آخر المنشورات

الأربعاء، 5 مارس 2025

نفحات روحانية..في الشهر الكريم بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 نفحات روحانية..في الشهر الكريم


الأعمال الخيرية في رمضان..عنوان للتراحم..وصور مشرقة للتضامن والتكافل 


-قال الله تعالى:وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ" (المنافقون: 10).


نحن في شهر فضيل ( رمضان ) يعتبر  شهرًا مميزًا للعديد من المبادرات التطوعية،حيث يتسابق المحسنون في تقديم يد العون لكل محتاج،ما يعكس روح الإحسان والتضامن.ويعزز شهر رمضان من قيم البذل والعطاء،حيث يشعر المسلمون بمعاناة الفقراء والمحتاجين بسبب الصيام،ما يدفعهم لتقديم الصدقات بسخاء، إيمانًا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل."

ولا تقتصر الصدقات في مثل شهر كريم كهذا،على تقديم الطعام والشراب فقط،بل تشمل سداد ديون المعسرين،وتوفير الملابس للفقراء،والتكفل بعلاج المرضى. كما تزداد الأعداد في المساجد للصلاة والعبادة،ويحرص المسلمون على تقديم المياه والتمور للمصلين، فضلًا عن توفير أماكن خاصة لكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة،مما يعزز أجواء الرحمة والتعاون بين الناس.

تجليات الرحمة والتكافل

في رمضان،يصبح التراحم قيمةً ملموسة في حياة الناس.الرحمة تتجلى في تصرفات بسيطة،كإفطار صائم أو مساعدة جار. هذه الأفعال الصغيرة تخلق موجات من الإيجابية،تُشعر الجميع بأنهم جزء من نسيج اجتماعي واحد.

كما أن الرحمة تشمل أيضاً التخفيف عن الفقراء والمساكين. فبدلاً من أن يكون الصيام مجرد تجربة فردية، يتحول إلى فرصة للتواصل الإنساني، حيث ينشغل المسلم بمساعدة الآخرين، مما يجعل الرحمة شعورًا جماعيًا يُنعش أرواح الجميع.

ما أريد أن أقول ؟

أردت القول أن رمضان المبارك يشهد تجسيدًا لأبهى صور التكافل الاجتماعي،حيث يصبح المجتمع كالجسد الواحد،يتكامل في أوقات الشدة ويتكاتف في أوقات الفرح،وهنا أشير إلى أن موائد الإفطار الرمضانية تشهد تقديم الطعام للمحتاجين،في لحظة تتلاقى فيها قلوبهم قبل الأيدي وتتعانق الأرواح في أعمال الخير، حيث تزداد الصدقات وتتسابق الجهود من أجل إغاثة الفقراء والمساكين.

إن رمضان يمثل اختبارًا لمدى تكاتف المجتمع وتراحم أفراده، حيث يتجسد مفهوم "الجماعة" ليس فقط في العبادة والصلوات الجماعية،ولكن في حقيقة أن كل فرد يساهم بما يستطيع،سواء بالمال أو الوقت أو المساندة المعنوية،و هذا التكافل-في تقديري- يعزز الشعور بالانتماء،حيث يشعر الجميع بأنهم جزء من نسيج واحد،وأن القيم الإنسانية تتجدد وتزدهر في هذا الشهر المبارك،ما يخلق مجتمعًا أكثر إنسانية ورحمة.

وهنا أسأل :هل يقتصر العطاء على شهر رمضان فقط؟!

كمحاولة الإجابة أقول،إن قيم الإحسان والبر ليست محصورة في أيام معدودة،بل ينبغي أن تكون نهجًا مستمرًا على مدار العام.فقد حثّ القرآن الكريم المسلمين على الإنفاق في كل وقت،حيث قال الله تعالى:وَأَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ" (المنافقون: 10).

ومن هنا،فإن استمرار العطاء بعد رمضان يرسخ مبادئ التكافل الاجتماعي،ويجعل الإحسان سلوكًا يوميًا يعزز تماسك المجتمعات. 

وخلاصة القول،يعلّمنا رمضان أن الخير لا يرتبط بزمان محدد، بل هو أسلوب حياة يجب أن يلازم المسلم في كل أيامه.فمن اعتاد البذل والعطاء في رمضان، يسهل عليه الاستمرار في ذلك بعده، ليظل الخير متدفقًا،وترسخ قيم التعاون والتآزر بين أفراد المجتمع.

وفي أجواء رمضان الروحانية،تزداد أعداد المصلين في المساجد، حيث تمتلئ بيوت الله بالراكعين والساجدين،ويحرص أهل الخير على توفير سبل الراحة لهم، مثل تقديم المياه والتمور،وتخصيص أماكن لاستقبال كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة،مما يعزز أجواء الرحمة والمودة بين أفراد المجتمع.

ختامًا،فإن شهر رمضان لا يقتصر على العبادة الفردية فقط،بل يعد فرصة عظيمة للقيام بأعمال الخير التي تعزز روح التضامن والتكافل،وتستمر آثارها في المجتمع على مدار العام.

وهذا يعني،أن أعمال الخير في رمضان كثيرة ومتنوعة،والفرصة لا تزال قائمة لمَن أراد الفوز بالجنة،فكل عمل خير في هذا الشهر مضاعف،وكل حسنة قد تكون سببًا في العتق من النار،فلنحرص على استثمار هذا الشهر المبارك واغتنامه بما يقربنا من الله،حتى نكون من المقبولين الفائزين.

اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وصلاتنا،اللهم اجعلنا من المقبولين، اللهم احسن خاتمتنا واجعلنا من ورثة النعيم،اللهم كن معنا ولا تكن علينا.

اللهم آمين يارب العالمين.


من إعداد محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق