آخر المنشورات

الاثنين، 12 أغسطس 2024

حتى لا ننسى شاعر المقاومة الفلسطينية الذي سجل تراجيديا الأرض والإنسان..محمود درويش بقلم الناقد والكاتب الصحفي محمد المحسن

 على هامش ذكرى رحيله*


حتى لا ننسى شاعر المقاومة الفلسطينية الذي سجل تراجيديا الأرض والإنسان..محمود درويش


 قبل 16 عامُا،وقف الخلق في كل مكان ينظرون إلى السماء، 

والجداول،والبحور،والأنهار،والحواري،والشوارع،والحيطان. ينظرون-وينتظرون-الأرض وهي تستقبل جسد ذلك الشاعر الكبير الذى عاش مخلصًا،وكتب صادقًا،وتكلم ناطقًا باسم فلسطين، وحقها،وأرضها،وشعبها في كل مكان.

لقد تكلم وكتب محمود درويش بكل بصدق-والشاعر إذ لم يكن صادقًا؛،فلا تنتظر أن ترى اسمه محفورًا ومنقوشًا على جدار الزمان.وسيذهب اسمه،وشِعْره،وقوله..إلى حيث

كان..زبدا..وطواحين ريح..!

ولأن محمود درويش كان شاعرًا صادقًا ستجد -في كل زمان.

ووفي كل مكان مَن يرسل له باقة ورد وباقة حُب مِن كل أقاصي هذا الكون الفسيح...

نعم ـ في مثل هذا اليوم من سنة  2008 رحل محمود درويش بجسده ـلكنه مازال باقيٍا فى الجليل،ورام الله،

ونابلس،وجنين،وغزة،وكل شبر من فلسطين. 

ومازال باقيًا في كل المدن العربية يرسل إلى أمتنا العربية وإلى العالم وإلى الإنسانية  قوله،وصدقه،وجهده،وشٍعْره،الذي قال لنا فيه :

"أنا هنا"

....وهنا فلسطين.

....و"هنا أنا" 

     وأنا "محمود درويش"

ولقد كان محمود درويش.. 

وسيبقى محمود درويش

وكانت فلسطين..

وستبقى فلسطين

ويظل شاعر الحب والوطن محمود درويش رمزًا للعبقريّة الأدبيّة والتعبير الصادق والعميق.يتجلى إرثه في سلسلة من الكلمات التي جمعت بين روحه المتمردة وقلبه المفعم بالحنان،والتي تعكس تجربته الفلسطينيّة المليئة بالمعاناة وتجربته الإنسانيّة الخالصة. 

وتخليدا لذكراه،فإني أشجع المتخصصين بالأدب المقارن والآداب الأجنبية على إجراء دراسات مقارنة،تضع درويش في سياق الشعر العالمي،خصوصا في ضوء تجارب بعض الشعراء الذين أعجب بشعرهم،من إليوت ولوركا وناظم حكمت وكافافي وريتسوس وصولا إلى أكتافيو باث وشيموس هني وديريك والكوت وغينسبرغ وغيرهم.

وداعا..سيد الأرض وعطره..وأمير المكان..وأريجه..وأسمح لي أن أهديك قصيدة..وأنت في مرقدك الأبدي..


..إلى محمود درويش في رحيله القَدَري

“الشعراء كالأوطان.. لا يموتون..”


..من يدقّ باب الرّوح

في خفوت الشمس والضّــــــــــوء

من يطهّر الجسد من دنس الركض

خلف صهيل الـرّوح

من يمنح حبّة قمح تعبق بعطر الأرض

ليمامة تاهت

في رعب السكون الهائم

من يجفّف الدّمع..

والمحزونون في سبات ملء الجفون

أوغلوا في الدّمع في لحظات الوَجْد

فأنطفأ الوجع..

إلى أين تمضي في مثل ليل كهــذا !؟

والكلمات التي تركتها خلف الشغاف

تشعل شرفاتها

منارة

منارة

ولا يكتمل المكان..

تمنيتَ لو كنتَ نورسا على شاطئ غزّة

كي تعيد ارتحالك..كلّ يوم في المياه

تمنيتَ لو تجعل من دموع الثكــــالى

قاربا يجتاز العتمة..

كي يرسي على ضفّة مرهقة

تحتاج يد النهر كي تعبـــــــره

تمنيتَ لو يتوقّف..الزّمان

لحظة أو أقل

كي تعيدَ ترميم الحروف

كي تسير بكل،فجاج الكون

بغير جواز سفر

كي تروح بنوم مفتوح الرّوح..

يفيق على جمرة سقطـت

فوق شغاف القلب..

تمنيتَ لو تبرق للبعداء جميعـــا أن:

عودوا..أعطوا-لمحمود*-بعض وطن !!

ها أنتَ تئنّ

وتئنّ

إذا استرجعت غربتك من تيه الضجّة

وعدت بلا وطن

إلى أين تمضي في مثل ليل-عربيّ-كهذا ؟

إلى أين تمضي..بعربات الصّبح المبكــــرة..؟

ها أنّي أراك تلوّح للأمكنة الأمامية

وهي تغيب..

ثمة نورس يتلاشى في الأفق البعيد

ثمة وجع بحجم الغيم ..يتمطى في اتجاهنا

عبر الضفاف

ثمة شيء ما ينكسر

يتهاوى

ولا يصل المكان

ها أنّي أراك في هدأة الصّمـــت

تنبجس من اختلاجات العزلـــــة

تنبثق بياضا ناصع العتمة..من عتبة القلب

نهرا

تجلّله رغوة الإنتظار

أراك..نهرا

تعتعه الرّحيل..فتهاوى

في أفلاج جفّ ماؤهــا

ها أنّي أراك،تعبر ممرّات الذاكرة

تترك حنجرتك زهرةَ بنفســــــج

تلج حجرات الرّوح

تاركا خلفك..صهيل الرّيح

كي لا ينهمر..الوجــــــع

ويسطو على ما تبقّى..من مضغة القلب

سخط الزّمان..


*المقصود:الشاعر الراحل محمود درويش


محمد المحسن


*محمود درويش (13 مارس 1941 – 9أوت/ أغسطس 2008)، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن. 

يعتبر درويش أحد أبرز من ساهم بتطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. 

في شعر درويش يمتزج الحب بالوطن وبالحبيبة الأنثى. قام بكتابة وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني التي تم إعلانها في الجزائر.

الأعمال النثرية:

"شيء عن الوطن"، (1971). "يوميات الحزن العادي"، (1973). "وداعا أيتها الحرب وداعا أيها السلام"، (1974). "ذاكرة للنسيان"، (1987). "في وصف حالتنا"، (1987). "في انتظار البرابرة"، (1987). "الرسائل (محمود درويش وسميح القاسم)"، (1999). "في حضرة الغياب"، (2006). "حيرة العائد"، (2007).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق