جُرْح ....جِراحة ...جراحات
في غرفة العمليات، حيث الصمت يلف المكان كغطاء ثقيل،
تتهاوى أجزائي كأوراق الخريف،
تتساقط تحت وطأة الزمن.... والجفاء
قلبي......
ذلك العضو الذي نبض بالحياة،
أصبح الآن كشجرةٍ جافة، أوراقها ذابلة، أغصانها مكسورة.
أبدله بقلبٍ جديد......
لكنني أعلم أن جذور الحزن ما زالت ممتدة في أعماقي،
كأشجار صفصاف تحني رؤوسها على ضفاف النهر،
تتأمل مياه ذكريات تجري بلا توقف.
كبدي ......
ذابت كالشمع تحت لهيب الشوق،
أستبدلها بأخرى
لكنني أشعر بأن روحك ما زالت تعيش فيها،
كظلٍّ يلاحقني في كل خطوة،
كصوتٍ يهمس في أذني عندما يسود الليل.
عيوني.....
رأيت بها العالم من خلالك،
أغطيها بظلامٍ جديد،
وتظل صورتك تتسلل من بين الجفون،
كضوءٍ خافتٍ يلمع في نهاية النفق،
يذكرني بأنني ما زلتُ أعيش في ظلّ حبك.
يدي......
من لامست دفء روحك،
أقطعها وأزرع غيرها،
لكن .... أصابعي الجديدة تبحث عنك،
كأنما الذاكرة تسري في العروق،
وتحمل عطر لمسات لن تتلاشى.
رئتي......
كانت تتنفس هواءًا ممزوجاً بأنفاسك،
أستأصلها وأضع مكانها رئاتٍ أخرى،
و... ما زلت أختنق بغيابك،
كأن الهواء نفسه يرفض أن يحملني دونك،
ويذكرني بأنني لن أتنفس براحةٍ،
ما دمتُ بعيداً عنك.
جلدي......
كان يحتفظ بدفء لمساتك،
أستبدله بجلدٍ رفيع،
ومازلت أشعر بندوبك محفورةً في أعماقي،
كأنما الحب ترك علاماته التي لا تُمحى،
وكل خليةٍ في جسدي تذكرني بأنكِ كنتِ هنا.
أغادر المشفى بجسدٍ جديد...
لكنني أعود بحزنٍ قديم،
كمسافرٍ يعود إلى وطنٍ لم يعد كما كان.
فأنتِ..
أنتِ الغياب الذي لا يُعوّض،
والحب الذي لا يُستبدل.
مهما حاولتُ أن أنسى، ستظلينَ هنا..
في قلبي، في روحي، في كل نبضةٍ ...
تذكرني بأنني ما زلتُ أعيش في ظلّ حبك.
توفيق حيوني
من قاعات العمليات
15 مارس 2025

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق