مرارة الوقت
**********
يؤرّقني التفكير
من أدناي إلى أقصاي
يأخذني بعيدا
إلى نوافذ أجهلها
أتجرّع مرارة الوقت
وجهي مليىء بالأسى
أمشي حذرا في مشيي
مشدوها من هول ما أرى ..
ههنا رمت بي الأقدار
بين حوافر واقع مقيت
أتعقّب آثار غد
يكتنفه غموض
رمقي لا يسدّه رغيف
جوعي أكبر منه ..
كمتشرّد أنا ..
خانني الكلّ ..
كلاجىء أنا ..
لا أرض له يقف عليها
ليشمّ رائحة الأولين
لا بيت له يأوي إليه
مهجّر من الشّمال إلى الجنوب
و من الجنوب إلى الشّمال
مطارد من الغرب
منبوذ من الشّرق
مشكوك في عروبته
مطعون في هويّته
مباح سفك دمه
آه يا ليلي الطّويل ..
بتّ تأنس ببروق السّماء
أضناك سواد العتمة
طال انتظارك لنور الصّباح ..
آه يا غربتي الموحشة ..
بين خيام أضاعت دفئها
فباتت الأغراب و الأعراب
تتاجر بأهازيج ماضيها ..
فتهاوى الأجساد عطشا و جوعا
من حولها مفعمة بالكرامة
آه يا جرحي ..
القديم .. الجديد
نازف أنت و ممتدّ..!
من الخليج إلى المحيط
لم نساك صهيل الخيل ؟
آه يا شموخ النّخيل ..
أما كانت تشرئبّ لك الأعناق
تتوق لك الأنفس
أين رحل فرسانك ! ؟
آه .. آه ..
أتعبني عباب التّعب
و جند التّتار في زهوّ
يطمس التّاريخ ..
يصلب الرّجال ..
يغتصب الثكالى ..
قرب أسلاك الحصار
و الزّمن يعزف لحن الدمار
تموت فوق خرابه أجنّة الأمل
يدفئها الخلاء بائسة
يدثّرها الهزال عارية
لا مثوى أشيّعها إليه
فغاب الصّبر عن موكب
و غاب النّعاة و الأحبة
كلّهم طعنوا من الخلف
بحراب العروبة الصّدئة
* صادق الهمامي / تونس *

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق