آخر المنشورات

الجمعة، 14 مارس 2025

فضائل التسامح والتحابب..في شهر رمضان الفضيل بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 فضائل التسامح والتحابب..في شهر رمضان الفضيل


(ولا تستوي الحسنة ولا السَّيِّئة ادفع بالَّتي هي أحسن فإذا الَّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنَّه وَلِيٌّ حميمٌ ) ( فصلت-34)


يأتي علينا شهر رمضان في كل عام لكي يقف الإنسان مع نفسه وقفات جادة وسط صخب وملهيات الحياة المادية.ومن هنا يعد رمض٠ان أجمل فرصة لنزع الأحقاد من النفوس وفتح صفحة جديدة،والتخلص من الشوائب في القلوب،حيث يعتبر هذا الشهر الفضيل أجمل فرصة لكي يرتب الإنسان نفسه من الداخل..

أن الإسلام جاء ليقيم أركان المجتمع على مكارم الأخلاق والصفات النبيلة التي منها الصفح،والعفو عن الإساءة والأذى،وأن يضع بدل الإساءة إحساناً ومكان الغضب عفواً وحلماً،فالمسلم في هذا الشهر يجب أن يعفو ويبدأ هو بالتسامح ليتحلى بأخلاق كريمة تصاحبه طوال العام.

وإذن؟

رمضان إذا،شهر العفو وموسم المغفرة الذي يمنّ الله تعالى به على عباده كل عام،فيضاعف فيه حسناتهم ويغفر فيه ما تقدم من ذنبهم إذا صاموه إيماناً واحتساباً،فعباد الله المؤمنين أحرى الناس بأن يعفوا عن الناس ويتجاوزوا عمن أساء إليهم وأخطأ بحقهم في هذا الشهر الفضيل،حتى ينالوا بذلك عفو الله تعالى ومغفرته ومرضاته.فيجب أن يكون رمضان موسماً للعفو والتسامح بين المسلمين أنفسهم ومع غير المسلمين أيضاً،حيث تتآلف القلوب وتختفي الضغائن والأحقاد ويتصالح المتخاصمون،والحقيقة أن التحلي بهذا الخلق ليس أمرا يسيرا، فلا يمارسه ويطبقه إلا من كمل إيمانه وإحسانه،وهذا ما دل عليه قوله تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السَّيِّئة ادفع بالَّتي هي أحسن فإذا الَّذي بينك وبينه عداوةٌ كأنَّه وَلِيٌّ حميمٌ ) ( فصلت-34)

رمضان يعمل على دعم الإيمان وتقوية مكارم الأخلاق في الإنسان. ومن هذه الأخلاق خلق التسامح والغفران الذي يعمل على تطهير القلب من المشاعر السلبية من بغضاء وأحقاد لتحل محلها المشاعر الإيجابية من محبة ورحمة وأمان،وهذا لمن شأنه أن يساهم في تحقيق الراحة النفسية والصحة الجيدة.

والتسامح فطري ومكتسب، فطري أودعه الله تعالى في عباده بنسب وأقدار متفاوتة، ومكتسب يكتسبه الإنسان من البيئة أفضلها التعاليم السماوية التي تحث الإنسان المسلم على العفو والتسامح ومغفرة الأخطاء والزلات. قال تعالى مخاطباً الرسول صلى الله عليه وسلم وهو خطاب لكل مسلم: (فاصفح الصفح الجميل).

ما أحوجنا للتسامح في ,هذه الأيام المباركة،وما من عمل أفضل من أن تُرفع الأعمال الصالحة إلى الله عز وجل أثناء الصيام، بشرط أن تكون القلوب صافيةً ونقيَّة مِن شوائب البُغض والكره.

وحتى تتضاعَف الحسنات،وتُرفع الدرجات،وتُجزل الهبات،وتَكثُر النفحات،لا بد أن يتحلى المرء بصفة طيبة من مكارم الأخلاق، وهي التسامح الذي يعدُّ دُرَّة السجايا الحميدة،وشعاع الخير الذي ينيرُ جوانب القلوب العاتبة، فتعفو وتصفَح،وبسمة الرِّضا التي ترسُمُ ملامح النُّبل على الوجوه الشاحبة فتُشرق.

ونخلص من كل هذا ونحن في هذا الشهر الكريم،بأن التسامح هو اللبنة الاساسة والأرضية الاولى نحو بناء المجتمع المدني وإرساء قواعده،عبر الاعتراف بحقوق الجميع وقبول الاختلاف في الرأي والفكر والثقافة وتقدير المواثيق الوطنية واحترام سيادة القانون، واحترام القيم الانسانية.فاسلامنا الحنيف يحثنا على البر والتقوى وفعل الخير واتباع الحق والصلاح وان تقوم تعاملاتنا على الحب والرحمة والاحسان،وان نتبنى مبدأ السلم ليعم الامن والسلام والاستقرار،لنتعايش في اجواء يلفها الحب والوئام.

هكذا هو العفو والتسامح،سلوك عربي إسلامي،علينا أن نمارسه، ونتحلى به،ونرتقي إليه في تفاعلنا مع بعضنا،فديننا-كما ذكرت- دين الرحمة والمحبة والأخوة والسلام والأمان وفي هذا الشهر الكريم، لنتمثل قيمنا الإسلامية،وندرك معاني رسالة ديننا،والأفكار العظيمة الخالدة التي تتوطن قرآننا،ذلك الكتاب الخالد المنير.

وما أجمل قناديل العفو ومشاعل التسامح حتى نصوم رمضان بنفوس صافية وقلوب مطمئنة مسامحة.

وكما أن الصوم فرصة للمصالحة مع النفس ومع الناس فإنه كذلك فرصة للمصارحة مع النفس ومع الناس،فالمسلم لا بد أن يتصارح مع نفسه،فيصارحها بعيوبها ويقوم من اعوجاجها، قال تعالى: (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها) (سورة الشمس 10.)

عزيزي القارىء : أوصيك بصفاء القلب ونقائه والإخلاص التام لله عند التسامح،فما أجمل القلب الرقيق المتسامح الذي لا يحمل أمرًا على أخيه المسلم.

اللهم إنّا نسألك بكل اسم هو لك أن تجعل الخلق الحميد يلازمنا، وأن تجعل العفو والصفح طريقنا،وأن لا تخرجنا من رمضان إلا وأنت راضٍ عنا.

ونسأل الله أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ويدخل في نفوسنا السكينة والوقار ونكون فيه من الفائزين.


إعداد محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق