آخر المنشورات

الثلاثاء، 4 مارس 2025

زهرات تتفتح تقوى وعبادة..في بساتين الإيمان بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 زهرات تتفتح تقوى وعبادة..في بساتين الإيمان


 اكتمال أجر الصائم..لا يكون إلّا من خلال السلامة الأخلاقية للصائم..


-(.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، "سورة الزمر: الآية 10"

-

-(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، "سورة البقرة: الآية 183.


شهر رمضان المبارك شهر العطاء الروحي،ويتميز الشهر الفضيل بدورته التدريبية في تهذيب النفس وتغيير صفاتها وطباعها،إذ يعد شهر رمضان المبارك من الشهور الفضيلة في الإسلام،وهو شهر التوبة والتقرب إلى الله،ويُعتبر الصيام خلال شهر رمضان من الفرائض الخمسة التي يجب على كل مسلم القيام بها،ولكن بالإضافة إلى الصيام، على المسلم أن يتحلى بالأخلاق العالية تقربا إلى الله وضبطا للنفس..

في هذا السياق،نشير إلى إلى أهمية الأخلاق الحسنة مع الآخرين في كل وقت،إذ تعتبر من أهم الصفات التي حث عليها الدين الحنيف،إذ يجب على الإنسان أن يستشعر مراقبة الله له في جميع تصرفاته والاقتداء بصفات الرسول في حسن الأخلاق وترك السيئ منها أثناء الصوم.

لكن،هناك عدّة عوامل تُساهم في تشكيل السلوك الأخلاقيّ للإنسان،منها العوامل المعرفية كالمعتقدات،والعوامل الاجتماعيّة كالعادات والتقاليد،والعوامل الثقافيّة كمنظومة القيم،والعوامل الاقتصاديّة كالفقر والغنى،والعوامل البيولوجية/الثقافية مثل درجة الشعور بالتقزّز والاشمئزاز،وكلّ هذه العوامل تجتمع معًا عند كلّ فرد فتُحفّز السلوك الأخلاقي أو تكبحه.ومن بين هذه العوامل المختلفة نلتمس الحديث هنا عن العامل البيولوجيّ والنفسي في حالة الصيام،وعلاقته بظهور السلوك الأخلاقيّ لدى الصائم.

ولهذا تجد أنّ الإسلام على سبيل المثال شديد التركيز على ضرورة التحلّي بالحِلم والصبر والأخلاق الحسنة خلال فترة الصيام، وتشديده الدائم على أنّ اكتمال أجر الصائم لا يكون إلّا من خلال السلامة الأخلاقية للصائم امتثالًا لقول النبيّ الكريم: وإذا كان يوم صوم أحدكم،فلا يرفث ولا يصخب،فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل إنّي امرؤ صائم.وكأنّه يتفهّم أنّ الوضع الفسيولوجيّ للجسد تحت حالة الصيام يجعله أكثر عرضة للانفعال وأنّ الارتقاء الروحيّ للإنسان يكون أفضل ما يكون حين يُقاوم الإنسان هذه الجاهزية الجسدية للغضب ويتفوّق عليها ويسمو بنفسه عبر التحلّي بالأخلاق الحميدة وإلزام نفسه بعدم الإساءة لأي أحد خلال صيامه.

عزيزي القارىء،أذكرك بأن في الصوم مصالح كثيرة،ونعم كثيرة، وتذكير بنعم الله،وتعليم للعبد كيف يعالج الأمور،كيف يقاوم الشدائد، وكيف يصبر على العظائم إذا ابتلي بها لا بد من صبر لا بد من تحمل للمشاق والجود والجوع والظمأ ومخالفة الهوى في معالي الأمور وفي مكارم الأخلاق وفي الجهاد والصبر على مقارعة الأعداء وفي الإحسان إلى عباد الله وفي طلب الرزق وفي الأسفار التي يحتاج إليها لطلب الرزق أو للجهاد أو لغير ذلك أو لطلب العلم.

وإن الله سبحانه وتعالى قد وعد الصابرين بثواب عظيم،قال جلّ جلاله: (.. إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)، "سورة الزمر: الآية 10"،والصيام يعلم المسلم الصبر عن المباحات،وبالصيام تكتمل منزلة الصبر،فإذا قدر الصائم على ترك المباحات فإنه على ما سواها أقدر.

وليس بعيدًا عن الأنصار والمؤلفة قلوبهم،الصبر عضلة،والصيام هو التمرين الأفضل لتقويتها،لأجل ذلك يجيء رمضان كدورة تدريبيّةٍ قاسية لعضلة الإيمان والصبر،وعطفا على ما أشرنا إليه،يقف المسلم حينئذ أمام إيمانه وتقواه وصبره،لا يوكَلُ إلّا إليه.

والخلاصة من ذلك أن الصيام له ثمرات وفضل عظيم عند الله عز وجل وقد اختص بنفسه بمجازاة الصائمين،لذا ينبغي علينا أن نؤدي الصيام بآدابه وشروطه،وأن نبتعد عن كل ما يجرح الصيام ويبطله،لننال الأجر الأكبر والجزاء الأوفر. 

ختاما أقول لك عزيزي القارىء: صغت هذا المقال،من باب الترغيب في الفضائل وتحصيل المصالح.

والله على ما أقول شهيد.


من إعداد محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق