آخر المنشورات

الثلاثاء، 11 مارس 2025

قناديل الإيمان بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 (قناديل الإيمان)


الأخلاق مقياس لدرجة إيمان المؤمن..في هذا الشهر الفضيل..


تصدير : الإيمان قوة عاصمة عن الدنيا،دافعة إلى المكرمات ومن ثم فإن الله عندما يدعو عباده إلى خير أو ينفرهم من شر،يجعل ذلك مقتضى الإيمان المستقر فى قلوبهم.وقد قال في كتابه:" يا أَيّها الّذين آمنوا اتَّقوا اللّهَ وَكونوا مَعَ الصّادقِين ( التوبة/119)"


قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن الصوم عامل أساسي من عوامل تأصيل الأخلاق وتعميقها وبنائها على أساس متين من الداخل لأن جمال الظاهر لا يغني إذا لم يكن الداخل محكماً ومنيعاً ولهذا تأخذ أخلاق الصائمين صفة الثبات والاستمرار والنمو المتزايد لأنها مصونة من الداخل والخارج.

لذا لا عجب،أن يحرص الصائم الذي يخشى الله عز وجل شديد الحرص على أن يكون صيامه في رمضان صياما مقبولا عند الله،من خلال حرصه المتزايد على البعد عن المحرمات،والتخلق بالأخلاق الإسلامية الحميدة والمواظبة بالتالي على ضبط نفسه في رمضان مع جمهور المسلمين الصائمين على التزام التخلق بالأخلاق الإسلامية،والتأدب بالآداب الإسلامية..ومن هنا فإن رمضان يكون له مدرسة عظيمة يتدرب فيها على التزام مكارم الأخلاق ومحاسن الآداب. 

على هذا الأساس،نؤكد أن من صام  رمضان،ولم يصم لسانه من غيبة الآخرين وهتك أعراضهم، ولم تصم يده من إيذاء الآخرين والنيل منهم،ولم يصم قلبه من الأحقاد والغلِّ على إخوانه المسلمين،فإنَّ صيامه ناقص،وفيه تفريط كبير لحدود الله..

في هذا السياق أتساءل: ما معنى حقيقة الصيام إن كان المرء يصوم عن الطعام والشراب،ولكنَّه لا يصوم عن السباب والفحش والبذاءة باللسان،ولا يصوم عن غض البصر عمَّا حرَّم الله..؟!

فليدرك الإنسان نفسه،وليجدد توبته لربه،وليبتعد عن منكرات الأخلاق والأقوال والأعمال..ففي التوبة تطهير للنفس من شوائب الدنيا وتقرب لله بالطاعة والإيمان.

ختاما،قد أضيف جديدا إذا قلت: الأخلاق الفاضلة من نحو أعمال القلب والعقل والجوارح واللسان مثل صدق الحديث،وأداء الأمانة، وبر الوالدين،وصلة الأرحام،والوفاء بالعهود،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،والجهاد للكفار والمنافقين،والإحسان إلى الجار واليتيم والمسكين وابن السبيل،والرفق والرأفة،والدعاء،والذكر، وتلاوة القرآن،وكذلك حب اللّه ورسوله،وخشية الله والإنابة إليه، وإخلاص الدين له،والصبر لحكمه،والشكر لنعمه،والرضا بقضائه، والتوكل عليه،والرجاء لرحمته،والخوف من عذابه،وأمثال ذلك،كلها داخلة في مفهوم العبادة،وذلك أن العبادة هي الغاية المحبوبة للّه والمرضية له،كما قال تعالى: " وَما خَلقتُ الْجن وَالْإِنْس إِلا لِيعبدونِ (الذاريات/56) "وبها أرسل اللّه جميع الرسل،كما قال نوح لقومه: " يا قوم اعبدوا اللّهَ ما لَكمْ منْ إِلهٍ غَيره (الأعراف/59) " والدين كله داخل في العبادة التي تتضمن غاية الذل للّه بغاية المحبة له،ومن هنا تكون فضائل الأخلاق ومكارمها داخلة في إطار الدين وركنا أساسيا من أركانه.

إن هذه الأخلاق الإيمانية-كما أطلق عليها ابن تيمية-هي وجه من الوجوه التي يتفاضل فيها الناس فيما يتعلق بزيادة الإيمان ونقصه..

ويبقى الإيمان،مناط تكوين القيم الخلقية والاجتماعية ونحوها، وهو أيضا مصدر الإلزام الخلقي، لأنه هو المسيطر على كل غرائز الإنسان وشهواته،والمتحكم في أحاسيسه ودوافعه .

عزيزي القارىء،إنها مناسبة كريمة أن تحتسب أجر التحلي بالصفات الحسنة،وتقود نفسك إلى الأخذ بها وتجاهد في ذلك، واحذر أن تدعها على الحقد والكراهة وبذاءة اللسان،وعدم العدل والغيبة والنميمة والشح وقطع الأرحام،واحرص على تعويد النفس كتم الغضب،وليهنا من حولك من والدين وزوجة وأبناء وأصدقاء ومعارف بطيب معشرك،وحلو حديثك،وبشاشة وجهك،واحتسب الأجر في كل ذلك.


إعداد محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق