( رمضانيات ).
لماذا أكتب بمداد الروح..عن هذا الشهر الفضيل..؟
تصدير: من أهم أسس الكتابة ذلك الإحساس بأن الكتابة ليس ممارسة استرخائية،أو سهلة المنال،سيما في شهر رمضان الكريم، أو النظر لها على أنها ذات طابع تطهيري فحسب،على الرغم من عدم إنكار دورها تبعاً لآراء أرسطو.
قد لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن ثمة تأثير استثنائي يمارسه شهر رمضان من كل سنة على حملة الأقلام العرب،ينسجون معه دوما علاقة روحية قوية قوامها الإبداع وأساسها الابتكار،لأن الجسد في لحظات التشظي،يكون مفعما بالطاقة والصفاء،ما يجعله أكثر تحررا من ماديات الحياة اليومية الرتيبة وعلى استعداد دائم للإبداع والتأمل.
هذا الشهر الكريم (رمضان)يمنحني من طقوس التأمل والسكينة والتفرغ،ما يجعلني أنسج مع ذاتي تواصلا روحيا،ينأى بنفسي عن زعيق الفضاءات العامة وينغمس في روحي المثقلة بالمواجع أصلا، باحثا عن ذاتي المفقودة والمنفلتة من عقال الحياة اليومية في رتابتها.
على هذا الأساس،تصبح للكتابة في شهر رمضان الكريم لذة روحية وحالات إيمانية وذكرى عبقة في شتى الجوانب حتى الكتابة والقراءة تشعر بأن لهما طعم وذوق خاص في هذا الشهر الفضيل،وذلك لما له من الفضل عند الله سبحانه ويكفيك في فضله أن فيه ليلة هي خير من ألف شهر.
وهذا يدلل على أن الكتابة عن شهر رمضان لها أهميتها وفائدتها وكيف يستقبلها المتلقي بالقبول،ولذلك كما أسلفت لم تمر سنة إلا وسجلنا وكتبنا عددا من المقالات تتمحور حول سلوك المسلم في هكذا شهر فضيل،وكيف يوظف الكاتب قلمه في خدمة ديننا الحنيف(الصدقة-التراحم والتكافل-صلة الرحم-التقرب إلى الله صياما واحتسابا..إلخ..) سعيا منه لإنارة السبيل أمام المسلم الملتحف برداء التقوى والعبادة..
ومن السعي الذي يضيف لصاحبه أجورا في حياته وبعد مماته ما أرشد إليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حين قَالَ: ” إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ،أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ” [صحيح مسلم]، فهذا العلم يحيي النفوس ويهديها للتي هي أقوم ويجنبها خسارة الدين والدنيا،وقد تكّون نتيجة سعي وجهد وسهر ومتابعة وحرمان من مشاركة الناس سهرهم وسمرهم،فكل من انتفع بثمرات هذا السعي يرفع من رصيد العالم ويثقل من موازينه.
ختاما أقول،العملية الإبداعية في مجملها خلال شهر رمضان بالنسبة لي هي مزيج من النزوع نحو العزلة والغوص في الداخل، وكذلك الانغماس في تلك الحالة الروحية الصوفية التي يلقيها الشهر الفضيل في نفوس أكثر من مليار مسلم،حالة شبيهة بالرجوع إلى تلك الأسئلة البديهية الأولى والمؤسِّسة لعلاقة الإنسان بكينونته في هذا الكون الفسيح..
ولو استفضنا في الحديث عن الشهر المبارك لما وسعنا مجلدات عنه،وفي خاتمة هذا الحديث نسأل الله أن يُعيننا في هذا الشهر على الصيام والقيام،وأن يفقهنا معانيه وأسراره،وأن يجعله شهر ارتقاء وتغيير للأفضل.
إعداد محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق