و أهرب إلى الشارع الخلفي ...!؟ --- مراد ساسي
في مرايا الشوق البعيد
من نمش لابتسامة خلاسية
سرت كقشعريرة في حبل المشنقة
دارت أيام العمر...
دورتها الاخيرة ..
.وناءت باشتعال غصون الله...
يا الله..انفلت مني فرحي ذات مساء..
وفيروز تطارح مجدا ...
هرب إلى الشّارع الخلفي ،
".لا تندهي ما في حدا ..عتم وطريق وطير طاير عالهدا …مع مين بدّك ترجعي بعتم الطريق"
مازلت في تنهيدة البيوت غريبا
والدموع حارة مهجورة ...
هرمت في اقتفاء خطى العمر
وفيروز...تغنّي ...
وتغنّي ...
تغني لقلبي الطفل الموعود بالرجوع حتى يعود اليّ
"... وما في حدا ...
يا قلب آخرتنا معك تعبتني ..."
"غير السماء وغير المدى
ما في حدا ..."
تلك الأغنية لم تنته
لازالت تهبّ على جدار الرّوح
تهدمه وتمضي
أمعن في الفرار ..
و المدينة توزع حزنها
على طرقات القلب اللقيطة
تطلق عصافيرها العمياء
في الضلوع زقزقة ...
كآخر حبة بكاء كسيحة
لا أجد الدموع..!
اعتّق جرحي الوردي في جرار القلب
وساقيتي من خمرها شاردة...
لم لا تجد الخمور طريقها إلى الحلق...؟
على مضض الرحيل أدوس ساقيتي ...
كي لا يشعلني جمر الحنين ..
امضي ...
ولا امضي ...
أراني في مرايا الضّجيج
أشبه حتفي ...
واهرب إلى الشارع الخلفي ...
الآن..
امشّط حزني البدويّ ..
نفذت منّي فصول العمر
اغمض شبابيك افدح الذكريات
اقفلها كآخر معابد الوثن
كآخر قاعات الرّقص ...
أعلن نبوتي الكاذبة ...
ادفع بها ...
لرحيل الحزن ما استطعت!!
بما بقي من ندم في الطريق الى القيامة ...
كي أرى الله ينثال في جسدي ...
فوق اسفلت غسق قتيل ...
تأرجحت في موّالها الأخير خطاي،
من أغنية بعيدة...
اهملتها يد الريح في جماجم الماء ...
أدوزن حنجرة ..صدئت في فراغ دمي
من صهيل الحصى في الذاكرة
لم تعد الاغاني ممكنة ...
لم يجب غير الصدى ،
وعدوت...
عدوت ...
والجسد تداعى في وجع المنحنى،
شظايا لسنوات جرح
ثأر قديم..!
كبكاء وتر كمان الوريد
في رجفة صوت الغريب
على إيقاع الشّارع وصرير الأقدام ...
أختلس في الممرات الضيقة
عتم نوافذ العمر وأمضي وحيدا
والمدينة أطرى من موّال اندلسيّ
منسيّ على حجر ،
سقطت من خطاي
تمعن في الفرار مني...
على هسيس جثة يسحبها الصمت
يخطئ القلب تنهيدة
فرّت من وصايا جفت على شرفات
أصابع فرح
أصابع ...
كسرتها عربات الحنين..
انتهيت ...
و تلك الأغنية لم تنته
لازالت تهبّ على جدار الرّوح
تهدمه وتمضي / --مراد ساسي -/

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق