«(3)»الحقيقة والسراب والوهم«(3)»
رؤيتي : د/علوي القاضي.
... وصلا بماسبق ، ونتيجة لما تقدم ، مازلت أسأل نفسي ، لماذا يكون الناس بالبدايات أجمل ، وهل هم يتغيرون ، أم تظهر حقائقهم وتسألني عن الخيبه ؟!
... أحبابي ، أخبركم عن سنين جميلة قضيناها مع بعض الكاذبين ولم نكن نعلم حقيقتهم ، ولو كنا نعلمها أو حتى النهايات معهم ، لتجنبنا كثيرٱ من البدايات ، رغم جمالها وروعتها ، والزمن كان أصدق فهو من أخبرنا بحقيقتهم ، وأعطتنا المواقف الإجابات بمنتهي الوضوح ، ولكننا تظاهرنا بعدم رؤيتها ، إنه لم يُكذٍب أحدنا السراب حين رأيناه يومٱ ، إننا نحن من إعتقدناه ماء وهذا خطأنا
... و أصدق مثال على ماسبق هو (الرجل الصفر) الذي ظاهره يخالف باطنه ، وحقيقته تختلف عن سرابه ووهمه ، فمن هو ؟!
... في كتاب (الرجل الصفر) تأليف الدكتور/إبراهيم بن عبدالله الدويش يقول فيه :
.. أعني بـ (الرجل الصفر) ذلك الرجل الذي يتصف بالسلبية ، ودنو الهمة ، ذلك الداء الذي أصاب الشباب والفتيات ، فكان هناك رجلاً صفراً ، وإمرأة صفراً
.. إنك إن بحثت عن (شبابنا) ، وجدتهم على الأرصفة وفي الإستراحات وفي الصيد والرحلات ، وعلى المدرجات الرياضية ، وخلف الشاشات ، حتى بعض الصالحين أبتلوا بمثل هذه الأمور ، فبدلا من أن يكونوا مشاعل هداية ودعوة ، فإذا بالتيار يجرفهم فيزعزع التزامهم وصلاحهم
.. وإذا بحثت عن (فتياتنا) ، فإذا بهن في الأسواق ، أوخلف سماعات الهاتف يمزقن الفضيلة ، أو مع مجلات وروايات تنشر الرذيلة ، أو أمام الشاشات والأفلام ، حتى أصبحن بلاهوية ، وبلاهدف ، وبلامبدأ ، وبلاعزيمة ، وبلاهمة ، شهوات في شهوات ، ولذات في لذات ، وآهات وزفرات وحسرات ، إلا من رحم ربي
.. وإني أعجب منهم ! ، ألم يمل أولئك هذه الحياة ؟! ، ألم يسألوا أنفسهم ، ثم ماذا ؟! ثم ماذا في النهاية ؟! ، ألم يعلموا أن هناك موت ثم حساب ثم عذاب ، وقبر وصراط ونار ؟!
.. الحقيقة المؤكدة أن الموت نهاية الجميع ، لكن شتان بين من مات في أمر حقير ، ومن مات في أمر عظيم ، شتان بين من يموت وهو على طاعة الله ، ومن يموت وهو على معصية الله
.. ألم يأن لشبابنا ولفتياتنا أن يعلموا حقيقة الحياة ، والغاية التي من أجلها خلقوا ؟! ، ولايعيشون على هامش الحياة وأطرافها غير آبهٍين بتفاعلاتها ، وأفراحها وأتراحها ، ومشاكلها ومنغصاتها ، وحلوها ومرها ، فلامنفعة منهم تُنتظَر ، ولاثمرة تُرتجى ، لانُصحًا أسدوا ولاخيرًا قدّموا ، يحدو ركبهم إلى السراب ، وجُل عملهم إلى يباب ، هم الرجال المُداهنون المتملّقون الذين يصلون إلى مرادهم ومبتغاهم دونما إعتبار لغيرهم ، حتى لو داسوا على رقاب الآخرين ليعلون ! ، هم أؤلئك المُنسلخون عن كل فضيلة ، اللاهثون وراء كل رذيلة ، بل يعطوا ظهورهم للمبادئ والقيم ولايعيروها إهتماما ، هم الرجال الذين تحتبس عندهم أنفاس الحياة ، فتذبل الزهور وتبهت الأزمنةُ والدهور ! ، هم الذين يمشون بجانب الحائط ، بل بداخله خوفا وخورًا ، ويشدوك من تلابيب ثيابك إلى الخلف ، فلا تبقَ مع هؤلاء (الأصفار) حتى لايضيفوا إلى الأصفار صفرًا جديدا ، بل إبحث عن الذين يقدرونك ، ويقفون إلى جانبك ، مَن يعتبرونك إستثنائيا متميزًا وعظيما ، من يقفوا أمام دموعك حتى لايراك أحدٌ منكسرًا ، من يحبوك بدون شروط ، ويقفوا بأجسادهم كالواحد الصحيح على يسار كل الأصفار ، فيجعلوك ذا قيمة بل الأفضل والأكثر إيجابية
... ومن الحقائق التي لاخلاف عليها عن (المغفلين) هى حقيقة فلسفتهم في حقيقة وماهية الحياة
... وأرد عليهم وأبطل زعمهم فأقول ، لن تنتهي إختلافات البشرية حول أي شئ وكل شئ فالبشر لم يتفقوا على أي شئ ولم يؤكدوا أو ينفوا شيئا بالإجماع ، حتى الله نفسه إختلفوا حول وجوده
... وتبقى حقيقة واحدة لم يستطيع أحد نكرانها أو الإختلاف حولها وهي حقيقة (الموت) ، أنه المصير الموحد للبشرية ، العدالة الغير محققة في الحياة تتحقق في (الموت) ، فالمصير واحد والنهاية واحدة ، وهي مفارقة الحياة بنفس الطريقة ، نعم الموت ، والسؤال الملح حقا هو ، لماذا نصر على تجاهل الحقيقة الوحيدة المؤكدة في حياتنا و التي لن تستطيع التحايل على وجودها ، الموت ؟! ، ونتصرف وكأننا نعيش إلى أبد الدهر ، نحسب حسابات المستقبل المؤقت الذي سيتحول إلى ماضي مع الوقت ، ولا نعير أي إهتمام للمستقبل الدائم الذي لن يتحول إلى ماضي مهما قضينا من مدة ، إنني أشعر بغباء وتفاهة جنسنا ، الذي يهرب بكل الطرق من التفكير في أهم حقيقة حياتية محتمة ، فالتفكير في (الموت) غير مرتبط بسن معين
... فحالنا كمن يركب سيارة تسير بسرعة جنونية ، ستنتهي حتما بمأساة ، ومع هذا نضحك ونلعب ونتناسي حقيقة أننا هالكون ، أي غباء هذا ، وهذه مصيبة الغافلين ، ولكن القانون لا يحمي (المغفلين)
... وإلى لقاء في الجزء الرابع إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق