مقتطفات من روايتي
في تلك الليلة الّلعينة قال له فرانسوا وهما يتسامران تحت خمائل نادي الفروسيّة.
ـ أليس اليوم هو عيد ميلادك يا رئيسي وصديقي العزيز
كبّ فريدريك كوب الجعّة في حلقه وقال مبتسما:
ـ لم أتعوّد الاحتفال به لكن إن جاءتني هديّة فسأقبلها بسرور.
ـ هديّتك وصلتك، لقد مررت على منزلك ووضعتها لك في غرفة الضّيوف. يجب أن تراها الليلة قبل نومك، عدني بذلك
ثمّ رفع كأسه ضاحكا
ـ لنشرب الّليلة على نخب جمال الخيول العربيّة الأصيلة.
ـ مجنون، هل أدخلت حصانا إلى الغرفة؟
ـ هيهه، هيهه، لنقل مُهرة عربيّة أصيلة ذات جمال أسطوري لا يليق إلا بك.
ـ أتمنى ألا تفعل ذلك، مقالبك دوما سخيفة.
ثمّ نظر إلى الظّلمة الجاثمة خلف أنوار النّادي في هدوء المُتمتّع بمحيطه. تأمّله فرانسوا مُفكّرا في مسلك يعبر به داخل هذا الكائن الذي يعتبره غريبا بأفكاره المُنحازة لصالح السكّان المحليين للبلدان المُستعمرة فقال:
ـ خلال نزهتنا التي أصبحت إقامة مطوّلة في ربوع هذه القارة السمراء برمالها الحارقة وحجارتها المُتكلّسة.
ـ وواحتها الغنّاء وأدغالها العذراء.
هكذا واصل فريدريك توصيفه بنغمة المُتمتّع بسحر الأمكنة.
ـ العذراء، ادغالها العذراء!
قالها فرانسوا راحلا بخياله إلى تلك التي سجنها في دار فريديريك. "حتما هي عذراء. هل يستطيع
فردريك مقاومة ذلك الجمال والحسن؟ ضف إلى ذلك نظافتها التي قلّ إن شهد مثلها في مداهماته للقرى والقبائل في تونس والجزائر."
ـ يا عزيزي فريدريك، الأدغال العذراء فاتحة ذراعيها لنا نحن الأوروبيون لنغوص فيها ونتمتّع بها
ألا نحتاج تعويضا يليق بما نقدمه من خدمات لهؤلاء الرعاع؟
واصل فرانسوا حديثه سالكا دروب حكايات عن الجنس والمتعة.
ـ أليس حلم كلّ أوربي نزع اللّحاف الذي يغطي أجساد النساء العربيّات بطريقة بدائية، الخرق يا عزيزي سيكون مرّتين حينها تتعاظم النشوة وتُختبر الفحولة المتفجّرّة في دهليز المهبل. عندما تغرس قضيبك في إحداهنّ فكأنّك غرستَ سيفا في شعب كامل. ألا تغريك لعبة الماتشو؟
كم يروق لي ذلك العبث المثير للشهوة عندما أصفع الزوج أمام زوجته والأب أمام أبنائه في بيته. كم هو بديع إذلال أولئك الديّكة الذين ينعمون بحرملك نساء.
أحسّ فريديريك وكأن عقله في حالة عجز عن التّفكير رغم إدراكه الرّافض لمنطق المعمّرين وإلى الآلة العسكريّة القمعية التي هو أحد عناصرها. فصار يقطع ببصره المساحات الماثلة أمامه ليقتنص ما يريحه ثمّ يعود لفرانسوا الذي بدأ يحكي عن مغامراته في ماخور "بوسبير" في الدّار البيضاء بالمغرب وكيف كان يعمل مع الفرقة العسكرية التي تقوم بجلب الفتيات والنساء من الجزائر وتونس والمغرب للتنفيس على جنود فرنسا وحلفائها الإنجليز والأمريكان. رغم السّحابة التي غيّمت على عقل فريديريك إلا أنه قال:
- ماخور "بوسبير" ذلك المبنى في حيّ درب السلطان بالمغرب، المتماهي في معماره مع أذواق الأوربيين الاستشراقية. هناك بين أسواره العالية ذات الحراسة المشدّدة تتواجد المرأة الشيْ، المرأة الخاضعة، ورقة إغراء يُلوّحون بها، لهذا السبب نجد الكثير ينظمون للجنديّة.
ـ صحيح، وأنا واحد منهم يا عزيزي فريدريك جئت للتّمتع بالنساء العربيات والبربريّات السّاخنات،
آه يا فريدريك الحبيب هنّ بركان متأجج تحت جبل من جليد. اشرب، اشرب. الخمرة هي السلوى في هذه القفار الكالحة. كم أشتاق إلى ليالي وأنوار باريس الصّاخبة.
هادية آمنة تونس

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق