آخر المنشورات

الأربعاء، 18 يونيو 2025

اخترنا لكم..حكاية وعبرة.. من اختيار الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 اخترنا لكم..حكاية وعبرة..


"وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا.." سورة الإسراء-الآية 23


في زاوية من زوايا ملعب صاخب في البرازيل،وبين حشود الجماهير التي تهتف بحماس لا يُهدأ،كانت هناك أم تهمس لابنها كلمات لا يسمعها سواهما.لم تكن تشرح له قوانين اللعبة أو تسأله عن فريقه المفضل..بل كانت تنقل له العالم كله-مشهدًا مشهدًا، لحظة بلحظة-لأنه لا يستطيع أن يراه.

إنها سيلفيا جريكو،إمرأة بسطية،لكن بقلبٍ يسع معجزة.إبنها نيكولاس،كفيف ومصاب بالتوحد،عاشق لكرة القدم مثل الملايين، لكنّه لا يستطيع أن يرى جمالها.فقررت والدته أن تكون له العيون التي يرى بها،فكانت تصحبه إلى كل مباراة لفريقهما المفضل "بالميراس"، وتجلس بجانبه تروي له كل ما يحدث أمامها،بصوت دافئ ينسج الملعب داخل خياله.

تقول له:

"الجمهور واقف الآن..هناك ضربة ركنية..الحارس يصرخ..الكرة عالية..ضربة رأسية..آه،فوق العارضة!"

صوتها وحده كان يجعل نيكولاس يعيش اللعبة وكأنه وسط الحدث،يشعر بالهدف قبل أن يُسجّل،ويتنفس حماس الجمهور قبل أن ينفجر التصفيق.

وذات يوم،التقطت الكاميرات هذا المشهد المؤثر-أم تحتضن العالم كله بين كلماتها،وولد يستمع وكأن الحياة كلها تمرّ عبر صوت أمه. انتشرت القصة،وبكت لها العيون قبل القلوب.

وفي عام 2019،أعلنت الفيفا عن فوز سيلفيا جريكو بجائزة أفضل مشجع في العالم،ليس لأنها كانت تهتف بصوتٍ عالٍ،بل لأنها كانت تشارك الشغف من مكان أعمق: من قلب أم.

قالت أثناء تسلم الجائزة:

"أنا فقط أحكي له ما تراه عيني.هو يحب كرة القدم،وأنا أحب أن أكون جزءًا من هذا الحب."

قصتها لم تكن مجرد لحظة جميلة في المدرجات..بل كانت رسالة عظيمة: أن الشغف لا يحتاج إلى رؤية،بل إلى من يُحبّنا بما يكفي ليمنحنا النور.


من اختيار محمد المحسن



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق