قصة قصيرة
البوستة و الهرسك
للكاتب المصري م محمود عبد الفضيل
لم أكن أتوقع أن يشملني قرار السفر للتدريب علي المعدات التي تم أستيرادها من يوغسلافيا رغم حداثه عهدي بالعمل في المؤسسة و أن احصل علي تلك الفرصه و سط هذا الكم الغفير من الزملاء القدامي و المديرين
وفي غضون أيام قليلة تم السفر و أستقبلني مدير الشركة اليوغسلافية في مكتبه ووجدت صعوبه جدا في التواصل معه مما زاد خوفي من تلك المنحه خاصه أن الشركه التي اعمل بها تعول علي المثير من الآمال في تشغيل تلك المعدات و صيانتها وتدريب العماله عليها
و لكن زال قلقي بعد أن أوكل مستر لانو مهمة متابعتي لفتاة جميله تدعي اوليجا تتحدث الانجليزية بطريقه مفهومه ومن خلال التعامل مع اوليجا نمت صداقة بيننا خرجت عن حدود العمل خاصه أنها الوحيدة في صربيا التي استطيع التحدث معها بسبب عائق اللغه فهى الوحيده بدالتي اعرفها و تتحدث الانجليزية و تتواصل معي بصفة مستمرة بعد العمل
كنت سعيدأ بوجودها خاصه أنها سهلت علي فهم كل مايدور في المصانع و عمليات الإنتاج و الصيانه و ترجمتها السهلة البسيطة التي تنم عن فهم لكل صغيرة وكبيرة في المصانع و مع الوقت ساهمت اوليجا في تعليمي اليوغسلافية عن طريق تحديد وقت محدد كل يوم لدروس اليوغسلافية
أصبحت اوليجا كل حياتي ووسيلة التواصل بيني وبين العالم خاصة أنها تتميز بجمال ساحر جمع بين وضاءه الوجه و تناسق الجسد و غجرية الشعر و جاذبية الحديث
و مع الأيام أحسست بشعور غريب تخطي مرحلة الصداقة و تحول إلي حب جارف من ناحيتي و لكني لا استطيع البوح حتي لا تتأثر علاقتي بها في العمل و قررت أن ابوح لها بحبي في اخر ايام المنحة التي تم تحديدها بستة اشهر
و بالفعل في اخر يوم أخبرتها بمدي تعلقي بها و عدم استطاعتي أن أعيش بدونها رغم كل الفوارق التي تحيط بنا
ابتسمت في هدوء و أقرت بحبها لي و لكن مع ضيق الوقت طلبت مني التواصل بعد عودتي عن طريق عنوان دسته لي بعد أن كتبته في ورقة أمامنا علي المكتب باللغة الكرواتية
امسك بورقة أخري وكتبت عنواني باللغه العربيه و الانجليزيه و الكرواتية
و ما أن عدت إلي الوطن و انتشرت أخبار الحرب الضروس التي قامت في يوغسلافيا ما بين صربيا و كرواتيا
ثم دخول الحرب البوسنه
حينها أرسلت أول رسالة في محاولة يائسة الإطمئنان عليها
و لم أكن أتوقع أن يأتيني الرد منها تشرح سوء الأحوال و صعوبة المعيشة
حينها توالت زيارتي لمكتب البريد أرسل إليها خطابات قلقه و مساعدة مالية كدعم لها في هذه الظروف العصيبة
علي مدار شهور طويلة لم تنقطع الخطابات بيني و بينها
احاول أن أخفف عنها قليلاً و أدعمها بما استطيع من أموال
متخذا المثل نوايا تسند الزير و هي ترد ممتنه لأهتمامي
بها و دعمي المادي
حتي آتي اليوم الذي اقتحمت قوة من الشرطة منزلي و تم اقتيادي إلي مبني أمني
و أمام الضابط استفسرت عن سبب أقتيادي إلي هذا المكان و انا كل حياتي مقسمه مابين العمل و المنزل
اخرج من ملف أمامه خطاب موجه لي من اوليجا
و العنوان من مكتب بريد أورشليم و تم ترجمه الخطاب الذي يحوي شكر خاص لي علي التعاون في الفترة السابقة
و أخبرني الضابط أن أخبره عن الموضوع بكل تفاصيله و علاقتي بها
طلبت منه فحص باقي الخطابات السابقة بيني و بينها
و التي تم إرسالها من كرواتيا
و بالفعل أخبرني الضابط أنه تم فحص كافة الخطابات
و المطلوب مني أن أكتب تقرير مفصل عن بدايه علاقتي بها و إلي أي مدي وصلت العلاقة
مع طلب بالتواصل مع الضابط في حال تواصلها معي مرة أخري
بعد شهر وصلني خطاب منها يبشرني أنها في إنتظار حادث سعيد و تقترح علي أن نسمي أبننا الأول ليشع .
ذهبت إلي المبني و اكتشفت أن الضابط قرأ الخطاب قبل أن يصلني و نظر إلي بأحتقار لاني لم أخبره أن هناك علاقه حميميه تمت بيني و بينها و رغم أنني لم تقع في علاقه جسديه معها و محاولاتي إقناع الضابط بذلك
لا أنه لم يصدقني إلا بعد أن أجتزت الكثير من الأختبارات التي ثبتت صحة كلامي و منها اني عقيم
و هنا قرر الضابط أن أترك الموضوع برمته للاجهزه للتعامل معها
توجهت إلي البوسنه لسحب جميع أموالي التي كنت أدخرها عندهم و توجهت إلي بنك وطني لوضع أموالي هناك

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق