذْكر شجْوا كانَ يطْرحُنا
إذا سرى بيْننا الْواشي و ناهِينا
و كمْ مَرارًا سقانا البُعد و العَذل
إنْ أنت ناسٍ ...فلا انسابتْ سَواقينا
وَ لا طلَعتْ شمْسُ فجْرٍ عنْد مشْرقِها
و لا أمطرتْ مطرٌ فوقَ رَوابينا !
زهرة الحوّاشي .
(من كتاب حرف و دمعة)

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق