آخر المنشورات

الثلاثاء، 5 أغسطس 2025

أشتهي ونيسًا. بقلم الكاتب سعيد إبراهيم زعلوك

 أشتهي ونيسًا...


أشتهي ونيسًا يُقاسمني هُمومي والكلامْ،

نمشي سويًّا، نَرتقُ الوقتَ ونزرعُ فيهِ سلامْ،

نحملُ الأحلامَ في كفٍّ، وفي الأخرى وئامْ،

ونقول للدنيا: نحنُ هنا... لا يُهزمُ فينا انسجامْ.


أشتهي وجهًا يُضيءُ العمرَ إن خاصمَ الضياءْ،

صوتًا يُعيدُ لقلبي الضائعِ نَبضَ الرجاءْ،

كفًّا تُصافحُني إذا خذلتني السماءْ،

وحضنًا يَضمُّ روحي... إن سَرتْ نحو البكاءْ.


أشتهي من الدنيا دفءَ الحنانْ،

لا تُقسِمُ ظهري بِوَجعِ الهوانْ،

ولا تسكبُ في صدري نارَ الأزمانْ،

بل تهديني من الفرحِ ألوانْ.


أشتهي ضحكةً لا تعرفُ المكرَ، ولا تُخفي النّوايا،

وأحاديثَ صادقةً... لا تَنهارُ بين الزوايا،

أشتهي عينينِ صريحتينِ، لا تُجيدُ التمثيلا،

وقلبًا لا يُخبِّئُ خلفَ الحبِّ... دَخيلًا.


نُقسمُ الفرحَ كما يُقسمُ الخبزُ على طاولةِ الصباحْ،

نغزلُ من خيوطِ البساطةِ أجنحةً للارتياحْ،

نتكئُ على الصدقِ، لا نغرقُ في القناعْ،

ولا نُهدي قلوبَنا... لعابرٍ لا يستبيحُ الرّواحْ.


أشتهي بيتًا صغيرًا، في زاوياهُ دفءُ الأمانْ،

لا كثيرَ زخرفٍ، لا أبوابَ من دخانْ،

يكفيني فيهِ صوتُ من أُحبُّ،

وضوءُ عينيه حين يبتسمُ لي... كالأذانْ.


هل هذا كثيرٌ على إنسانْ؟

أن يحيا بقلبٍ لم تُرهقهُ الطعَناتُ في كلِّ مكانْ؟

أن يجد في الآخرِ مرآته، لا سيفًا خَفِيًّا بين الحنانْ،

أن يُصغي لصمتِه من يُحب، كأنّه أعذبُ بيانْ؟


أشتهي نُضجًا لا يُراوغني إذا احتجتُ اعترافًا،

وكتفًا يسندُ الجُرحَ إذا ضلَّ التئامُه وانحرفَ مسعاهُ وانجرفَ خَرافةً أو نزفًا،

أشتهي صدقًا يُعانقُ ضعفي، لا يُشهِرهُ بين الخلائقِ سخريةً وشغفًا.


أشتهي امرأةً...

تحملني إذا خانتني الأرضُ،

تُهدهدُ قلبي إذا أضنانيَ النبضُ،

تقرأني حين أضيعُ بين السطورِ،

وتهمسُ: لا تخفْ... فأنا هنا، لا تغيبْ، لا تمرُّ كالعُمرِ، بل كالحُضورْ.


أشتهي روحًا، لا تُقايضني، لا تُفاضلُني، لا تُفاوضُني،

روحًا تأتيني إذا استبطأني الجميع،

وتُنبتُ في وجعي ربيعْ،

وتمسحُ من جبيني ملحَ الوحدةِ،

وتقول: ما خُلقنا لنمضي وحيدين، بل لنُكملَ الناقصَ فينا حبًّا... ويقينْ.


✍  سعيد إبراهيم زعلوك



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق