«(9)»الحقيقة والسراب والوهم«(9)»
رؤيتي : د/علوي القاضي.
... كان لـ (السراب) نصيب في الأدب ، فأستمتعنا برواية (السراب) لـ (نجيب محفوظ)
... وكذلك حظي السراب بقسط وافر في الدراما فاستمتعنا بمسلسل (الحقيقة والسراب) للروائية (سماح الحريري) ، ولأن المؤلفة كانت عظيمة ، والسيناريو أعظم ، والممثلين أكثر عظمة ، لذا فإنهم أنتجوا لنا عملا عظيما خالدا ، يخاطب كل المجتمعات وكل الأجيال
... مسلسل (الحقيقة والسراب) كان أسطورة الدراما ، لأن (البطل) كان يعتقد كذبا أنه معذب قلوب النساء والفتيات ، والذي إستطاع بقميصه المخطط الأوحد أنه أقنع (البطلة) ، بأنه (ملياردير) ، وكل البنات تتمناه ، واستطاع بكذبه وقصصه الوهمية أن يستميلها وتتوهم به وتتزوجه (عرفيا) ، ومن قصصه الوهمية كما قال :
★ بابا عنده شركة إستيراد وتصدير كبيرة أوى ، فروعها منتشرة فى جميع أنحاء العالم ، بس هو بيحب الفرع بتاع سويسرا أكتر حاجة ، بيروح هناك علطول
★ ماما يا ستى بتخاف عليا أوى ، مابتحبنيش أكلم بنات فى التليفون عشان أغلبهم بيبقوا طمعانين فيا
★ أنا عندى موبايل بس بسيبه فى البيت ، مابجيبهوش معايا ، عشان ماما طول النهار بتتصل بيا عشان تطمن عليا ، حاجة تزهق جدًا
★ أنا بركب مواصلات ومابجيش بالعربية المرسيدس بتاعتى عشان مابحبش السواقة فى الزحمة
★ عادل صاحبى دا ولد كده ، أبوه بيشتغل عندنا ، فـ أنا وبابا لقيناهم مساكين فعملنا لهم أوضتين عندنا فى الفيلا وقولت أصاحبه بالمرة عشان أنا متواضع مبحسسش حد بفقره
★ مبرضاش أشيل فلوس كاش كتير عشان مجرحش بيها شعور حد فقير
★ على فكرة يا منال ، أنا كلمت ماما عنك قولتلها أن فيه واحدة مريحانى على الأخر مبترفضليش طلب ، فقالتلى جربها لآخر الصيف كده ، ولو فضلت مريحاك هخطبها لك
... عاشت البطلة في تلك الأوهام وأقتنعت بهذا السراب الذى حسبته ماءا ، فالوهم إذا تمكن منا ، يجعلنا في أوقات كثيرة نغمض أعيننا بإيدينا عنه ، ونسد ٱذاننا بأصابعنا ، ونكتم فمنا بكفينا ، حينها نكون رافضين أن نرى ، أو نسمع أونتكلم ، لأننا رافضون الواقع
... لكننا لانصل لهذه الحالة إلا بعدما نمر بأصعب إحساس ، من المواقف التي نكون فيها مكسورين القلب ، والتي نكون فيها مخدوعين بشدة ، والتي تكون دائما بعد إعطاءنا فرصا كثيرة للطرف الثاني ، ونضحك على أنفسنا بأنه لم يكن يقصد ، أو كان عنده أعذار ، ولسان حالنا يقول : ( لا.لا.لا عمره مايخونا في مشاعرنا ، لا.لا.لا عمر إحساسي مايكدب عليا) ، وحينها نكون مستعدين أن نصدق أي شيء يكذب علينا ، لمجرد أنه على هوانا ومزاجنا
... ولأن (الحقيقة) بالنسبة لنا هي الكابوس المخيف الطويل الذي من الممكن أن نموت بسببه ، ومن هنا تبدأ التنازلات ، ونتحول لإنسان واهم ، يسابق السراب ، مثل الطفل الذي يلهث وراء أشياء ، وهو لايعرف إن كانت ستضره ولا تنفعه أم لا ، المهم أنه مهتم بها بشدة ، ومن الممكن أن يقاطع كل من ينصحه ، ويرى أمورا ليست على هواه للأسف ، ممكن يفوق ، لكن متأخر ، ومن الممكن أن الله يكتب له النجاة من أوهامه ، ويصبح وكأنه مخلوق من جديد
... ومن الأوهام التي تسيطر علي أفكارنا وثقافتنا الشعبية فكرة (عمار المكان) بمعنى أن لكل منزل (عمار من الجن) يسكنون مع أصحابه ولكنهم غير مرئيين لهم
... هذه الثقافة متأصلة في الأوساط الأمية ، والنصف أمية ، والريفية ، والشعبية ، وهي بين الحقيقة والوهم :
★ نحن نعلم بأن الله ذكر في كتابه (وماخلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وهذا الدليل يكفي أن هناك مخلوقات مكلفة لعبادة الله غيرنا ، وربما هناك مخلوقات أخرى لا يعلمها إلا الله ، ولكن
لم تذكر بالإسم ، حتى ولوتمت الإشارة إلى خلق الله لمخلوقات كثيرة بقدرته وإبداعه ، ومما ظهر لنا ، وجود تداخل مصيري بين (الجن) و (الإنس) ، ممكن أن يغير حياة الإنسان ويؤثر على حياته بشكل كبير
... وبعض الكشوفات الروحانية تشير لوجود عارض متخفي (عمار المكان) سواء شيطاني ، أو رصد كنوز ، أو جن مسالم ، سواء إيجابي أو سلبي ، ومما رأينا أن هناك (عوارض شيطانية) تصبح (مس) أو تسمح لدخول طاقات سلبية تؤثر على الإنسان ( تشويش ، تعطيل زواج أو مال ، أذى لبعض أفراد الأسرة ، و.و.و)
... وإلى لقاء في الجزء العاشر إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق