من وحي الماضي
تجتمع الأرواح البهية في كل مكان،لا أحد ينظر إلى لباس الآخر،الكل ينظر إلى تعابير وجهك ،قراءة الوجوه مهمة نبيلة لكي يتصفحوا من خلالها الحزن والفرح والمشكلة الخفية لكي يبادروا في مساعدتك وبالسؤال عن أحوالك، السلام بطريقة كاملة الأركان سلسة "السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته "وكأن الناس يؤدون واجب الصلاة في كل سلام ،كفوف الأيدي حنطية بلون الخبز والعيون لامعة كسيف حاد تحاصر النفاق ،وترديه قتيلا بعيدا خارج الديار.
الصوت ينبعث صافي كالماء الرقراق، وبلطف والكلمات مختصرة ،والقلب أبيض ،البيوت بسيطة من طين، من حجارة ،من اسمنت ،لا فرق بين البيوت الا الفرحة ،او الحزن الذي يخرج منها .الأشجار باسقة المياه متدفقة، الناس يتمتعون بالطول الفارع ،وجمال الوجه، وصفاء السريرة ،كأوراق بيضاء مصطفة من عالم نظيف رحل .
إلى عالم آخر من التشويه والمسخ والسلخ على جدار الآثام كالموت البطي ،ليس مجرد تقدم بل هدم وانحدار، هو الطبق المزين من العسل المسموم ،لتجريد الإنسان من عفويته،ويبقى الماضي مشرق والحاضر (المتطور .؟)مشوه ولو ركبت سيارة مرسيدس، ولو لبست أغلى الماركات ،هي الحقيقة ولو ارادوا تلميعها.
فلا أحد بامكانه تلميع الجسد الفاسد،والوجه المستعار، لتدخل في حسابات يومية مجنونة ،متعبة ،في غلق الثقوب التي يدخل منها المسخ ،لكي لا تصيبك العدوى ،وتبقى في مكانك البائس الجميل ،وتعيش الماضي بمافيه من صور مبهرة و"نوستالجيا " ويبقى انعدام الأخلاق يطفو على سطح الحاضر، بما فيه من محاسن ولو كانت مهمة .
يقول الشاعر الكبير أحمد شوقي :إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .
الأديبة زينب بوتوتة الجزائر

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق