آخر المنشورات

الثلاثاء، 25 فبراير 2025

الحقيقة والسراب والوهم«(10)» رؤية : د/علوي القاضي

 «(10)»الحقيقة والسراب والوهم«(10)»

رؤيتي : د/علوي القاضي.

... دائما الجهر بالحق والحقيقة يعد من السلوك المثالي ، والذي أحيانا يجلب لصاحبه الأذى ، لذلك سيظل الصِّراع بين الحقيقة والوهم مستمرا حتى يرث الله الأرض ومن عليها 

... وللفلاسفة رأي في ذلك ، ففي كتاب (سيكولوجية الجماهير) ، يقول (غوستاف لوبون) ، مخاطبا الشخص المثالي : ‏لاتقع ضحيَّة المثاليَّة المفرطة ، وتعتقد بأنَّ قول (الحقيقة) سوف يقرِّبك من النَّاس ، النَّاس تحبُّ وتكافئ من يستطيع تخديرها بـ (الأوهام) ، منذ القدم والبشر لاتعاقب إلاَّ من يقول (الحقيقة) ، لأنَّه يكشف ضعفهم ، فإذا أردتَ البقاء مع النَّاس شاركها (أوهامها) ، فالحقيقة دائما يقولها من يرغبون في الرحيل 

... وهناك حوار مشهور (راق لى) بين (أحدهم) الذي فاته قطار الزواج و (إحداهن) من فاتها قطار الزواج والإثنين يعانيان ٱلام (العنوسة) :

★★ هل أنت متزوجة ؟!

★ لا ، أنا عانس إذا كنتم تستخدمون هذا اللفظ هنا 

★★ نتزوج إذن !

((إتسعت عيناها في ذهول ، فأخذت أبتسم في بلاهة ، ولم لا ؟! سيكون هذا هو المخرج الوحيد لها على هذا الكوكب ، ثم تلك التجربة المثيرة أن يتزوج الرجل نسخته الأنثوية ! ، مهما توافقت طباع الزوجين فلابد من الإختلاف ، أما في هذه الحالة ، حين يتزوج الرجل نسخة كربونية منه ، فلن تحدث مشاكل ، مستحيل أن تحدث مشاكل ، إمرأة تفكر مثلي ، وتحلم مثلي ، دعك (بالطبع) من الفكرة النرجسية العتيدة لدى كل رجل ، لو أنه وجد زوجة تشبهه في كل شيء فلربما كانت أقل مللا وإزعاجا ! ، صارحتها بخواطري))

... فقالت بعد تفكير :

★ لحظة ، أنت تخلط ما بين ( تشابه ) الطباع و (تآلف) الطباع 

★★ لا أفهم ! 

★ أردت أو لم ترد أنا أكبر منك سنا ، وأكثر حكمة ، دعني أقل لك إن (تشابه) الطباع لايخلق زيجة ناجحة ، ( تآلفها ) هو الذي يفعل ذلك 

★★ لا أفهم !

★ حسن ، عندنا فيلسوف لاأدري إن كان عندكم مثله أم لا ، يقول هذا الفيلسوف أن الزواج الأمثل ، هو الذي يتم بين رجل لايحب (شيئا ما) ، وإمرأة تحب هذا (الشئ) ، هل تفهمني ؟! لو أن كلا الزوجين يحبان نفس (الشئ) لغدت حياتهما جحيما 

★★ أنا أحب هذا (الشئ) 

★ وأنا كذلك ، هل فهمت المشكلة ؟! ، إن طباعنا متماثلة 

★★ لكني سأتنازل لك عن كل (الأشياء) في العالم لوغدوت زوجتي !

★ على كل حال يمكن دائما  تقسيم (الشئ) الواحد إلى نصفين إذا أردنا الإستمرار 

... لذلك نجد أن (الوهم) هو المسيطر دائما في معظم الزيجات للأسف ، فأهل (الأطماع) أحبوا في المرأة (غناها) ، وأهل (الشهوات) أحبوا فيها (جسدها) ، وأهل (الفن) أحبوا فيها (جمالها) ، وأهل (الخير) أحبوا فيها (معوانًا) لهم على الخير ، وأهل (الشر) أحبوها (معوانًا) لهم على الشر ، وأهل (القلق) والهموم أحبوها (هروبًا) وأفيونًا ، وأهل (الإجرام) أحبوها (جاسوسة) ونشالة ولصّة ، وكل صاحب (مِلة) أحبها على (مِلته) ، وكل صاحب (مشروع) أحبها حسب (مشروعه)

... ولهذا تعددت معاني كلمة (أُحِبكِ) ، لأنها بعدت عن (حقيقتها) ، بعدد أنفاس الخلائق وبعدد أغراضهم وأهوائهم ، فكان معناها أحيانا (أقتلك) ، وكان أحياناً (أكرهك) ، وكان أحياناً (أستعبدك) ، وكان أحياناً (أسلبك) ، وكان أحياناً (أعطيك) ، وكان أحياناً أحب (نفسي) ، وكان أحياناً (كن) لي وحدي ، وكان أحياناً ليكن (كلانا) للناس ، وكان أحياناً (كلانا) لله ، وكان أحياناً (ليكن) حبنا مسيرة فكر أو مسيرة علم ، أو مشوار كفاح ، وكان أحياناً ليكن حبنا (أسرة) وعائلة وأبناء وجيلًا جديداً أفضل منا

... وبناءا على ذلك ، نجد أن المطربة تزوجت مُلحّنها ، والممثلة مُخرجها ، والنجمة مُنتجها ، والرسام الموديل ، والمدير السكرتيرة 

... ولكن عند تجلي (الحقيقة) في المعنى ، نجد أن (كوري) تزوج (مدام كوري) ليكون حبهما مشوارا مفيدا للبشرية بإكتشاف للراديوم والبولونيوم

... وعند (التخلي والتحلي والتجلي) مع حقيقة الدعوة والرسالة السامية الإلٱهية ، نجد أن سيدنا النبي (محمد) عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، تزوج من أم المؤمنين السيدة (خديجة) ليكون زواجهما مشوار رسالة من أعظم الرسالات على الأرض

.. ولذلك فإن مع تجلي (الحقيقة) فقط تتجلى الزيجات البناءة ، وتختلفت منازل (الحب) حسب منازل الناس وثقافتهم

... وإلى لقاء في الجزء الحادي عشر والأخير إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة

... تحياتي ...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق