آخر المنشورات

الأربعاء، 2 يوليو 2025

صمت المدى بقلم الكاتبة زهراء الركابي

 صمت المدى


أمشي...

وليس في قلبي إلا صدى بعيد،

كأنه أنينُ زهرةٍ

سقطت من يدِ الريح.

هذا الليلُ،

يشبهُ دمي حين أحزنُ

ثقيلًا...

ساكناً...

ولا أقول شيئًا.


حقولُ الخردلِ تصفرُّ حولي

كأنها تهمس لي:

ارجعي

لكنني... لا أُجيد الرجوع.


السماءُ أقربُ من أمي،

وأحنُّ من صدورِ النساء

اللواتي نسينَ كيفَ يُصلّين.


كلُّ شيءٍ فيَّ

يمشي نحو الضوء

حتى قدمايَ العاريتين 

تمرانِ على العشبِ

كأنّهما تذكرانِ المطرَ

في وجهي الأول.


هناك... فوقَ رأسي،

يمرُّ القمرُ

كأنه سيفٌ مبلولٌ بالحليب،

يشقُّ هذا الظلام

كمن يبحث عنّي

ولا يعرفني.


أنا وحدي،

لكن لا أخاف،

تعلمتُ من السماء

أن أُخبئ رعشتي بين ضلوعي

وأن أُصادق الغربةَ

حين تُربّتُ على ظهري بلطف.


أحيانًا...

أشعر أني لستُ هنا،

بل أنني ظلٌّ

نسيَ أن يعود إلى جسده.


هل تراني

أمشي في حلمٍ؟

أم أن الأرضَ انزلقتْ فجأةً

وتركتني أُحلق؟


أين وجهي؟

أيّ مرآةٍ في هذا الفضاء

تعكسُ ملامحي

كما كانت حين كنتُ صغيرةً

وأغنّي للعصافير؟


الليلُ كثيف،

وأنا أرقصُ كأنني نسيتُ كل شيء...

نسيتُ الشوارع،

وأسماءَ الذين مرّوا

وتركوني أنمو كعُشبةٍ

على هامشِ الحكاية.


أنظرُ إلى السماء

كمن يريد أن يعود إليها،

كأن قلبي

انفصل عن جسدي

وسافر قبلي.


ربما كنتُ مجنونة...

لكن مَن قال إن المجانين

لا يعرفون الطريقَ إلى الله؟

مَن قال إن السائرين على التراب

هم الأقرب إلى الحقيقة؟


أنا الآن أذوب،

أختفي في زرقةٍ لا نهاية لها،

صرتُ فكرة،

أو طيفًا

يمشي بين الحقول

ويضحك بلا صوت.


وفي الصباح،

لن يبقى مني سوى ظلٍّ

يبتسمُ

حين تمرُّ طفلةٌ حافية

تبحثُ عن القمر.


الكاتبة زهراء الركابي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق