دار المسنين
هل سألنا أنفسنا يوما: لِمَ أمر الله الأبناء بالبر وحُسن الصحبة للوالدين؟
ألم نلاحظ لماذا لم يأمر الوالدين بذلك؟
هل تعلم معنى أنه لا يوجد مكان عندنا لوالدينا فنستودعهم دار المسنين؟
هل ضاقت بيوتنا فلا تتحمل المساحة التي تحمل فيها أجساد والدينا؟
من عجائب الأمور أن الآثام والذنوب تأخذ اشكالا وأنماطا مختلفة من عصر إلى عصر. ولا أشد من العقوق تحت مظلة دار المسنين، تلك اللعنة التي يختبئ خلفها كل من تنصل من حقوق والديه عليه، بل تنصل مما أمره الله به من حسن الصحبة والبر إليهم في الكبر، ولا ندرك قيمتهم إلا بعدما فارقونا ونقول: ليت وليت وليت، فلتحذر أيها الرجل خاصة، لأنه دوما التقصير من جانبك، ولا تكن ضعيفا، أو مضحوكا عليك من قِبَل زوجتك إن كانت لا تتقي الله فيك وتجعلك عاقا لوالديك، ويجب عليها أن تتقي الله في والديك الذين هم في أشد الحاجة إليك بعد فناء عمرهم وشبابهم ليصنعوا منك رجلا، أو ليصنعوا منك أيتها البنت امراة تقود بيتا، فلا نداري ضعفنا أمام أنفسنا أولا، وأمام شريك الزوجية ثانيا، فكم من الجرائم تم ارتكابها في حق الوالدين تحت غطاء دار المسنين، وتحت غطاء ضيق وظروف الحياة.
أنصحك أيها الابن أن تكون مدركا لما يُحاك لك ولا تخضع لتلك الشيطانة التي تدفعك إلى هلاكك بعقوق والديك، وكذلك أنصحك أيتها المرأة ألا تقعي فريسة لذلك الزوج الذي يأخذ بيدك لباب من أبواب جهنم بعقوق والديك، فنجد أن البيوت تتسع لجميع البشر شرقا وغربا لمن هم على هوانا، ولكن تضيق على الوالدين فلا يجدان عند أبنائهم موضع شبر، في حين حملتك أمك في بطنها وحملك والدك بعقله وقلبه حتى كبرت، وأتوجه بكلامي لطرف رابع قد يعمل في الخفاء لتكون له حظوة عند والديه على حساب إخوتهم وهم الأخوة من الأب والأم: لا تتقربوا لوالديكم على حساب إخوتكم ببث الفُرقة والوقيعة بين إخوتكم وبين والديكم، لتظهروا بمظهر الأكثر برا على حساب والديكم وإخوتكم بأفعالكم التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، اتقوا الله ولتنشروا المحبة بينكم وكونوا صادقين، وأن يكون من بركم لوالديكم نشر المحبة بين إخوتكم، وأخص الكبار من الإخوة، فمهما تنصلتم فأنتم أهم عوامل نشر المحبة والألفة، وأنتم القدوة في البر والتحمل والصبر، وعلى خطاكم يسير من بعدكم، وآخر نصحي لكم، إن لم تستجيبوا وتستدركوا ما بقي فإني أوصيكم بإرضاع أولادكم حليب الكلاب صغارا عسى أن يكونوا أوفياء لكم كبارا.
فرفقا بالوالدين لهؤلاء الضعفاء الذين مهما فعلنا معهم من خير فكلنا مقصرون، ولا ينجينا من الوقوع تحت إثم العقوق إلا أننا دوما نطلب منهم العفو والسماح على تقصيرنا.
بقلمي/ محمد حسان
ابن النيل

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق