تفاعل الصديقين الناقدين: صالح مورو ( تونس) وخالد الصلعي ( المغرب) مع قصيدتي : من يطهرني..من دنس الركض ؟!
صالح مورو :صديقي العزيز "خالد الصلعي"... وأنا أقرأ هذه القصيدة،داهمتني أفكار وأحاسيس أوحشتْ كياني،وزرعتني ذهولا استعصى عليّ تحديد مداه،فتراءى لي عن بعد خيالك وأنتَ تنزل الدّرج الافتراضيَّ المعتاد،بخطوة الواثق من قدمه على السّطح، والنّاظر إلى المُقبل بارتياح وترحاب..مع ابتسامة تكادُ تُخفيها ولا تُخفيها... هكذا تراءى ليَ الأمر، ففكّرتُ في وضع القصيدة على جداركَ..ولا أدري لماذا..؟!
اِقرأها إذا،أو ضَعْهَا وراء الجدار...
«مــَن..يطهّرني من دنس الركض؟»
كنتُ كما كان جدّي نبضا..يخاف السقوط
بفوهة المستحيل
ويخشى سهاما تصيب من الخلف..من ألف خلف
تخدش الرّوح
تطيح بأضلعنا... في منعطف للثنايا
وترسلنا إلى الموت في موعد غامض..
وكان أبي مثل جدّي تماما..أصفى من قمرين معا
يحبّ الرحيل..إلى أيّ شيء
يحبّ بلادا ويرحل عنها
لكنّي أراه يكفكف دمعا
كلّما رأى برعما غضّا يتهاوى
أو كوكبا مستفيضا..يتشظى
ثم يستحيل في هدأة الفجر
شظايا..منثورة في الفضاء
..ههنا الآن وحدي على مقعد لست فيه
أهذي لأسمع نفسي
أتحسّس درب اليمام على سطح قلبي
أستعيد ولادة عمري
أدافع عن زهرة لوز
تضوّع عطرها بين الثنايا
* * *
ههنا جالس حيث يعرفني الغرباء
أرنو إلى وطن.. كلّما قلت أنسلّ من عشقه
أفرد للنوايا بساطا..وحمّلني وجعا مبهما
لا..ما عدت أستطيع التحمّل
كأنّ عطر الفتوّة قد تلاشى
كأنّي جئت من زمن آخر كي أكون هنا
لحظة أو أقلّ
كأنّ وشم أمّي لم يزل يطاردني في المرايا..
كأنّ الرفاق الذين عاشوا في ضوئهم..قد مضَوا
أو تواروا في الغبش وراء الغيوم
ماتوا من ضوئهم..
وأنا..ها أنا أجلس خلف جدار العمر أراقب طيفهم
غدا ربّما أسعى إليهم
وأحمل حنيني على كتفي
أقول غدا ربّما...ربّما
أمضي في الغيم بين ثنايا المدى
علّني أستردّ ما نهشته الجوارح من مضغة القلب
وأصيخ السّمع مع الرّيح،إلى جهة المستحيل
فقد- كفّت-الكأس-عن فعلها فيّ مما تداويت
واستبدّت بأوردة القلب مملكة للمواجع-
تنهش الرّوح
توغل في التشظّي
وتؤجج خلف الشغاف
جمر العشايا..
وما ظلّ في خاطري الآن إلاّ حنين
يتذاكى،ويحملني دون إذن،على مركب اللّيل
كأنّي مع النوارس على موعد للرحيل
-لا مركب للغريب سوى شوقه-
لا رفيق له غيره
أو نجمة بين الضلوع،تضيء وتخبو ويرتفع الشوق
من فوق أضلاعها إلى...
تُرى؟
هل يبرق الصّبح شفرته عبر هذا الظلام الكثيف
فأنا في فيض العواصف،دون كفّ
لأدفع عنّي الأذى..
أراني أركض بين تهليلة الطين والماء
وما زلت أعدو
طليقا ومرتهنا بما
خلّفته الوصايا..
فمن،يطهّر الرّوح من دنس الركض
بين النفايات
ويعيد-لكهل الأربعين-
ألق الصّبح..وأريجه
المشتهى..؟!
محمد المحسن
خالد الصلعي:
ألف ألف شكر ومحبة وتقدير لهذا الاختيار والانتقاء الجميل ، كأنّك تسكن دواخلي وتمتحن إجابتي ، نعم هو ذاك بعض أنا ، قصيدة ذكرتني بقصائد الكبار الذين يمشون على الشعر هونا فتنقاد لهم العبارات وتمرن بين أحاسيسهم الصياغة ، فجاءت قصيدة يبدو عليها الكثير من العفوية والانسيابية ، كانت قصيدة تحمل من الارتجال ما يوحي باختمار شاعرها في قربة القريض ، ففاض على ظهر الراحل شعرها وشذراتها ، ...أبلغ الشاعر محمد المُحسن تحياتي وتقديري ، هو شاعر مقتدر وخبير ...ولك كل قوافل محبة وأمداء التقدير أخي وصديقي الذي أفتقده كثيرا...صلاح مورو..

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق