** بِطاقةُ هويّةٍ **
( تونس في 8 أيلول 2024 : إلى روح الفدائي الشّهيد ماهر ذياب حسين الجازي .. إلى الشباب العربي المقاوم في كلّ مكان )
لا تسأله : مَن أنتَ ؟
و مِن أيّةِ فجوةٍ في التّاريخِ جئتَ ؟
و كَم مِن العُمرِ بَلغتَ ؟
إنّما.. اِعرِفه إن إستطعتَ..
هو ابني الذي..
جاءَ مِن نُقطَةِ المَسافَةِ الصِّفرِ
مِن نُطفَةِ الأشلاءِ في فَورَةِ الدّمِ الطُّهرِ
من شَرَفِ الطّينِ.. و الماءُ في أوصالِهِ يَسْرِي
جاء من ألسنة اللّهب
مِن هدير طّوفان الغضب
جاء يقضّ مضجع الأقدار المحنّطة
فَوقَ الرّفُوفِ و بَين دفّاتِ الكُتبِ ..
هو ابنِي الذي..
على مَحمَلِ التّاريخِ كتَبَ أشجانَهُ
رفعَ أثقَالًا أكبرَ مِن عُمرِهِ و زمانِهِ
حَزمَ الأحلامَ على كاهِلِ أكفَانِهِ
أحكَمَ قبضتَيْهِ عَلَيها
أقسَمَ : لن يسلّم الرّمق الأخيرَ لِحَتفِهِ
قَبْلَ الوُصولِ إلَيْهَا
لا دِينَ له غَيرَ عشقٍ مُرِيدٍ
عقَدَ الوِثاقَ علَيهَا..
فلا تسأله مَن انتَ
و كم غنِمتَ و ماذا مَلَكتَ؟؟
اعرِفه إن استَطعتَ
هو ابني..
أثرَى الأثرِياءِ و أغنى المُلوكِ
بِلا نُقودٍ او صُكوكٍ أو رَصِيدٍ في البُنوكِ
بالتّقادُمِ و التّعاقُبِ مَلَكَ حُضنِي وضَرعِي
مَهدُهُ رحِمِي وحِجري
عِشقُه المشروعُ عَرشِي
حِقدُهُ المَمنُوعُ دِرعِي
صوتُه المقموعُ غَوْثِي
دمُهُ الزّلالُ حين يُضاجِعُ الرَّفضَ
غَيمَاتِي و غَيثِي
تُولَدُ أزمَانِي منها
يقطُرُ عَسَلُ التّمُور و الأعنابِ مِنهَا
تُشرِقُ أنوَارُ نصرِنَا المَنظُورِ مِنهَا..
هو ابني الذي..
كلّما عتتِ الرّياحُ
يذودُ سِهامَها عَنّي
يَدفِنُ في صَدرِهِ النّازفِِ ثُكلِي و حُزنِي
يوَزّع لَعنةَ العَصرِ أشلاءً
على الشّرقِ.. على الغَربِ
على الليل إذا يغشى.. على إشرَاقَةِ الفَجرِ
فلا تسأله : من أنتَ ؟؟
اعرِفهُ إن استطعتَ
هو ابني الذي
تَفرَّقَ دَمُه بَين البلادِ الجَريحَةِ
قَوّضَتْ صَوْلةُ رشّاشُهِ
بَياناتِ بُهتَانٍ و زُورٍ
تَحتَ الكَراسِي المُرِيحَةِ
لم يترُكوه يُقيمُ بين الأشقّاءِ جِسرًا
لَم يترُكوهُ يُسرج وجهَهُ للمرايا
مِن مَلاحِمِ الأمجادِ بَدرًا
لكِنّه كسَرَ الطَوقَ الذّلِيلَ
رَكِبَ الحقِّ سَبيلًا
لبِسَ رُوحَ المُقَاوِمِ
كَتَبَ على بِطاقةِ هويَّتِهِ :
لا نبيعُ.. لا نقايِضُ.. لا نساوِمُ
بِحُروفٍ حِبرُها حُبٌّ و حَربٌ
و إباءٌ.. يعتَلِي شُمَّ العَزائمِ
هل للمعاني أدركتَ .. ؟
لا تسأله : من انتَ
كُن أخاهُ.. سِر على وقعِ خُطاهُ
أو رَافِقهُ .. إن أرَدتَ...
كوثر_بلعابي

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق