الدمعة
نقية منبعثة من سراديب بها لوحات الجوارح ومصفاة المشاعر ورسوم الحياة وهي تتداول بألوانها على الوجوه والكلمات والخطى.
جاثمة كجندي حارس للحدود والممتلكات في انتظار رسالة الغزو والذود عن الحقيقة، فتراها تطل من حين إلى حين خاطة الأخدود و مزركشة الوجنات بصفاء عطرها مغرقة الحبيبتان في السيل الجارف الذي تقرأ من خلاله القصة بأكملها دون شرح ودون توضيح ودون أية رواية.
فإذا عصفت بالجوارح مسحة فرح تراها مقبلة في الصفوف الأولى وكأنها تأبى إلا توشح راية القيادة وتوسط المشهد لاضفاء اللمسة الجمالية الحنون الداعية للتضرع بالشكر وسجود الحمد على المنة والعطية بشكل يغرق الحاضر والغائب في متعة اللوحة مع أعمق أماني عبور طيفه حين غفلة بالديار.
أما إذا قصفت الأحداث موقعة أو نزل بأحد الأركان شهاب فترى السيل الأجاج يعبر هادما جميل الإبداعات معدما في لحظة ضعف الأواصر والروابط والعلاقات بسهام الصدمة وتعاليمها الحاثة على كسر الجرة سريعا و بصرعة مقيتة في ظل توهج العدو الأبدي ودفعه بالقاصي والداني للجحيم فإذا خضعت النفس لتعاليمه هطلت على الأرض الفلاة زخات الكلمات النابية الجارحة التي تقض المضاجع وتشق الجميل بالصدوع لتهب بعدها أعاصير الندم والحسرة.
فإذا تسلحت النفس بالرضا سُيّج لها محيط الحصانة و قام لها الصرح الممرد ونالت التعويض الإلهي والجبر الرباني من حيث لا تحتسب . فالقصة كلها تعايش بديع بين مختلف اللوحات و تناغم فطري بين الأحداث والرسائل.
تماما كما قد تزور الجفون والجوارح في لحظات الخضوع للحقيقة وقت خشوع جارف أو خلال وقوف أو سجود أو تلاوة مذكرة بالنهاية والمشهد الخفي الكامن خلف الأيام مبشرا بالمناسبة بالخلود في الجنان أو غير ذلك .
فهناك تنصب نفسها ملكة الزمان وحاكمة المسار وصاحبه الفضل فقط لو أخذ الباكي بزمام أحكامها و اتعظ برواياتها وقرأ رسائلها بالجوارح لرص مسار الخلاص لبنة لبنة.
أما إذا رفضت وحلقت مكشرة خلف التيار فلن تضر الرحلة الشمس أبدا و لن ينكسف القمر أبدا لحزن أحدهم أو رحيله و لكن بالمقابل أيضا لن تنال الرضا أبدا حتى تعود ....
محمد بن سنوسي
من سيدي بلعباس
الجزائر .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق