آخر المنشورات

الثلاثاء، 11 مارس 2025

نفحات وتجليات رمضانية«(١١)» ((عقوق الوالدين)) بقلم د/علوي القاضي

 «(١١)»نفحات وتجليات رمضانية«(١١)»

             ((عقوق الوالدين))

              د/علوي القاضي

... عقوق الوالدين من الكبائر فاحذروه ، والعقوق ليس كما نعرف ، فهو لايقتصر على عدم طاعة الوالدين بل له صور لاحصر لها تبدأ بكلمة (أف) و ؛.؛. ، وتنتهي بقتل الوالدين 

... وهناك مايسمى بـ (العقوق الصامت) لأنه في ظاهره نوع من العلاقات الإجتماعية وفي باطنه عقوق بمعنى الكلمة ، ويظهر ذلك جليا في شهر رمضان !

★ الأم التي تجاوزت العقد الرابع أو الخامس أو السادس ولاتزال تعكف على خدمة أبناءها الذين لم يتجاوزوا العقد الثانى أو الثالث ويتمتعون بالصحة والعافية !

★ الأب الذي تجاوز الأربعين أو الخمسين أو الستين ويشكو ويتحمل مايعاني من أمراض مزمنة ومستعصية ويخدم إبنه الشاب العشريني أوالثلاثيني ، الذي لايفتأ يزمجر ويطالب بحقوق مشروعة وغير مشروعة ، ولا يقوم حتى بشراء إحتياجات البيت بدلاً عنه !

... إن العقوق ليس مقصورا على صراخ أو شتم أو رفع صوت على الأم أو الأب ، بل له صور أخرى صامتة قد تكون أكثر إيلاماً من صور العقوق الواضحة الصريحة !

★ أليس من البر بأمهاتنا أن لانستغل عاطفتهن وغريزة الأمومة في خدمتنا وخدمة أطفالنا ! ، وكلما ذهبنا لمكان ما لعمل أو لنزهة ، تركنا صغارنا عندها بحجة أنه لايوجد أحد يرعاهم في غيابنا ، أو بأي حجة ، ثم نذهب نحن لنلهو ونفرح ونترك الأم تعاني مشقة نومها ونومهم فضلاً عن نظافة البيت ونظافتهم ورعايتهم

★ أليس من البر بأمهاتنا أن لا نخبرهن بكل مشاكلنا صغيرة أوكبيرة تكدر خواطرهن ، فهذه الصغائر تشكل هموما تتراكم في قلوب الأمهات المحبات مسببة لهن من القلق والألم النفسي والجسدي ما لايحمد عقباه !

... إعلموا أيها الأحباب أن نفسية الوالدين عند كبرهم تصبح رقيقة للغاية ، تجرحها كلمة وتؤلمها لفتة ، وأشد ما يؤلمهما هو رؤية أحد الأبناء في مشاكل ومتاعب ، فهناك مشاكل يمكنه حلها بنفسه 

... أحبابي وطنوا أنفسكم فهناك ثرثرة وشكوى فارغة نستطيع أن نبقيها لأنفسنا أو لأصدقاءنا بِراً بأمهاتنا وآباءنا ! ، لنسعدهما كما أسعدونا ونحن صغاراً ، ونريحهما كما خدمونا وتحملونا في طفولتنا المزعجة ومراهقتنا الثائرة !

... فلنضغط على أنفسنا قليلاً من أجلهما كما ضغطوا على أنفسهم كثيراً ، وحرموا أنفسهم من متع الحياة ، لنساعدهما على إستيعاب جمال التضحيات التي قدموها من أجلنا !

... لنكن ناضجين بما يكفي في تعاملنا مع والدينا ، ومسؤولين عن السعي وراء طموحاتنا

... أعمالنا وأبناؤنا مسؤوليتنا وليسوا مسؤولية أمهاتنا وآباءنا ، لقد تعبوا بما يكفي في شبابهم وأدوا كامل واجباتهم ومسؤولياتهم ، وآن الأوان لهم أن يستريحوا ويعيشوا في هدوء واسترخاء !

... الأم الستينية اليوم في مرحلة تُخدَم فيها ولا تَخدِم !

... والأب الستيني أو السبعيني اليوم في مرحلة قطف الثمار ، وليس زرع البذور وسقايتها !

... ولابد أن نتذكر دائماً أن آيات البر بالوالدين جاءت لكل الأعمار عامة ، ثم مخصصة للوالدين عند الكبر ، لما يحدث لهما من ضعف وتغيرات نفسية وجسدية 

... الممثل الأمريكي (چين هاكمان) نجم الأوسكار ، إكتشفوا أنه ميت هو وزوجته وكلبهم في قصرهم  وكان هناك شبهة جنائية ، لكن التحقيقات أثبتت أن زوجته ماتت أولا و لأنه (مريض زهايمر) لم ينتبه إنها ماتت ، ويموت هو في سريره بعد أسبوع من الجوع وعدم العلاج ، وكلبهم مات من الجوع لأنه كان في القفص 

... مايدعو للأسي والحزن والأسف أن لهم أولاد ، وكنت أتخيل أن هذه النهاية تكون لزوجين لم ينجبوا أبناء ، أو عائلتهم في مكان بعيد عنهم أو كبار سن ، لكن أن يكون لهم أولاد ظلوا أيام لم يسألوا عنهم ولاقلق عليهم ، ولم يخطر على بال أحدهم أنهم من الممكن أن يكونوا في خطر ! 

... كانت دائما حجة أهلنا التي كانوا دائماً يحفزونا على الزواج بها ، يقولوا لنا ، إننا حينما نكبر سوف لانعاني من الوحدة لأننا سنجد أولادنا يراعوننا ويهتمون بنا ، لكن هذه القاعده ستهدم حينما نقوم بزيارة أي دار للمسنين سنجد المهازل من قصص عقوق أبناءهم 

... ليس معنى ذلك أن كل الأولاد جاحدين لكن الفكرة أنه ما في شيئ مضمون ، فالعقوق أصبح سمة العصر

... قال اللّٰه تعالى (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماًً) ، نلاحظ كلمة (عندك) أي في بيتك وتحت رعايتك

... اللّٰهم أرزقني وإياكم بر والدينا في الدنيا وانفعنا به في الآخرة

... في شهر رمضان يكون جهد الٱباء والأمهات مضاعفا ، فكونوا فيه عونا لهم ، وأعينوهم بكل ماأوتيتم من قوة ، واحذروا من العقوق الصامت !

... كل عام وحضراتكم بخير

... تحياتي ...



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق