«(١٧)» نفحات وتجليات رمضانية «(١٧)»
★ ( الإعـتـكـــاف) ★ د/علوي القاضي ★
... أخي الكريم ، هل تنوي الإعتكاف في شهر رمضان ؟!
... إن كنت عقدت النية خالصة لله ، فلابد وأن تتعرف على فقه الإعتكاف :
... فإيجابياته تتلخص في أنك حينما تغلق هاتفك ، فيرتاح جسمك وعقلك من ضغط العمل ، ويرتاح قلبك من هموم الحياة ، ويرتاح بالك ولاتنشغل بالدنيا ، وتصلي وتسبح وتستغفر وتقرأ القرآن
... إذا كيف تؤديه وماذا تعمل وكيف يكون ؟!
... بداية فحكمه الشرعي أنه عبادة ، سنة وليس فرضا ، رجل أو إمرأة ، هو خلوة الإنسان مع ربه ، يشترط أن يكون في مسجد تقام فيه صلاة الجمعة والجماعة
... وعلى المعتكف أن يظل في المسجد وينام فيه ، ولايزعج المصلين ، ولايؤذي أحدًا ، ويحافظ على نظافة المكان
... أخي الكريم ، دع الدنيا ، واترك الخلق للخالق ، فكثير من الناس قبلك جمعوا وجمعوا ، وفي النهاية تركوا الدنيا ، أو تركتهم ، رجعوا صفر اليدين ، لافوقهم ولاتحتهم ، وغادروا الدنيا كما خلقهم الله ، فاغتنم الفرصة قبل فوات الأوان ، كن ضيفا على الله في بيت الله ، إعتزل مع ربك ، أياما وليالي ، أدخل هذه التجربة ، ولا تتردد
... والإعتكاف يجوز في جميع الأوقات ، ولكن الأفضل في العشر الأواخر من رمضان
... فإذا إعتكفت فلا تخرج من المسجد إلا للضرورة فقط ، ويجوز أن تأكل وتغتسل وتذهب إلى الطبيب ، ويجوز لك إستخدام الهاتف ووسائل التواصل كلها ، لتطمئن على أهلك وأولادك ، ولا يجوز إستخدام الفيس أو الواتس للتسلية ، ويجوز أن تزورك زوجتك وأقاربك في المسجد ، وكذلك يجوز للمرأة أن يزورها زوجها وأهلها ، وإياك أن تتحدث كثيرًا واحذر من اللغو في الحديث والغيبة والنميمة ، بل إنشغل بالعبادة والصلاة والإستغفار
... والإعتكاف سنة فقد إعتكف النبي (ﷺ) في العشر الأواخر من رمضان ، ومن بعده إعتكفت زوجاته ، وكان (ﷺ) يزوره نساؤه في معتكفه ، ويتحدث معهن
... كما يجوز للنساء الإعتكاف في بيتهن ، في حجرة أو ركن ، تجهزه للصلاة وتعتكف فيه ، ولا تخرج منه ، تصلي وتستغفر وتقرأ القرآن
... أما مدة الإعتكاف ، فلم يرد نص يحدد المدة ، سواء ساعة أو يوم أو أكثر ، في الليل أو النهار ، ولم يذكر الفقهاء صيغة قولية خاصة للنية ، فالنية محلها القلب
... يمكنك أن تصلي الظهر ، وتنوي البقاء في المسجد إلى صلاة العصر ، أو تصلى المغرب ، وتنوي البقاء في المسجد إلى صلاة العشاء ، أو تصلي العشاء ، وتنوي الإعتكاف إلى الفجر ، أو ربما وقتا أكثر ، أياما أو ليالي ، تنوي في نفسك هذه العبادة ، والتقرب إلى الله ، وتبدأ بالصلاة والتسبيح والدعاء
... والإعتكاف يجوز في أي شهر ولا يشترط أن يكون في رمضان ، ولايشترط أن يكون صائما ، فلو إعتكف بدون صيام في غير رمضان لابأس
... ويصح الإعتكاف من العاقل البالغ المكلف ، الذكر أوالأنثى ، الطاهر من الجنابة ، نظيف الجسم والثياب والمظهر
... فأنت حينما تستسلم لله ، وتخلو مع ربك ، جسدا وعقلا وقلبا وروحا ، وتدعو وتصلي وتسبح وتستغفر ، هل تتخيل كم تحصل من الأجر العظيم وأنت لا تدري !
... ومن المؤكد أنك لو إعتكفت في العشر الأواخر فحتما ستدرك ليلة القدر ، فأكثر من الدعاء والتسبيح والإستغفار ، وأما الدعاء المأثور بليلة القدر والعشر الأواخر يقول :
«اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي»
... تقبل الله منكم ومنا صالح الأعمال
... وكل عام وحضراتكم بخير
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق