تغريدة الشعر العربي
السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
***********************
( ثَوبي .. هَويَّةٌ ! / للبحر ذاكرة هرمة )
الشاعرة و الكاتبة السورية / نبيلة علي متوج ٠
لا المسافاتُ
وَلا الأيّامُ تُؤرِّخُ
غَيرَ المَحبَّةِ!
هدِيلُ حَمامٍ
قِبابٌ مِنْ غِيُومٍ وَعَسْجَدٍ
تَرْتيلةُ صَلاةٍ مِنْ بَنَفسَج
جُسُورٌ مِنْ رُؤىٰ
قَداسَةُ نَدًىٰ
صُبْحٌ لَمْ يُولَدْ!
وَجهُكَ الوّضَّاءُ...
صَيَّرَني...
في زَمَنِ الوَغَىٰ..
حُبًّا مَمْنُوعًا ٠
( من قصيدة : اعترافٌ متأخرٌ)
٠٠٠٠٠٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
نتوقف في هذه التغريدة الشعرية مع شاعرة من الشام من أرض الياسمين زهراء اللاذقية التي سكنت ظلال القصيد منذ نعومة أظفارها بين أحضان الطبيعة الفيحاء حيث الجمال و الحب و الشجن و أخيرا الصراعات التي تحدق بالوطن المفدى التي تحمله بين ضلوعها تناغيه بأبجديتها الساحرة بمقاطع شعرية تسردها في لوحاتها الرائعة و التي تترجم لنا مدى صدق مشاعرها من زوايا تنم عن روحها الوثابة التي تتوق في الأفق تحلق من فيوضات البراح في تفاعل متنامي لعشق أبجديتها التي تعشقها و تعكس ملامحها فواصل و مراحل في منعطف عملية الإبداع الفني داخل السرد و قصيدة النثر التي تجدها مرآة واسعة لعالمها الرحب تعبيرا في السلم و الحرب معا ٠
كسائر المرأة العربية في الوطن الكبير فهي ليست بمعزل عنهن شكلا و مضمونا بل همزة وصل تتلاقى فكرا و وجدان ٠٠
لتثبت لنا إنها حقا من موطن الأبجدية الاولى ...من بلاد الياسمين سورية الحبيبة ٠
و تمضي لتقول لنا مقولتها الأسيرة :
أهوى الجمال في كل شيء .... أعشق الكلمة الجميلة ولكنني مازلت أحبو على دروب الشعر ٠
أليست هي القائلة :
حوريَّةٌ أَنَا...
سَبِحْتُ في بَحْرِ كلماتِكَ
مَعَ حُرُوفِ اللَّازُورْدِ
لَبِسْتُ غِلَالَتي،
وَ أَطْلَقْتُ أَجْنِحَتي
عِبْرَ مَداكَ
كَمْ كَتَبْتَ قَصائِدَ وَردِيَةً!
حُلمُكَ المُقَدَّسُ أَنَا
صَلاتُكَ لِلرَبِّ
تَدْفَعُنِي لَهْفَتي،
فَأَنْسَلُّ بَينَ حُرُوفِكَ
أَتراقَصُ...
فراشاتٍ
أمْلَأُ عالمَكَ ياسَمِينًا
أَظْمَأُ وَ أَرْتَوي
تَمْتَلِىءُ بي
بِهَمسي وَ عَذْبِ حُضُوري
أَدمَنْتَني وَ..كَفَىٰ! ٠
* نشأتها :
======
وُلدت الشاعرة و الكاتبة السورية نبيلة علي متوج ، بمدينة اللاذقية في سوريا الحبيبة ٠
و هي خريجة كلية العلوم فرع رياضيات.
تعمل في القطاع الصحي كإدارية جامعية و مديرة إدارة صحية ٠
و هي الآن متفرعة عن العمل لإتمام مشروعها الثقافي ٠
* إنتاجها الأدبي :
----------------------
- ديوان (نبض مشاغب) مطبوع ٠
- قيد الطبع (للبحر ذاكرة هرمة ) ٠
- مشاركة مع 100شاعر عربي في موسوعة صليل الحروف الصادرة عن دار الفراعنة بالقاهرة
وفي الذخائر الصادرة في مصر ٠
- وفي ديوان العرب الكبير الصادر في العراق عن مؤسسة الكاظمي ٠
- لدبها خمس دواوين شعرية إلكترونية ٠
- كما صممت من قبل الملتقيات التي كانت تنشر بها كهدية لها
(ديوان نبيلة متوج ) صادر من منتدى نسمة ياسمين ٠
- ديوان ( حورية أنا )صادر عن منبر الادب العربي والعالمي والليبي ٠
- ديوان ( عذراء الحروف )
- ديوان ( وحب ياسميني اللون )
صادران عن منتدى أوتار النور ٠
نحس بنبرة الشجن المشفوع بالوجع الذاتي الذي يتفاعل مع الهم الكبير في حالة فوران ،
وفي كلا الديوانين قصائد تصور الحياة العامة والشخصية وقصائد وجدانية وواقعية بلغة سهلة من يقرأها يظن أنها كتبت خصيصًا له، تحاكي واقعه وأحاسيسه وفيهما قصائد محاكاة لقصائد شعراء عالميين.
* مختارات من شعرها :
===============
و نطالع بعض حصاد قصائدها المتنوعة في الغرض حيث نتأمل خلاصة مرثيتها لنفسها كمالك ابن الريب الشاعر الجاهلي الذي رثى نفسه و يصور المشاهد و هو على قيد الحياة ، و نلمح قصيدة نبيلة متوج في هذا المضمار قائلة:
نظرت في مرآتي
أرى وجهي وزحف السنوات
عليه ...
طالعتني وجوه من أحب
جميعهم رحلوا
على الضفة الأخرى
يضحكون ؛
لوحت لي أمي ...
ضحك أبي
رأيت زوجة أخي
أعمامي وأخوالي
صديقاتي ...جيراني
امتلأت صفحة مرآتي
بوجوه كنت أظنها نأت
كأنوا أقرب من نبضات القلب
ضاحكين ؛ مستبشرين
تطل من أعينهم نظرات رضا
وشكر
لكني وحدي كنت ...
صغرت صورتي في المرآة
تلاشت ؛
اتسعت صورهم وضحكاتهم
تساءلت ...
لماذا لبست ثياب حداد
توشحت كلماتي بالسواد
لماذا ذرفت دموعا"
حملت وردا"
وأشعلت بخورا"وشموعا"
هم عند رب رحيم ...
لماذا كتبت فيهم رثاء
كان يجب أن أهنأهم .
وأرثي نفسي .
(( يانبيلة ))
مادمت تدركين
أنك ستتركين دار فانية
وتنتقلين لدار أوسع
تلتقين من أحببت
لم' أنت حزينة ؟
يجب أن تحزني على نفسك
وحدتك ؛ ليلك الطويل
هناك ...
في العالم الأخر
نور و سرور
رضا ؛ أمان .....
هنا ....حزن ...برد
فقر ....وباء ...بلاء
رويدك ياقلب ...
ضاقت بي الحياة
وأنا أبحث عن نور ٠
***
(عيناك والبحر)
عَيناكَ وَ البحرُ
قصةٌ ما أعجبُها!
بدايتُها دِفءُ عَينَيكَ
فَيروزُهما الشّفافِ.. نهايةٌ لها
ذاكَ المَدىٰ الشّاسِعُ
حكايةُ نوارسٍ مُستَفزَّةٍ
تُكسِّرُ الأمواجَ
علىٰ شَواطِئِ الأحلامِ
مَلايينَ الأماني
مُوسيقَىٰ الياسَمينِ
لِمَ تُسْرَقُ إشعاعاتُ فَجْرٍ
وَ ضَفائرٍ
وَ تُصْنعُ مَشانقٌ للنوارسِ؟
يُطاردُونَ غزلانَ الوَطنِ
وَ يَمنحُونَ نَسْلَ الأفاعي
جغرافيةَ حَياةٍ!
عَسىٰ أنْ تُسْتيقِظَ الأرضُ
مِنْ أحلامِها
عَلىٰ خَرْخَرَةِ الينابيعِ
تَنثرُ البَنفسجَ
أبيضَ، وردي
وَ أشعاعاتٍ قَرمزيةً
بِحزنٍ ذَهبي
عَلىٰ شفاهِ الصَّبايا
تُطرِّزُ وشاحًا
قُبلاتِ العِشاقِ
وَ يَتحدُوا لِيعطُوا
سـَنابُلَ فرحٍ
عَناقيدَ ضياءٍ
لِمَنْ استَوطنَتْ أنفسُهم
سماواتِ العُلَا
وَ اَزدانَتْ بِهم نجومُ السَّما
لَعَلَّني أضفُرُ زهرَ الياسمينِ
إكْليلَ غارٍ
لِحسناءَ تُعانقُ فتًىٰ
يَرفعُ عَلمًا
عِندَ ميناءِ الخلاصِ
عَيناكَ وَ المَدَىٰ
حُروفٌ زرقاءُ
بِلونِ الأحلامِ
تَغفُو بِهناءٍ وَ سلامِ! ٠
***
كما تنتقل بنا الشاعرة نبيلة متوج في قصيدة أخرى بعنوان (أنثى مختلفةٌ) تخبرنا إنها تختلف عن النساء تحمل رسالة صادق بمثابة قدوم الربيع الذي معه تحضر الأرض و ينبض القلب حبا و يختلط الدم بالبنفسج يحكي عبقرية هذا الإنسان المسكون بموال الأرض كطير يحوم في فضائه لا يبرحه برغم التناقض الذي يداهمه :
صادقتُ الربيعَ
حرثتُ لهُ أديمَ قلبي
نثرتُ بذورَ الحُبِّ...
وَ الهناء
عندما فاضَ الدَّمُ
في عروقي...
أزهرَ البنفسجُ على...
ضفافِ قلبي ،
عَرّشَ الياسمينُ،
على شُرُفاتي،
أهدى الأرضَ عبيرَهُ
صارَ ثغري موطنَ الفراشاتِ
سالَ رُضابي شهدًا وَ شفاء
تَغَيَّرتُ...
لستُ كباقي النساء
على كتفي أعشاشُ الطيورِ
مِن حولي.. هَدَيلُ الحَمامِ
اِمتلأتْ رحابي تغريدًا
وَ غنا ء!
يومَها...
رقصتْ نسائِمُ الهواء
سَعُدَتْ المواسمُ
لبستْ أثوابَ الفرحِ
أمطرتْ غيثَها
عِطرًا و هناء
عندما تصاحبنا...
أنَا و الربيعُ،
ما عِدْتُ كباقي النساءْ
مِن لحمٍ وَ دماء
صِرتُ مشكاة نور
تلوذُ النجومُ بي...
يسهرُ القمرُ على راحتَي
يحكي الحكايا
ينثرُ ضوءَهُ الفضّي
بِسخاء! ٠
***
و نختم لشاعرتنا نبيلة علي متوج بهذه القصيدة الرائعة تحت عنوان (ثَوبي .. هَويَّةٌ!) حيث تعتز بلغتها و قوميتها و تاريخها و موطنها و تلقي بكل أمالها التي تطمح من خلال رؤيتها لخريطة تعانق أحلامها وسط التحديات فتقول فيها :
أَنَــــا عربيةٌ
سوريةٌ، فلسطينيةْ
لبنانيةٌ أو مصريةْ
ثوبي إرثٌ وَ هويةْ
طَرَّزتُهُ بأعنابٍ وَ سنابلْ
منْ زهورٍ بريَّةْ
صارَ بستانًا وَ جنَّةً
طرَّزتُهُ بعصافيرَ وَ أطفالٍ
أشجارٍ وَ حجارةْ
أَصبحَ وَ أمسىٰ لي..
عُنوانًا وَ هويِّةْ
لهُ ألفُ لسانٍ..
غَدَا ثَوبي هويةً وَطنيَةْ!
وَ الشَّالُ وَ الكوفيَّةْ..
يَحكيانِ قِصَّةَ وَطنٍ وَ قضيّةْ!
وَ حكايةُ ثوبٍ عن صاحبِهِ
ألفُ محاضرةٍ وَ بيانٍ
أَتُوهُ بهِ فخرًا
في سوريَّةْ
في فلسطينَ أو لبنانَ
أَشْهَرُهُ في وجهِ العِدَا
عربيَّةٌ.. عربيَّةْ
لا يُرهِبُني الطغيانُ
فالثوبُ يحكي
بكلِّ اللُغاتِ
لوحةٌ يرسمُها فنانْ
موسيقًا
يفهمُها العالمُ
أنغامٌ عَذْبةٌ وَ ألحانْ
ما أجملَ ثوبُ القدسِ وَ يافا
ما أحلـىٰ ثوبُ بَيسانْ
وَ عروسُ البحرِ اللاذقيَّةْ
ترفلُ بالحُسنِ
دمشقُ الفيحاء، ديرُ الزورِ
كلُّ البلدانْ!
يا صبايا سوريَّةْ
يا صبايا العُربِ
الشَّالُ يليقُ بكُم
وَ العِصَابَةُ وَ الزّنارُ
فستانٌ زاهٍ بالألوانْ
بالوردِ وَ الغارِ..
وَ لونُ البراءةِ وَ الحُبِّ سيدُها
لَونُ وُقارْ
هـٰذهِ حضارتُنا
مُنذُ آلافِ السِّنينَ
وَ بدءِ الأزمانِ وَ الأكوانْ
هذا إرثنا.. للأجيالِ
يا مَنْ تفكرُ
تطمسُ لنا أثرًا
نحنُ خَيرُ أُمَّةٍ.. وأرقىٰ
من كلِّ البلدانْ
لُغةُ الضَّادِ لغتُنا
لنا موعِدٌ بالنَّصرِ
انتصارُ سجينٍ علـىٰ السجَّانْ
أَوَ تسألُ مَنْ أنَــا؟
بلدُ الزَّعترِ البرّي
زهورُ الياسمينِ وَ الليمونْ
بلدُ النَّاي وَ الموالِ
وَ الرجعِ الحزينْ
أنَا منْ بلدٍ أسمُها
محفورٌ في التاريخِ
منْ رأسِ شمرا
منْ بلدِ الياسمينْ
أَنَــا قبلةُ الدِّينِ
مِنْ هُنا مَرَّ المرسلُونْ
أَنَــا جِسرُ الوُجودِ.. وَ العَدَمْ
منْ أرضي نهضَ الفاتحونْ
أَنَــا قلعةٌ شمَّاءَ رُغْمَ الخُطوبِ
وَ الجِراحِ وَ الحُروبِ
عَصيَّةٌ لا تُطَأْطِئُ الجبينْ
منْ بلدِ الشامِ
أَرضُ الحِصنِ الحَصينْ
رُغْمَ أُنُوفِ الحاقدينْ!
و بعد هذا العرض الموجز لعالم شاعرتنا السورية نبيلة علي متوج و التي جمعت فيه أطياف من لوحاتها الشعرية في قالبها المتطور سردا و نثرا كي تعبر عن الحب و الجمال و الحلم و الوجع و أغنيات الوطن الذي يعشقها و تعشقه في ثنائية لا انفصام فيها دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد لتغريدة الشعر العربي إن شاء الله ٠

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق