《..أشْواقُ الفراشةِ للرّبيعِ》
قَرِفْتُ مِنَ الرِّضا ومِن الخُضُوعِ
قرِفْتُ منَ الصَّواعقِ والصَّقيعِ
تَعِبْتُ مِن الذّهابِ بِلا ذَهابٍ
و منْ دَربِ الرُّجُوع بلَا رُجُوعِ
وأرضٍ غَالَها جَوْرُ الكَرَاسِي
وبَيْتٍ خانَهُ دِفْءُ الرَّبيعِ
وِسِادُ النّوْمِ يَغْضَبُ مِنْ سُهادي
ومَهْدُ السُّهْدِ يَغْضَبُ منْ هُجوعي
وطَعمُ المُرِّ يَسْكُن في لَهاتي
وخَفْقُ الخَوْفِ يَقْبعُ في نَجِيعي
وكَفّ الجَوْرِ تَكْسِر لِي جَناحِي
وتَعبَثُ بالخَوافي والضُّلُوعِ
وعَيْنُ النَّجْمِ تَرمُقُني بِسُخْرٍ
تَقُولُ: أما تَعِبْتِ مِن الوُلُوعِ؟
تَعِبْتُ..تَعِبْتُ..وا رَبِّي تَعِبْتُ
ولَكنْ لا مَنَاصَ مِن الصُّدُوعِ
وعَيْني..آهِ مِنْ عَيْني..تَشَظّتْ
وسَالتْ فيْضَ لَهْبٍ مِنْ دٌموعِ
ومَا أبْقَتْ لِموْجِ البَحرِ مِلحًا
ومَا أبْقتْ دُمُوعًا للشّمُوعِ
ولوْ كَانتْ مَواجِعُنا قَميصًا
لكُنْتُ شَقَقْتُها شَقَّ الصَّريعِ
ولكِنَّا نَعيشُ عَلَى صَفيحٍ
يَشِيبُ بجَمْرهِ رأسُ الرَّضِيعِ
أليْسَتْ هذهِ الأوْصابُ وصمًا
و وَشْمًا في الجِباهِ وفي الضُّلوعِ؟
ونَحنُ مِن التّخَاذلِ قد خُلِقْنا
ومنْ رَحِم المَذلّةِ والخُنُوعِ
وبِعنا جَبْهةً وأنُوفَ عِزٍّ
ومَا بقيَتْ وُجُوهٌ للبُيُوعِ
وأهْرقْنا الضَّمائرَ والسَّجايَا
عَلَى رُصُفِ المَهَانةِ والرُّكُوعِ
فلَسْنا اليَوْمَ إلّا شِلْوُ أرضٍ
يَجُرُّ مُؤبَّدًا ذُلَّ القَطيعِ
سَأصمُتُ..هَلْ تُرى يُجْدِي قريضٌ
لمَنْ جَعلوا الرُّبُوعَ بِلَا نُجُوعِ
ومَنْ جَعلوا الحَمامَ بِلا هَديلٍ
و منْ تركُوا القَطيعَ بلا ضُرُوعِ
ولوْ كَانَ الكلامُ يُفِيدُ قوْمًا
لَفَجَّرنا القَصائدَ في الجُمُوعِ
فعُمْيٌ هُمْ..وصُمٌّ..نَسْلُ جٌبْنٍ
وهلْ للجُبْنِ يوْمًا مِنْ شَفيعِ؟
جُيُوبُ الشِّعرِ حُبْلَى بانْكِساري
وأحداقُ القوافِي بالدُّموعِ
ومُزْنُ الحرفِ أعقَمَهُ جليدٌ
وهلْ تَلدُ القَصائدُ في الصَّقيعِ؟
ولَوْ يوْمًا تَحرّكَتْ النَّوايَا
لتَحمي الأرضَ مِن نيْرِ الخُضُوعِ
لأضْحَتْ حَالَمَا بَدأتْ هَشيمًا
كأفْعالِ التَّقاربِ لَا الشُّروعِ
وإنْ رامَ اليَراعُ صَريحَ بَوْحٍ
يَظلُّ الحِبْرُ يَقْطرُ بالنّجيعِ
بَيَانًا نَازفًا مِنْ جُرح طفلٍ
ولَحنًا مُثْخَنا بِبُكَا الرَّضيعِ
واَهاتِ اليَتامَى والثَّكالَى
تُمَوْسِقُ نُوتةَ المَوْتِ المُريعِ
بِأوْطانٍ بلَا وَطنٍ وعزّ
ولا خِلٍّ يَسُدُّ ثُقُوبَ جُوعِ
على دَربِ الضَّياعِ بلا دُروبٍ
وفي مُدنِ الرَّحِيل بِلا رُجوعِ
فنَحنُ اليَوْمَ في هَبَّاتِ مَوْجٍ
نُصارعُ لُؤْمَ قُرصَانٍ وَضِيعِ
وفي كَابُوسِ أنْجاسٍ "مَغُولٍ"
و"نَيْرُونِ"الحَرائقِ والنَّزيعِ
☆●☆
قَرِفْتُ.. قَرِفْتُ.. واربّي قَرِفْتُ
وضَجّتْ خَفْقةٌ النّبْضِ الوَجِيعِ
ولَكنْ عِشْق أوْطاني أجِيجٌ
تَغَلْغلَ في النُّخاعِ إلَى النَّجيعِ
ومَهْما عاثَتْ النّكباتُ فينا
سأرقُبُ رَحمة الرّبِّ السَّميعِ
وأنْسَى أنّنِي ضَيَّعتُ دَربي
وقافيَتي وخَانتْني دُرُوعِي
وأطفِئُ لَيْليَ السَّاجي سُهادًا
وأسْرِجُ من تَباريحِي شُموعِي
وأعلنُ أنّنِي مازلتُ ثَمْلَى
بأشْواقِ الفَراشةِ للرَّبيعِ
وأركَبُ صَهْوةَ الحَرفِ المُقفّي
لأغْرِسَ في الذّرَى وَرد الطّلُوعِ
وأقطف عُشْبةَ البُرءِ المُصَفّى
لأرجَعَ جذْوةَ الوطنِ المَنيعِ
و بِي قلقُ المَسافةِ والأقاصِي
وبي لَهَفُ المُسَافرِ للرّجُوعِ
يُرَاوِدُهُ حَنينٌ للمرافِي
تُغازلهُ النّوارِسُ في وُلُوعِ
أقولُ وما برَى وجَعِي يَراعِي:
" تَعبتُ و ما يَئستُ من الرُّبوعِ"
وإنْ يوْمًا جثَثْتمْ لي جُذُوعِي
سَتَنْبُتُ مثْل جِذْعٍ لِي فُرُوعِي
ويوْمًا نسْتفيقُ على سَلامٍ
يُواعِدُنا بضِحْكاتِ الرَّضيعِ
يُعَمّدُنا بزًخّاتِ الأماني
و يَمْهُرُنا بأنْسَام الرَّبيعِ
و عَشْتارٌ تُروِّينا رُضَابًا
رَحِيقًا منْ ثرَى الوَطنِ الودِيعِ
فيا أخْتَ المَواجعِ لا تراعِي
و يا جَذواتِ حرفي لا تَضِيعِي
فما دامَتْ عُيُون الأفْق ثَمْلَى
بأحلامِ النّوارسِ بالرُّجوعِ
فلنْ تحضَى عُيُونُ الجَوْر يَوْما
برؤْيةِ دَمْعةِ الذّلِّ الخَنُوعِ
بمُقْلةِ طفْلةٍ فقَدتْ أبَاها
ولم تَفْقِدْ شُعاعًا للسُّطوعِ
يٌدَثّرُها ببُردِ الصّبْرِ عِزُّ
تَغَلْغلَ في حُبيْباتِ الضُّلوعِ
تَعتَّقَ في شَرايِين السَّجَايا
ليُرجِعَ نَخْوةَ الشّرفِ الرَّفيعِ☆
《سعيدة باش طبجي☆تونس》
سبتمبر 2024
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق