حين يحتفي الشعراء..بذكرى المولد النبوي الشريف
(قصيدتا الشاعر التونسي الكبير -طاهر مشي والشاعرة الفلسطينية السامقة الأستاذة عزيزة بشير-نموذجا )
أجواء احتفالية تعبق بعطر البهجة،زينة وأضواء تملأ البيوت، أناشيد دينية تصدح بها الحناجر،جلسات ذكر ومدح،واحتفالات تعمّ الأرجاء ابتهاجاً بذكرى مولد نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم..
هكذا يتجلى المشهد إشراقا وجمالا في دول عربية وإسلامية اعتادت إحياء ذكرى المولد النبوي.وإن اختلفت هذه الدول في طرقها وطقوسها إلا أنها تجتمع على إظهار حب وتعظيم النبي في أجواء روحانية يوم مولده.
والمولد النبوي هو احتفال ديني يقام في شهر ربيع الأول (أحد الأشهر الهجرية) من كل عام.و قد أمرنا الله تعالى بحبّ رسوله الكريم والمبالغة في الإجلال له والتكريم،فقال سبحانه في سورة الفتح العظيم: ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا،لتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ).
لقد كان مولد سيد الخلق محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم إيذانا بميلاد فجر جديد للبشرية يأخذ بأيديها إلى الحرية ويعمر أفئدتها بالنور،فانطلق شعراء العربية ينشدون أروع القصائد تعبيرا عما يجيش فى صدورهم من مشاعر فياضة نحو المصطفى صلى الله عليه وسلم فى كل عام تتجدد فيه ذكرى مولده الشريف.
وفى هذه المناسبة الكريمة أبدع نخبة من الشعراء فى مديح المصطفى اخترنا من بينهم قصيدتين صيغتا بأسلوب يداعب ذائقتنا الفنية،ويرتقي بجمال اللغة إلى مستوى الإدهاش..
أما الأولى فهي للشاعر التونسي الألمعي طاهر مشي والثانية للشاعرة الفلسطينية المغتربة و المقيمة بالإمارات العربية الأستاذة عزيزة بشير.
ولكم حرية التفاعل والتعليق :
*صلّوا عليْهِ فكلُّنا ……عُشّاقُ……
وُلِدَ الحبيبُ وكلُّهُ إشراقُ
فأضاءتِ الأرجاءُ والآفاقُ
جاءَ البشيرُ لنا بدينٍ قَيِّمٍ
دخلَ القلوبَ وزالَ عنْهَا نِفاقُ
جاءَ الشّفيعُ لأمَّةٍ مُشتاقةٍ
ذكراهُ سَلْوى للقُلوبِ، رِفاقُ
أنت الحبيبُ المُصطفى أنت الهُدى
لولاكَ ما سادَ الوُجودَ وِفاقُ
صلّوا على نورٍ أتانَا محمّدٍ
خيْرِ الخلائقِ زانَهُ الأخلاقُ
فَهْوَ المُبلِّغُ للأنامِ رِسالةً:
أللهُ واحِدُ والهُدى أرزاقُ
ذو العَدلِ لا يرضى مذلّةَ سائلٍ
دانت لهُ الأعرافُ والأعراقُ!
صلّوا عليهِ وسلِّموا وَتَواصَلوا
فالخيْرُ فيمَنْ بالإيمانِ تلاقوا!
صلّوا عليْهِ وسلّموا وتراحَموا
خيْرَ الخلائقِ ،كلُّنا عُشّاقُ!
(طاهر مشّي)
*في ذِكْرَى ميلادِ خيْرِ البريّة
مُحَمّدٍ صلّى اللهِ عليْهِ وسلّم !
ألفجرُ يبزُغُ والظّلامُ يزولُ
والشّمسُ تُشرِقُ والنّهارُ جميلُ
كلٌّ يُسَبِّحُ في الوُجودِ بإسمِهِ
زَهْرُ الرّياض ….ربيعُهٰ وَحُقولُ !
وُلِدَ الحبيبُ وأشرقتْ أنوارُهُ
خَيْرُ البرِيّةِ ….للجميعِ رَسولُ
يا خَيْرَ خَلْقِ اللَّهِ أنتَ ضِياؤنا
ماذا ترى في حالِنا وَ تقولُ ؟
ألكُلُّ جُزِّئَ والنّوائبُ جَلْجَلَتْ
والنارُ شبّتْ والسِّلاحُ يَصولُ
غَـزّا تُبادُ وَلا مُعـينَ لأهلِها
وَمَجاعَةٌ،أمراضُ فيهَا تَجولُ
(غَـزّا) تُدَكُّ وَ(ضفّةٌ) فَتَكوا بِها
والأرضُ نَهْبٌ والدِّيارُ طُلولُ
(فَجنينُ) أضحتْ للعَـدوِّ مُعَسكراً
بلدُ الأشاوِسِ هـدّمتْهُ فُلولُ
والكُلُّ هُجِّرَ والبِلادُ حزينةٌ
والبيْتُ يُنْهَبُ والعَـدُوُّ نزيلُ !
إسراؤكم في الأقصَى أضحَى مرْقصاً
صُهْيونُ عاثَ بِساحِهِ، أيَطولُ؟
وَبُراقُكمْ ، مَبْكًى لَهُمْ بِجِدارِهِ
أهلُ البِلادِ،شَهيدُهُمْ وَنَزيلُ!
مُستَوطِنونَ كما الجَرادِ بِساحِنا
يا رَبِّ لُطفَكَ ……فالبلاءُ ثقيلُ
عُذْراً نبِيَّ اللّهِ ، هَلْ مِنْ نُصْرَةٍ ؟
أيَعُـودُ مطرودٌ ، يَغـورُ دَخيلُ ؟
أيُدَكُّ سِجنٌ للأسيرِ ويلتقي
مع أهلِهِ قبلَ المَماتِ ….عليلُ؟
ذِكْرى مِيلادِكَ فَرْحَةٌ وَتَقَـرُّبٌ
وَشَفاعةٌ ،أوَ نَرْتَجيهَا رَسولُ؟
(عزيزة بشير)
على سبيل الخاتمة :
قصائد المولديات شعر صادق،يجمع بين الدلالة الحرفية الحسية والدلالة الصوفية الروحانية.كما يندرج هذا الشعر ضمن الرؤية الدينية الإسلامية،ويمتح لغته وبيانه وإيقاعه وصوره وأساليبه من التراث الشعري القديم.كما أن هذه القصائد المدحية تمتاز بصدق المشاعر ونبل الأحاسيس ورقة الوجدان وحب الرسول طمعا في شفاعته،على غرار القصيدتين اللتين عرضناهما.
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق