على هامش استفحال ظاهرة العنف اللفظي والتنمر الرقمي في الوسط الرياضي..!
المشهد الإعلامي الرياضي..بين مطرقة النقد الجارح..وسندان الإشاعات العارية والتشويه الممنهج..!
ترددت كثيرا قبل أن أصوغ هذا الموضوع،إذْ أن التطرّق لمثل هكذا مواضيع،من الطبيعي أن يُثير حساسية مُفرطة لدى طيف واسع من الرياضيين على مختلف فئاتهم ومَشاربهم وانتماءاتهم سيما في ظلّ الظروف التعيسة والأوضاع "المُلخبطة" التي نعيشها في زمننا هذا،الذي كثرَ فيه عدد الأشخاص الذين يتمتعون بقدرة عجيبة على "تلوين" ولاءاتهم، ويتحولون وبغمضة عين من "الضد" إلى "الضد" وبزاوية قدرها 360 درجة..!!
النقد في مجال الرياضة،مثلهُ مثل النقد في كل المجالات،هو بيان الأخطاء،منه ما هو بَنّاء ونافع ومُكمّل للعمل،وداعٍ للتصحيح والاستمرار،ومُحفّز للنجاح والتميّز،ومنه ما هو هدّام وضارّ ومُحطّم للآمال،وطاردٌ للنجاح والتميّز.
أنا أكتب سطور مقالي هذا من وجهة نظر شخصية،ليست بالضرورة أن تكون صائبة وهي ليست "توصيات" يلزم اتباعها .. لكن ما يُؤسف له حقاً هو ذلك الهجوم اللاذع والنقد الجارح،الذي يقوم به "بعض" المُنتقدين للرياضة في بلادنا،ولرموزها وقاماتها في "الذهاب" و"الإياب" ومع "النجاح" و"الإخفاق".
وهنا لن أجافي الحقيقة،إذا ما قلتُ بأن هؤلاء "المنتقدين" يعشقون الهدم،ويُحبّون أن يرتعوا في الأطلال،ويتسرعون في الحُكم على الآخرين،ويفرضون أنفسهم عليهم،بل ويتعاملون مع الرياضة،على أنها مجرد شعارات،وسمة مظهرية ليس إلا..وما عليك،والحال هذه إلا أن تنتقد "فلاناً" وتشتم "علاناً" وتُهاجم "فلتانا"..
وهنا أقول : إن اهم اساسيات النقد-في تقديري-هو توجيهه للمصلحة العامة وليس للمصلحة الشخصية،وليس لاهداف ذاتية بعيدة عن المصلحة الوطنية،من يمتلك القدرة على نقد الاشخاص يجب ان يعلم انه لا ينقد اشخاصا لذاتهم،وانما ما يتعرض له هو طبيعة الاعمال التي تصدر عن ذلك الشخص والتي تتعلق بالمصلحة العامة،ويجب ان لا يرتبط النقد باهداف الناقد،فاذا تحقق هدفه ووصل الى ما يريد توقف كتاباته،هذا ما يعرف بالنقد السلبي الذي يعمل على دفع المسيرة الرياضية الى الوراء..
قلت هذا،وأنا أتابع الإنتقادات و حملات التشويه السافرة التي طالت الإعلامي والمعلق الرياضي عمر المستيسر،عقب تدوينته، عن أداء حكم مباراة اتحاد تطاوين والنجم الساحلي،دون أدنى مراعاة لوجهة نظره المهنية.
هذا الإعلامي المتميز عمر المستيسر عبّر من خلال تدوينة نشرها عبر صفحته " الفايسبوكية" عن استيائه من قرار الحكم باحتساب ضربة جزاء مثيرة للجدل لصالح النجم الساحلي في الدقائق الأخيرة من اللقاء،معتبرًا أن القرار يعكس سوء تقدير تحكيمي.لكن ماراعنا إلا وسهام النقد تنهال عليه،في شكل هجومات قاسية على شخصه بلغت حد التشهير والثلب والتجريح الأخلاقي،الأمر الذي يعكس استفحال ظاهرة العنف اللفظي والتنمر الرقمي في الوسط الرياضي..!
الإعلامي القدير عمر المستيسر ليس وحده في مربع "الإنتقادات المجانية" بل "برفقته" عدد لا بأس به من الصحفيين الرياضيين ممن يدفعون أثمانا باهظة جراء آرائهم النقدية،ولكأن الرأي النقدي في هكذا مناخ رياضي متوتر " ذنب لا يغتفر"..!
هذه الظاهرة المرضية في الوسط الرياضي
( الثلب،التجريح،الشيطنة.. إلخ) استفحلت وأصبحت تنخر الجسد الرياضي التونسي،الأمر الذي يدعونا إلى معالجتها وفق مقاربات موضوعية ترقى بالمشهد الرياضي إلى الآفاق المنشودة..
ختاما،أدعو نقابة الصحفيين التونسيين والهيئات الإعلامية، لإتخاذ إجراءات صارمة في كنف القانون إزاء هذه التجاوزات،حتى لا يتغلب الفتق على الرتق،والنقل على العقل،إذ " نال" مشهدنا الإعلامي الرياضي ما يكفيه من " هرسلة" وانتقادات مجانية..
متابعة محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق