امرأةٌ كالحُلم،
ماؤها أوّلُ ذاكرة،
ونسيانها آخرُ ذاكرة.
هي الطوفانُ،
حين ينهضُ من سريره،
ويجرفُ المدنَ التي ظنّت أنها أبدية،
يمحو الأبراج،
ويترك السفنَ معلّقةً
على جدار العاصفة.
نوحٌ بحث عنها،
ظنّها خشبةَ النجاة،
لكنها كانت الماءَ الذي يبتلع،
وكانت الطوفانَ الذي لا يُطيع.
امرأةٌ كالحُلم،
هي البحرُ حين يتذكّر أنه بلا شاطئ،
والموجةُ حين تدرك أنها أُمٌّ للهاوية.
تخرجُ من كلِّ عينٍ باكية،
ومن كلِّ جدارٍ غارقٍ بالملح،
ومن كلِّ اسمٍ مُبلَّلٍ في سفرٍ قديم.
امرأةٌ كالحُلم،
هي الماءُ الذي لا يُمسَك،
والفيضُ الذي لا يهدأ،
والعطشُ الذي يخلق نفسه من جديد.
في غيابها،
تصير الأرضُ هشيمًا من غبار،
وفي حضورها،
تصير الأرضُ سفينةً بلا وجهة،
تبحث عن جبلٍ لا يظهر.
هي الماءُ الذي كتب الكتب،
ومسحَ الكتب،
هي الموجةُ التي تهدم اللغة،
وتُقيمُ لغةً أخرى من رغوةٍ عابرة.
امرأةٌ كالحُلم،
حين تعصفُ،
تنفتحُ السماواتُ كجرح،
ويتهاوى الزمانُ من عرشه،
ويعود كلُّ شيءٍ إلى فوضاه الأولى.
لكنها أيضاً،
الندى الذي يبقى بعد الطوفان،
القطرةُ التي تُعيد رسمَ قوس قزح،
والنهرُ الذي يتذكّر
أن الولادةَ ممكنةٌ حتى بعد الموت.
امرأةٌ كالحُلم،
ليست ماءً فحسب،
بل هي العطشُ الذي لا يرتوي،
والغرقُ الذي لا يُنقَذ،
والحياةُ وهي تتأرجحُ
بين البداية والنهاية.
عامر حامد المطيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق