خَاطِرَةُ الأَصَابِعِ وَصَرْخَةُ الحُرُوفِ
لَمْ أُحِب أَنْ أَصْرُخَ بِحَنْجَرَتِي، فَإِنَّ الصَّوْتَ يَذْوَبُ فِي الهَوَاءِ، وَيَضِيعُ بَيْنَ جُدْرَانِ الزَّمَنِ العَابِرِ. فَاخْتَرْتُ أَصَابِعِي قَلَمًا، وَالحُرُوفَ صَوْتًا، وَالكَلِمَاتِ صَرْخَاتٍ خَالِدَةً تُنْحَتُ عَلَى صَفْحَاتِ الوُجُودِ.
أَصْبَحْتُ كَاتِبًا، لِأَنَّ الكِتَابَةَ هِيَ الصَّمْتُ الذِي يَهُزُّ الأَرْوَاحَ، وَالنَّارُ الَّتِي تَشْتَعِلُ فِي الصَّدْرِ فَتَنْتَشِرُ ضِيَاءً. أَصَابِعِي لَا تَعْرِفُ الصَّخَبَ، وَلَكِنَّهَا تَبْنِي مِنَ الأَحْزَانِ وَالأَحْلَامِ عَالَمًا يُشْبِهُنِي، وَيُشْبِهُ كُلَّ مَنْ يَقْرَأُنِي.
فَإِذَا كَانَ الصَّرِيخُ يَخْرُجُ مِنَ الحُلُوقِ غَضَبًا، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الأَقْلَامِ شِعرًا، وَمِنَ القُلُوبِ حِكْمَةً. وَهَذَا هُوَ سِرُّ الكِتَابَةِ: أَنْ تَجْعَلَ مِنَ الوَحْدَةِ جَمَاعَةً وَمِنَ الصَّمْتِ نَغَمًا وَمِنْ أَلَمِكَ أَبْجَدِيَّةً تَقْرَأُهَا العُيُونُ فَتَبْكِي!
طه دخل الله عبد الرحمن
البعنه == الجليل
11/08/2025
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق