على هامش يوم التراث الفلسطيني *:
حين تتهودج القصيدة..وفلسطين..في ثوب تراثي بهيج..
( قصيدة الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير "لا فُضَّ فوكَ.. أيا الوزيرُ وَشاعِرُ " نموذجا )
التصقت المرأة الفلسطينية عبر تاريخها بالأرض والهوية.وبحكم اهتمامها بالتفاصيل الدقيقة والجمال،فقد برعت في إعادة تدوير ما يمكنها الاستفادة منه مدفوعة بالوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والتراث،وبالرغبة في إيجاد طرق غير تقليدية للعمل وكسب العيش.
وكل من يمعن النظر في اللباس التراثي الفلسطيني،ينبهر بجماله، فكل ثوب يرسم هوية مختلفة في نقوشه وتطريزاته.وكل قرية ومدينة فلسطينية ترتدي ثوباً موشحاً بالمطرزات يختلف عن الآخر..
ويؤدي التراث الوطني الفلسطيني دوراً هاماً على صعيد تعميق الشعور بالإنتماء للوطن والتاريخ المشترك المتمثّل بوحدة العادات والتقاليد التي يحافظ عليها الفلسطينيون داخل وطنهم وفي الشتات،رغم الحرب الشعواء التي يتعرض لها تراثهم وذلك بهدف تهويده وإضفاء الصبغة الإسرائيلية عليه وإلغاء هويته الفلسطينية وإضعافه ومحوه كي يتحوّل الاحتلال من وهم زائل إلى حقيقة ثابتة،وذلك عبر ممارسة المزيد من عمليات التزوير والتحريف..
في هذا السياق،تقول الكاتبة والشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير :"
"إنَّ التّراثَ ثقافةٌ فاصْدَحْ بِهِا
كَيْما تُقاوِمُ سارِقاً……وَتُناحِرُ.."
ومن خلال بحوث ودراسات أجريناها برؤية أكاديمية،انصافا للتاريخ،وانتصارا مطلقا للهوية الفلسطينية في أبهى تجلياتها،تبين لنا أن عمليات سرقة التراث الفلسطيني قد طالت الأزياء الشعبية والإدعاء بأنّها ملابس إسرائيلية عبر ارتدائها من قِبل مضيفات شركة طيران العال الإسرائيلية وكذلك ارتداء وزيرة الثقافة (الإسرائيلية) ميري ريجيف لفستان عليه صورة مدينة القدس المحتلة في محاولة لقلب الحقائق وتباهي السارق بما سرق،وكذلك سرقة الأكلات والحلويات الشعبية كالقطايف والحمص والفلافل،والقيام بإطلاق الأسماء التوراتية على عدد من المدن والبلدات والقرى الفلسطينية،دون أن يغيّر ذلك من حقيقتها وحقيقة الصراع القائم ما بين نقيضين يسعى فيه الفلسطينيون لتثبيت الحقيقة بينما يسعى الاحتلال إلى قلب الحقائق،وهذا ما يجعل الصراع محتدماً أكثر في ما يتعلق بالوجود والهوية والتراث..
ويحيي الفلسطينيون في السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يوم التراث الفلسطيني،من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والمعارض والفعاليات بهدف الحفاظ على تراثهم من السرقة والنسيان،وكرد على محاولات الكيان الصه..يوني لتشويه تراثهم المادي والمعنوي،الذي يشكّل بالنسبة لهم مصدراً أساسياً لحكاية وجودهم على أرضهم بمخزونه التاريخي المليء بالرقي والجمال والعراقة والفنون التي يسعى الاحتلال لسرقتها بهدف تدمير البيئة المجتمعية والثقافية وسرقة التاريخ والذاكرة والمكان.
هذا،ويعدّ التراث الفلسطيني من المرتكزات الأساسية للهوية الفلسطينية،إذ تتجلى في جل مكوناته خصوصية الفلسطينيين،كشعب عريق في تراثهم المادي وغير المادي،الضارب جذوره في عمق التاريخ،منذ أجدادهم الكنعانيين.
ويمثل التراث الشعبي الفلسطيني ثروة ضخمة من الأدب والقيم والعادات والتقاليد والمعارف الشعبية والثقافية والفنون التشكيلية والطقوس الدينية،والحكايات،والأمثال،والأحاجي والألغاز، والألعاب الشعبية،والأكلات،والملابس،والدبكة،والأغاني، والموسيقى الشعبية،والقصائد الشعرية ( قصيدة الشاعرة الفلسطينية الأستاذة عزيزة بشير" لا فُضَّ فوكَ.. أيا الوزيرُ وَشاعِرُ "نموذجا ) إضافة إلى الفن المعماري الفلسطيني،ذلك عليهم بذل الجهود الجبارة للمحافظة على التراث من الضياع من خلال حمايته على الصعيد الوطني والعالمي.
ومن هنا و-في تقديري-تتوجب المحافظة على التراث الفلسطيني في وجه كل المحاولات الإسرائيلية المعادية لطمسه وسرقته،وذلك-كما أسلفت-لضمان الحفاظ على وجودهم واستمراريتهم وسر بقائهم على هذه الأرض.ولكي تظل فلسطين-أولا..وأخيرا-راسخة في الذاكرة،متجذرة في الوجدان،وخالدة خلود قصائد شعرائها على غرار القصيدة التالية للشاعرة الفلسطينية السامقة الأستاذة عزيزة بشير :
لا فُضَّ فوكَ أيا الوزيرُ وَشاعِرُ
هاجَ الفُؤادُ لِجَمْعِكُمْ….. وَمَشاعِرُ
إنّ التّراثَ هَوِيّةٌ وَأصالةٌ
خَسِئَ العَدُوُّ يَطالُهُ ……..وَيُصادِرُ
سَلِمَتْ أيادي الكُلِّ ، عاشَ تُراثُنا
فِيهِ القداسةُ أشْرَقتْ ……وَمتاجِرُ
أنظُرْ (لِمِنّةَ) في ثيابِ تُراثِنا
وتُباهِي فيهِ وتزْدَهي.. ……وَتُفاخِرُ
وكذا نَغَمْ و َأبُو الفوارسِ إخوَةٌ
كلٌّ يباهي بالتّراثِ …………فَناظِروا
والكُلُّ يشهدُ أنّنا وَصِغارُنا
نبني التراثَ، وفي الفؤادِ …….مِنابرُ
إنَّ التّراثَ ثقافةٌ فاصْدَحْ بِهِا
كَيْما تُقاوِمُ سارِقاً…………..وَتُناحِرُ
دَعْوَى إلى الخلّاقِ نحظَى بِعَوْدةٍ
فالشّوْقُ يُضني والتّشَتُّتُ …قاهِرُ!
عزيزة بشير
وها نحن ،نتطلّع مع شاعرتنا الفلسطينية الفذة أ-عزيزة بشير إلى ملحمة البطولة التي تمثّلت على الأرض بالمقاومة،والتي ستتجلّى في تصحيح التاريخ بأمثولة تكتب لكل الشعوب ملحمة خالدة تقاوم الموت المتعسّف وتكشف زيف قوّة الذراع والسلاح،لتمجّد
ألق الرّوح الشعبية التي تكتب الشعر بإيقاع الإنفتاح على الخلود.
لا أقول إنّ الرأس تطأطأ أمام الموت من أجل الوطن،بل أنّ الرأس لتظل مرفوعة فخرا بشعب أعزل يؤمن بأنّ الشجرة إذا ما اقتلعت تفجرّت جذورها حياة جديدة،وتلك هي ملحمة الإنبعاث من رماد القهر وهي بإنتظار من يدخلها ذاكرة التاريخ عملا عظيما يشع منارة في المسيرة الظالمة التي تنشر ظلمتها قوى الشر في هذا العالم.
سلام هي فلسطين..إذ تقول وجودنا تقول وجودها الخاص حصرا..فلا هويّة لنا خارج فضائها..وهي مقامنا أنّى حللنا..وهي السّفر..
محمد المحسن
* السابع من تشرين الأول/ أكتوبر،هو يوم التراث الفلسطيني،يوم للتأكيد كما في كل يوم على أصالة الهوية الوطنية الفلسطينية وعمق تجذرها في الوعي الجمعي،كما في التاريخ والممارسة.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق