حديث من القلب حول صلاة قيام الليل
حتى يخلو المؤمن بربه،ويقوم بين يدي خالقه،ويتوجه إليه.. فيستغفره ويتوب إليه
قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن قيام الليل هو دأب الصالحين،وشرف المؤمنين،وتجارة المتقين،وعمل المفلحين ففي الليل يخلو المؤمن بربه،ويقوم بين يدي خالقه،ويتوجه إليه.. فيستغفره ويتوب إليه،يسأله من فضله،ويتضرع له،يشكو إليه أحواله،ويعكف على مناجاته،يرغب إلى عظيم عطاياه وهباته..
ومن هنا،فإن صلاة قيام الليل من أفضل العبادات التي كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتركها،مشيرًا إلى أن هذه الصلاة هي شرف المؤمن،وأداة مهمة للتقرب إلى الله.
على هذا الأساس،فإن صلاة قيام الليل ليست مجرد عبادة بل هي وسيلة لمجاهدة النفس،حيث يحتاج المؤمن إلى جهد كبير لتطهير قلبه والنهوض في الليل للصلاة.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قدوة في المواظبة على قيام الليل،إذ كان يخصص وقتًا في ليلة النصف من شعبان لدعاء الله في البقيع،ما يبين أهمية هذه الصلاة في حياة المؤمن.
وقيام الليل له العديد من الفوائد في حياة المسلم،حيث يظهر أثره في كل جانب من جوانب الحياة،سواء في العمل،أو الدراسة،أو التوفيق بشكل عام،بالإضافة إلى أن قيام الليل يضفي نورًا على وجه المسلم.كما أن للقيام الليل أثرًا في القبر،حيث يضيء الله القبور بعبادة قيام الليل.
ومن المفيد التأكيد على أهمية التوازن في العبادة،ذلك أن الاستمرارية في العبادة أهم من الكثرة..
قال تعالى : (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ ) (الزمر:9).
والصلاة عموما من أسباب تكفير السيئات،كما قال سبحانه و تعالى (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ)(هود : 114 ).
فالصلوات المفروضات'وما ألحق بها من التطوعات والنوافل،من أكبر الحسنات التي تذهب بالسيئات وتمحوها،وهي الصغائر،كما دلت عليه الأدلة،أما الكبائر فلا تكفر إلا مع التوبة والندم والاستغفار.
ختاما-أيها القراء الكرام- أقول : لا بدَّ أن نضع هذا الأمر في بالنا-طهارة القلب،سلامة النفس من الحقد والحسد والضغينة،فلا شكَّ أنَّ أصحاب القلوب المريضة لا يوفَّقون إلى أجلِّ الطاعات وأعظم العبادات، فلا بدَّ أنَّ الإنسان ينقِّي قلبه، يصفِّي نفسه من هذه الأمراض: الحقد والحسد والأنانية والبغضاء والكراهية،حتى يوفِّقه ربُّه سبحانه وتعالى إلى هذه العبادة العظيمة.
ومن أراد أن يربي نفسه ويزكيها،وأراد الفوز بالجنة وبكل هذه الفضائل،فعليه بقيام الليل،فإنه الطريق الموصل إليهاأعاننا الله والمسلمين على طاعته وحسن عبادته.
وأسأل الله العظيم ربَّ العرش الكريم أن يوفِّقني وإيَّاكم لما يحبُّ ويرضى.
وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.
محمد المحسن
*ملحوظة : حول كيفية صلاة قيام الليل وكم عدد ركعاتها، أوضحت دار الإفتاء المصرية أنها تصلى من بعد صلاة العشاء،إلى طلوع الفجر الثاني،وصلاة قيام الليل سنة مؤكدة،وهي تصلي مثنى مثنى ويتم ختمها بركعة الوتر،فعن ابنِ عُمرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رجلًا سألَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن صلاةِ اللَّيلِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم «صلاةُ الليلِ مَثْنَى مَثْنَى، فإذا خشِي أحدُكم الصُّبحَ،صلَّى ركعةً واحدةً تُوتِرُ له ما قدْ صلَّى.
والله بعلمه أعلم.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق