مقهى في زاوية الشارع
وائل الكردي
2025-3-13
كان العام 1920م، وفي ذاك المقهى، جلس (عبد الحميد) صباحاً يطالع الصحف مع فنجان قهوة..
يدخل (عبد المجيد) ويتجه نحوه مباشرة، ويسلمون على بعضهم بحرارة.. ثم جلس الأثنان.
طلب (عبد الحميد) من النادل أن ينزل فنجان قهوة لـ(عبد المجيد) ودون أن يسأله عن نوعها الذي يفضله.. بدا أنه يشربها بتلذذ.. ثم كان الحوار:
عبد الحميد- حسناً.. أعانك الله، فماذا أعددت لما أنت مقدم عليه؟
عبد المجيد- والله.. أحاول أن أحسب كل الاحتمالات حتى لا أكرر نفس الخطأ..
عبد الحميد- وهل قررت شيئاً؟
عبد المجيد- جلست أنا وزوجتي طوال ليلة أمس نتداول الأمر، ولم نجد سوى حل واحد.. هو الرحيل.
عبد الحميد- لا حول ولا قوة إلا بالله.. وإلى أين عزمتم؟
عبد المجيد- لم نحدد بعد.. ولكن بمشيئة الله سأحسم الأمر بعد أن استلم رد (عبد الرحمن) على رسالتي له.
عبد الحميد- على بركة الله.. ولعلنا نعود فنلتقي مجدداً.
عبد المجيد- أرجو ذلك.. ولكن.. انشغلنا بموضوعي ولم تخبرني بما جرى معك..
عبد الحميد- لا تقلق.. الأمور على ما يرام الان.. لقد تجاوزنا الأمر تماماً وطوينا تلك الصفحة.. والحمد لله، صار الوضع بيننا إلى حال أفضل.
عبد المجيد- الحمد لله.. هكذا اطمئن قلبي عليك.. شكراً جزيلاً على هذا اللقاء اللطيف والقهوة.. مضطر للمغادرة الان، وأراك بكل خير إن شاء الله.
عبد الحميد- بارك الله فيك وأدعو الله أن يستقر لكم الأمر على ما فيه الخير .. سعدت جداً بلقائك.
تعانقا.. ثم انصرف (عبد المجيد) كما جاء، وظل (عبد الحميد) جالساً لبعض الوقت.. وكانت هذه أول مرة يرى فيها (عبد الحميد) (عبد المجيد)، فهما لم يلتقيا قط ولم يتواصلا مطلقاً من قبل عبر مراسلات بريدية أو اتصال بأي نحو، ولا يعرف كل منهما اسم الآخر ولا فيما تحدث..
ولكن الأكيد، أن لا أحداً من الحاضرين بالمقهى قد شك ولو للحظة أن بين هذين الرجلين صداقة حميمة عميقة وطول صحبة.
-انتهى-

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق