آخر المنشورات

السبت، 23 يوليو 2016

قصيدة الصماء..بقلم // الشاعر. .زكريا الشبلي..البحر الكامل


قصيدة الصماء..بقلمي..زكريا الشبلي..البحر الكامل

اخلع غرورك فالغرور رذيلة ***
 تزري , فلا يحظى بك الإزراء

والمدح وهم والنفوس تحبه ***
 فاحذر ولا يودي بك الإطراء

إن كنت ذا نعم تجود لكثرها *** 
فاشكر ولا يعلو بك الإغراء

اليوم في نعم وما تدري غدا ***
 تبقى عليها أم هي البأساء

واليوم في رغد يطيب مذاقه *** 
تختال في أركانك النعماء

وغدا تراك حليفها أم أنها *** 
تتحول النعماء والسراء

يا عاقلا خل الأمور جليلة *** 
وحذار أن تقتادك الأخطاء

إن الذين دروا حقائق عيشهم *** 
وترفعوا نبلا هم السعداء

أما الذين تخبطوا في تيههم *** 
وتفاخروا زيفا هم البؤساء

إن كان وجهك بالتبسم دائم ***
 جاءت إليك بمعشر سيماء

وتناقل الأحباب عنك رحابة ***
 حتى يغار لقدرك الأمراء

الابتسامة للمحبة موجب ***
 وتزول في أعطافها الشحناء

قدر المحبة أن تظل حبيسة ***
 قيد الصدور تحيطها الأهواء

تقتات من لحم القلوب طعامها ***
 وشرابها ضمن العروق دماء

نسعى لها سعي اللهوف لغاية *** 
وكأننا بمدامها الندماء

العمر يمضي بالهيام كلحظة ***
 والدهر تطوي طوله الأثناء

ود المتيم بالوصال دقيقة *** 
كانت كعمر والوصال عطاء

يخفي المحب غرامه متحفظا ***
 فإذا به قد عقه الإخفاء

ما نام من كان الغرام حليفه ***
 في ليله تتحالف الأدواء

والشوق يجري بالهواء لهيبه ***
 حتى تذوب بناره الأحشاء

آه لأهل الحب يوم رأيتهم *** 
قد أعشبت من حولهم جدباء

جادوا بدمع العين دون تذمر ***
 ولكم تمثل بالمحب سخاء

ما كان من أحد يجود كعاشق ***
 وهب الفؤاد وإنه معطاء

والليل يمكثه على أمل اللقا ***
 وصباحه رغم السهاد رضاء

ونهاره غزل وحب عارم ***
 والنوم ينسى طعمه الكرماء

أكرم بمن صدقوا الهوى أعرافه ***
 حتى وهت في عرفهم بغضاء

أما الذين تصنعوا دور الهوى *** 
كانوا نشازا إنهم غرباء

غلبت عليهم بالصدور ضغينة ***
 ونفوسهم عصفت بها الشحناء

يا نفس هل بعد المحبة نعمة *** 
فلما تهاب شرورك النعماء

سيري إلى حيث المسار يقلنا *** 
إن كان حق أننا الطلقاء

كل الدروب إلى اللقاء مصيرها ***
 ومصيرنا بعد الضياع لقاء

خلي الوداع بلا وداع إننا ***
 حين التلاقي والبعاد سواء

وبكاؤنا ما كان إلا مشهد ***
 سوّاه في لون البكاء رياء

لو تندبي أو تضربي أو تسخطي ***
 فمشاعر الأبرار منك براء

أتقنت دور الحب حتى خاله ***
 أصفى من الماء الزلال غباء

فإذا تملكت الفؤاد بغفلة *** 
كنت الظلومة والعداء عداء

اللؤم طبع والطباع عصية *** 
إن جاء يكشف سرها الحكماء

بادلت ودا بالجفاء تعنتا ***
 ولقد أساء إلى القلوب جفاء

بئس الجليس إذا أتيت جليسة ***
 إن اللئام لمثلهم جلساء

أقصيت عني من أحب وصالهم ***
 فنأوا بعيدا إنهم غرباء

أمارة بالسوء لست نزيهة ***
 أغواك وهم الشعر والشعراء

فأبحت هجرا واستبحت محبة ***
 واستأثرت في أمرك الغوغاء

الحق كل الحق أني ظالم ***
 حين ارتأيت بأنك العصماء

كوني على هذا المقام خنوعة ***
 إن المسيء بجهله مستاء

يا أيها الكون المليء رحابة ***
 ضاقت علي بكربتي الأنحاء

واستنكرت حتى الرمال وداعتي ***
 واستنكف الأحباب والرفقاء

وسوى ظلام الليل ما لي صاحب *** 
من كثر نوحي ملني السعداء

لكنني أجد الظلام معزيا ***
 إذ أنها سكنت بنا الظلماء

والعين قد ألفت غياهب عتمة ***
 تنعي على أطرافها الأضواء

يا خير خل والرفاق تناءوا ***
 لما تغذت من دمي البلواء

آثرت من كل الخلائق صحبتي ***
 فإذا عزمت تهابك الدهماء

أنت الصديق المستفيض شهامة ***
 وإلى صنيعك تهبط العلياء

يا من سريت إلى الجريح بليلة ***
 من هولها تتدافع الأدواء

خليت في دفء الفراش تلكؤا ***
 وأتيت تحمل نورك الآلاء

نور الوفاء ووهجه في ظلمة *** 
يسري بها عبر السواد وفاء

يا أوحد الأصحاب كيف أذيعها *** 
تلك التي تصغي لها الصماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق