آخر المنشورات

الاثنين، 7 يوليو 2025

أسباب الصراع والانتشار الإعلامي اللافت في ظل النزاعات الإقليمية والدولية بقلم الكاتب طه دخل الله عبد الرحمن

 أسباب الصراع والانتشار الإعلامي اللافت في ظل النزاعات الإقليمية والدولية  

في عالم يتسم بتزايد التعقيدات الجيوسياسية والتنافسات الدولية، أصبحت النزاعات الإقليمية والدولية سمة بارزة في المشهد العالمي. ومع تصاعد هذه الصراعات، يبرز دور الإعلام كأداة رئيسية في تشكيل الرأي العام وتوجيه السياسات. لكن لماذا تشهد هذه النزاعات انتشارًا إعلاميًا لافتًا؟ وما العوامل الكامنة وراء تفاقم الصراعات في العصر الحديث؟ 

هذا المقال يستعرض الأسباب الجذرية للصراعات الإقليمية والدولية، ثم يبحث في العوامل التي تجعل الإعلام لاعبًا محوريًا في تضخيمها أو تخفيف حدتها.    

أولًا: الأسباب الجذرية للصراعات الإقليمية والدولية 

1. التنافس على الموارد والثروات 

الموارد الطبيعية مثل النفط والغاز والمياه والأراضي الزراعية تشكل سببًا رئيسيًا للصراعات، خاصة في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا. فمثلاً، النزاعات في منطقة دارفور وجنوب السودان مرتبطة بالسيطرة على الموارد المائية والنفطية. 

2. الخلافات الحدودية والإقليمية 

تداخل الحدود التاريخية والادعاءات الإقليمية المتنازع عليها يؤدي إلى صراعات طويلة الأمد، كما هو الحال في النزاع بين الهند وباكستان حول كشمير، أو بين إسرائيل وفلسطين حول الأراضي المحتلة. 

3. العوامل السياسية والأيديولوجية 

الصراعات الأيديولوجية، مثل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي سابقًا، أو التنافس الحالي بين الولايات المتحدة والصين، تخلق تحالفات معقدة ونزاعات بالوكالة. 

4. التدخلات الخارجية ومصالح القوى الكبرى

كثير من النزاعات الإقليمية تتفاقم بسبب تدخل القوى الدولية لخدمة مصالحها. فمثلاً، التدخل الروسي في أوكرانيا، أو الدعم الأمريكي والإيراني لأطراف متنازعة في المنطقة، يزيد من تعقيد الصراعات ويطيل أمدها.   

5. العوامل الاقتصادية والفساد 

ضعف الحكومة والفساد وسوء توزيع الثروة يؤدي إلى تفاقم الاحتقان الداخلي، مما يخلق بيئة خصبة للصراعات الأهلية، كما حدث في ليبيا والعراق بعد سقوط أنظمتهما. 

6. العوامل الدينية والطائفية 

تستغل بعض الجماعات والأنظمة الانقسامات الدينية والطائفية لتعزيز نفوذها، كما نرى في الصراع بين السنة والشيعة في بعض دول الشرق الأوسط، أو اضطهاد الأقليات في مناطق مثل ميانمار. 

ثانيًا: أسباب الانتشار الإعلامي اللافت للنزاعات 

1. الإعلام كسلطة رابعة وتأثيره على الرأي العام 

أصبح الإعلام أداة قوية في تشكيل الوعي الجماعي، حيث تستخدمه الحكومات والجماعات المتنازعة لتبرير مواقفها وكسب التعاطف الدولي. فالصراع في فلسطين مثلًا يحظى بتغطية إعلامية واسعة بسبب استخدام كلا الطرفين للإعلام لنشر روايته. 

2. التطور التكنولوجي ووسائل التواصل الاجتماعي 

مع ظهور المنصات الرقمية مثل "تويتر" و"فيسبوك" و"تليجرام"، أصبح نقل الأخبار سريعًا وغير خاضع للرقابة في كثير من الأحيان. وهذا يساهم في تضخيم الأزمات، كما حدث في الربيع العربي حيث لعبت وسائل التواصل دورًا محوريًا في تحريك الجماهير. 

3. الحرب النفسية والدعاية

تستخدم الأطراف المتحاربة الإعلام كسلاح نفسي، سواء عبر بث الأخبار الكاذبة أو التضليل الإعلامي. فمثلاً، في الحرب الأوكرانية، كلا الطرفين يستخدمان الإعلام لنشر الروايات التي تخدم مصالحهما. 

4. المصالح الاقتصادية للإعلام 

الصراعات تدرّ أرباحًا كبيرة على وسائل الإعلام بسبب ارتفاع معدلات المشاهدة، مما يدفع بعض القنوات إلى التركيز على الأخبار المثيرة حتى لو كانت غير دقيقة، مما يزيد من تأجيج النزاعات.  

5. دور المنظمات الدولية والإنسانية 

تسليط الإعلام الضوء على النزاعات يجذب انتباه المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والهلال الأحمر، مما يزيد الضغط على الأطراف المتنازعة لوقف القتال أو تقديم مساعدات إنسانية. 

لذا فالصراعات الإقليمية والدولية تنتج عن تفاعل معقد من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بينما يلعب الإعلام دورًا محوريًا في تضخيمها أو تخفيف حدتها. في عصر التدفق المعلوماتي السريع، أصبحت الحروب لا تُخاض فقط على الأرض، بل أيضًا على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي. 

لذلك، من الضروري تطوير آليات أكثر فاعلية للتحقق من المعلومات ومحاربة التضليل الإعلامي، مع العمل على معالجة الأسباب الجذرية للصراعات بدلًا من الاكتفاء بإدارتها إعلاميًا. يمكن تحقيق استقرار حقيقي يقلل من انتشار النزاعات ويحد من تأثيرها السلبي على الشعوب.

طه دخل الله عبد الرحمن

البعنه == الجليل

30/06/2025


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق