مرافىء /
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
-------------------------
((( جميل بثينة يفشي سر حبهما دون قصد بتوكيد لفظي بتكرار حرف الجواب ٠٠ !! )))
لاَلاَ أَبُوحُ بِحُبِّ بَثْنَةَ إِنَّهَا
أَخَذَتْ عَلَيَّ مَواثِقًا وعُهُودَا ٠
( جميل بثينة )
لا لا : توكيد لفظي ٠
عزيزي القارىء الكريم : قصص العرب لها شجون و من ثم نعيش مع قصة هذا البيت الشعري ٠٠
كنت أدرس موضوعات اللغة العربية أتوقف مع العنوان مليا و لا سيما محتويات النحو و غيره ٠٠
و من ثم تعرضت لدرس ( التوكيد ) المعنوي واللفظي معا ٠
و استشهدت لكل نوع منهما بشاهد من القرآن و السنة و الشعر و كلام العرب الدائر استعمالا و ذيوعا و شيوعا هكذا ٠٠
فالتوكيد اللفظي بتكرار الحرف و الفعل و الجملة و من هذا الحرف ( لا لا ) الذي ورد في هذا البيت لجميل بن معمر عاشق بثينة و هما من قصص عشاق العرب المتيمين ٠٠
و قد أحبها حبا جما كما فعل مجنون ليلى أيضا ٠
و بثينة طلبت من جميل بن معمر عدم التصريح بهذا الحب بين الأهل و القبيلة كعادة القبائل العربية و ظروف البيئة آنذاك ٠٠
فأقسم لها أيمانا مغلظة بأن يبقى هذا الحب سراً ، و لكن المشاعر تفضحه وبدون قصد أو وعى أقر ذاك الحب بذكر اسم محبوبته تصريحا مباشرا فخلدها في ديوان العرب و بين بطون الكتب و التراث حتى يومنا هذا ٠٠
و قد شرحت هذا البيت مرارا و تكرارا في موضوعات التوكيد مع ذكر القصة وربط الأدب نحوا و بلاغة في تشوق حتى ألف الطلاب النحو بهذا النموذج التطبيقي و غيره في موضوعات أُخرى ٠٠
و من ثم يقول الشاعر:
لا يمكن أن أفشي سر حبيبتي، لما بيني وبينها من المواثيق المؤكدة التي قطعتها لها بعدم إفشاء سرها و قال (بثنة) وهو تصغير بثينة حيث كان الشعراء يصغرون اسم المحبوبة في بعض الأحيان لزيادة التحبب والتقرب.
* إعراب البيت :
--------------------
لا: حرف نفي.
لا: توكيد لفظي لسابقتها ٠
أبوح: فعل مضارع مرفوع بالضمة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا تقديره "أنا".
بحب: الباء حرف جر ٠ "حب": اسم مجرور بالكسرة، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "أبوح"، وهو مضاف.
بثنة: مضاف إليه مجرور بالفتحة بدلًا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للعملية والتأنيث.
إنها: حرف مشبه بالفعل ٠
و"ها": ضمير متصل مبني في محل نصب اسم "إن".
أخذت: فعل ماض مبني على الفتح، والتاء للتأنيث.
وفاعله ضمير مستتر فيه جوازًا تقديره "هي". عليّ: حرف جر، والياء ضمير متصل مبني في محل جر بحرف الجر، والجار والمجرور متعلقان بالفعل "أخذت". مواثقًا: مفعول به منصوب بالفتحة، ومن حقه المنع من الصرف لأنه على صيغة منتهى الجموع وقد صرفه الشاعر للضرورة الشعرية.
وعهودًا: الواو حرف عطف، "عهودًا" معطوف على "مواثقًا" منصوب بالفتحة.
وجملة: "لا لا أبوح ... ": ابتدائية لا محل لها من الإعراب، وجملة "إنها أخذت ... " استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أخذت" في محل رفع خبر "إن".
الشاهد فيه قوله: "لا لا" حيث أكد الحرف "لا" توكيدًا لفظيًّا.
* حول البيت - تذكر أن :
= اللغة: شرح المفردات: باح بالحب: أظهره. بثنة: تصغرها بثينة، وهي حبيبة جميل بن معمر. المواثق: جمع الموثق، وهو العهد الذي توثق به كلامك، وتلتزم به.
المعنى: يقول: إنه لن يظهر محبته لبثينة أمام الناس، وقد تعهد ذلك صوتًا لكرامتها.
* مع النحو :
و قد جاء في شرح الأشموني على ألفية بن مالك مسمى "منهج المسالك إلى ألفية ابن مالك" عن التوكيد اللفظي بتكرار الحرف الآتي:
أما الحروف الجوابية فيجوز أن تؤكد بإعادة اللفظ من غير اتصالها بشيء؛ لأنها لصحة الاستغناء بها عن ذكر المجاب به هي كالمستقل بالدلالة على معناه، فتقول: نعم نعم، وبلى بلى، ولا لا، ومنه قوله "من الكامل":
لا لا أبوح بحب بثنة؛ إنها ... أخذت عليَّ مواثقًا وعهودا
"ومضمر الرفع الذي قد انفصل ... أكِّد به كل ضمير اتصل"
نحو: قم أنت، ورأيتك أنت، ومررت بك أنت، وزيد جاء هو، ورأيتني أنا.
تنبيه: إذا أتبعت المتصل المنصوب بمنفصل منصوب، نحو "رأيتك إياك"، فمذهب ٠٠
و في النهاية بعد العرض الموجز مع التوكيد اللفظي بتكرار اللفظ حرف و اسم و جملة ، من خلال قصة هذا البيت لجميل بن معمر في حب بثنة نتمنى أن نكون قدمنا أنموذج تطبيقيا من جمال قصص الشعر العربي ٠
حتى تتضح لنا الفكرة و الهدف من وراء القصد كي تعم الفائدة دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق