ساعة مع الشاعر و المترجم و القاص و الدكتور الأكاديمي الإيراني موسى بيدج - ١٩٥٦ م ٠
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد - مصر ٠
( رجل لا يصلح للحب )
" طريق الحرير بين الثقافتين العربية والفارسية " ٠
" إذا جاء البحر
فلا تقولي:
إخلع موجاتك وادخل
فالبحر بلا موج
طفل أضاع عنوان بيته
إذا جاءت الغيمة
هنئيها
على فستانها الصيفي المطير
إذا إنحنت الصفصافة
على شرفتك إنشري ابتساماتك يمامات لها
وإذا رنّ الهاتف
فاعلمي
هناك رجل يغني
اسمه: أنا
عنوانه: أنتِ ٠
٠٠٠٠٠٠
في البداية عزيزي القارىء الكريم ٠٠
تتعرض الدولة الفارسية لهزة عنيفة في إطار العدوان السافر من الكيان الصهيوني و الأمريكي و نحن نشاهد هذا المشهد عن كثب في هذه الأيام مع الحرب على غزة ٠٠٠
و لكن من منظور الترجمة و الأدب و الشعر نعكس ملامح من خريطة الثقافة داخل طهران للشاعر و المترجم الإيراني الصديق ( موسى بيدج ) ٠
ومن ثم تظل اللغة الفارسية تحلق بيننا حيث ترتبط بلغتنا العربية فقد خالط الموالي العرب قديما و لا سيما في قيام الدولة العباسية و عرفنا من خلال دراستنا للفارسية في الجامعة و بعض النصوص التي فرضها علينا منهج الجامعة في الكلية ، أضف إلى الآداب الفارسية المترجمة إلى لغتنا العربية و قد طالعنا ( ملحمة الشهنامة ) للفردوسي حيث سيرة الملوك ٠
و رباعيات الخيام التي ترجمها شاعر الشباب أحمد رامي و غنتها السيدة أم كلثوم ٠
كما لا يفوتنا هنا الاستشهاد بثقافة ( خرسان ) و سياستها مع أبي مسلم الخرساني في التاريخ الإسلامي و غيره ٠
و ها نحن نتوقف مع الموسعة الإيرانية الشاعر و المترجم الصديق ( موسى بيدج ) المتيم و الحائر بين الثقافتين العربية والفارسية ، و من خلالهما يرفرف في عنان الأفق و سماء الشعر يبدع و يكتب و يترجم في شتى الفنون بكل لون فهو عاشق للحب و الجمال و السلام و الطبيعة و الوطن و الفلسفة التأملية و التجليات الصوفية الإشراقية ٠٠
فهو يحاول التقريب بالتفاهم بين الشعوب فقد نقل إلى العربية الكثير و إلى الفارسية أيضا من خلال دوره الرائد هكذا ٠
* أليس هو القائل في اليوم العالمي للشعر :
في البعيد أرى قصيدة
ستغير العالم
قصيدة لا تنتمي الى لغة أو جغرافيا
فالشعر ليس له وطن
إنما يقيم في القلوب
و يترجم الرؤى و الأحلام ! ٠
* نشأته :
-----------
وٌلد الشاعر و المترجم و القاص و الأستاذ الأكاديمي موسى بيدج عام ١٩٥٦ م في كردستان ٠
فهو مترجم وشاعر ومستشار إذاعي إيراني من أصول كردية، وأستاذ الأدب العربي في جامعة طهران.
- يقيم في طهران، يرأس تحرير مجلة شيراز (وهي نافذة عربية على الأدب الإيراني) ٠
- أضف إلى مجهوداته الكبيرة في الساحة الأدبية، إلا أنه منغمس في الساحة الأكاديمية أيضا، فهو يدرّس الأدب الحديث في الجامعة وله برنامج إذاعي بعنوان ( عالم الترجمة) ٠
إنه مسكون بالترجمة، وقد تجاوزت إصداراته ستين كتابا، شارك في مهرجانات شعرية وندوات أدبية وثقافية دولية وعربية.
ويُعد موسى جسرا مهما بين الثقافتين العربية والفارسية ومن أشد المؤمنين بدور الثقافة في التقريب بين الشعوب، سبق أن كرمته مجلة العربي عن دوره الرائد، وأيضا مؤسسة جائزة الشيخ حمد للترجمة ٠
يُعتبر صاحب مساهمة أساسية في وصل كلٍ من الأدب العربي والإيراني من خلال ترجمة قرابة 40 كتابًا من العربية إلى الفارسية والعكس. يترأس تحرير مجلة شيراز التي تصدر في طهران باللغة العربية وتعتبر نافذة للقارئ العربي على الأدب الإيراني الحديث.
- ورقة بحثية بعنوان «طريق الحرير بين الثقافتين العربية والفارسية».
- كتاب أنطولوجيا القصة الإيرانية الحديثة ٠
- و قد ترجمت لمئتي شاعر عربي حدیث..
إما مجامیع شعریة أو بعض قصائد.. علی الأقل في أكثر من ثلاثین كتاباً ٠
- وله كتاب عن شعر المقاومة العربي منذ البدء إلی الیوم.. یُدرَّس في الجامعات الإیرانیة ٠
- له عدة مجموعات شعرية منها :
ديوان : “كم متأخرة الحياة” ٠ ديوان :”حقل القصب” ٠
ديوان : رجل لا يصلح للحب ٠
ديوان : أجنحة للهبوط ٠
- ومجموعتان قصصيتان، هما “السماء الزعفرانية” و”العاشق البليد”.
* نماذج من شعره :
------------------------
( شعر و ترجمة: موسى بيدج )
القَفْص يَحْلمُ بِالْكَنَارِي
الشَّبَاكُ بِالنَّسِيمِ
وَأَنَا أَحْلمُ بِك
أَنْتِ الَّتِي أَخَذَ القِطَارُ بِضَفِيرَتِكِ
صُوْبَ الْأُفُقِ صَارِخًا
اللَّعْنَةُ عَلَى رَحِيلِ القِطَارَاتِ
اللَّعْنَةُ عَلَى هَذَا الْمَدَى اللَّازُورْدِيِّ
اللَّعْنَةُ عَلَيَّ
أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ دَفْتَرًا مَفْتُوحًا
مِصْبَاحًا مُشْتَعِلًا
وَكَلِمَاتٍ تَحْتَرِقُ عَلَى شَفَاهِي
أَيْنَ ذَهَبَتْ
ضَحِكَاتٌ كَانَتْ كَالْنُّوَفِرَاتِ
أَبْوَاب مَحَلَّاتٍ مُشْرَعَةٍ
أَغَانٍ كَانَتْ تَرْقُصُ
وَدَرَّاجَاتٌ تَأْتِي بِالرَّغِيفِ
لَا لَمْ تَسْرِقُكِ القِطَارَاتُ
إِنَّمَا أَخَذَتْ بِكِ رِيَاحٌ خَفِيَّةٌ
إِلَى مَكَانٍ لَمْ يَعُدْ بِإِمْكَانِنَا رُؤِيَّتُكِ حُلُمًا
وَالْآنَ
جَالِسٌ أَنَا
مِثْلَ حَارِسِ سُككٍ مَذْهُولٌ
فِي إِنْتِظَارِ قِطَارٍ غَائِبٍ
مِثْلَ قَفْصٍ يَحْلُمُ بِالْكَنَارِيِّ
مِثْلَ شَبَاكٍ يَحْلُمُ بِالنَّسِيمِ
وَمِثْلِي أَنَا
حَيْثُ أُحَدث خَيَالكِ حَوَالَيْ
زَحْمَة فِي المَرُوْرِ ! ٠
***
و يقول شاعرتنا المترجم الإيراني موسى بيدج في قصيدة أخرى بعنوان ( خيمة سوداء ) :
إنما للبحر فم وأسنان
تصطك خوفا من خيمة سوداء
يا صديقي
غاب الملح عن الماء
عن الخبز
وعن الكلمات
قل للمراكب
أن تنتشر في المرافئ
قل للغواصات النووية
ان تعود الى اوكارها
فالبحر مصاب
و عيادات الأسنان معطلة!
***
يقول موسی بیدج في مقطوعة شعرية أخرى:
حرائق المكتبات
الغرفة تكتظ
بثاني اوكسيد الكربون
كتاباتي النائمة على الرفوف
تحلم
بنافذة ترفرف
على جدران العالم
تحلم بالعودة
الى أحضان الشجر
تحلم بابتسامة مكتوبة
وتبكي
كلما تطفو حرائق المكتبات في الذاكرة
فيا سيارات الشرطة
في غرفتي
احفظيني من ثورة هذه المسودات المبعثرة
التي إهتاجت
و تريد إسقاطي من سريري القديم ! ٠
***
و ها هو ينتقل بنا في مقطوعة شعرية بديعة حيث يرسم لنا بعض لوحاته الفنية في تلقائية حيث يقول فيها :
أكثر الكلمات إحمرارا
عينا طفل
يرنو الى دراجة صغيرة على الطريق
أكثر الكلمات إخضرارا
إبتسامة صبية
تنثر شعرها عبر النافذة
نحو مارة مجهولين
و أكثر الكلمات إسودادا
قلبي
المكتظ بقصائد لا تحبها
شرطة المرور ! ٠
***
و أخيرا بعد هذه الرحلة في عيون الأدب و الشعر و الثقافة الفارسية داخل دائرة صفحات من العمق الإيراني المعاصر ، في زمن الحب و الحرب و السلم في تناغم ، و ذلك من خلال شاعرها و مترجمها الصديق ( د٠ موسى بيدج ) الذي يعكس مدى ثنائية الإبداع بين الثقافة العربية و الفارسية في تقارب و مزج يذكرنا بالعصر العباسي المزدهر دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد إن شاء الله ٠

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق