تحية تونسية تعبق بعطر الشعر..إلى الشاعرة الفلسطينية المغتربة أ-عزيزة بشير
"لا شيء يضعفها..ولا شيء يرهبها " فهي بنت فلسطين..
تصدير : وحده الشاعر يعرف سرّ العذاب الانسانيّ.وعمق مأساة الكائن البشريّ.
وحده يرفع القصيدة عاليا في وجه هذا العذاب دون احتماء بأوهام القبيلة وزعيق القتلة المختلط بصراخ الضحايا.
انجبت فلسطين الكثير من المبدعين سواء فى المجال الأدبى أو الفنى،هم مبدعون أفرزتهم المعاناة وشحذت عزائمهم قضيتهم الخالدة : فلسطين.وخلال العقود الماضية سطع نجم العديد من الشعراء الذين اتخذوا من الشعر وسيلة للتعبيرعن قضيتهم وإيصال صوتهم للعالم أجمع،فتمكنوا من خلال قصائدهم تحدى الحصار والقهر السافر والحصار الغاشم وكل أشكال الظلم التي مورست على الشعب الفلسطيني على مرآى ومسمع من العالم..
ولعل من أحد أهم أنماط الأدب المعاصر والذي ساهمت القضية الفلسطينية في إبرازه للقارئ العربي هو الشعر الذي أطلق عليه "شعر المقاومة". وهو الشعر الذي تسلل إلى القارئ العربي عبر العديد من النوافذ التي كانت متاحة في عقود الخمسينات والستينات والسبعينات من القرن الماضي.وقد كان لشعراء فلسطين من أمثال محمود درويش وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد وفدوى طوقان والعديد غيرهم قصب السبق في تأسيس هذا النوع الجديد من "القصيد".
وما دمنا نتحدث عن شعر المقاومة،فإننا نشير إلى كونه تلك الحالة التي يعبر فيها الشاعر وبعمق وأصالة عن ذاته الواعية لهويتها الثقافية والمتطلعة إلى حريتها الحقيقية في مواجهة المعتدي في أي صورة من صوره، منطلقا من موروثه الحضاري وقيمه المجتمعية العليا التي يود الحياة في ظلها والعيش من أجلها.
فالمقاومة هي مشروع حضاري أصيل لا يستطيع أحد مهما كان سلطانه وجبروته الوقوف أمام سيل هادر من إرادة شعب أو أمة ليمنعهم من تحقيق أهدافهم المشروعة والتي تكفلها شرائع السماء ومواثيق الأرض بكل أنواعها ومشاربها.ومن هنا إستمدت المقاومة الفلسطينية شرعيتها الكونية وذلك بتعاطف كل شعوب الأرض معها.وفي هذا المجال تبرز أهمية ودور الشعر المقاوم كشعر رسالي أحد أهم أهدافه العمل على إاستمراية شحن الحس المقاوم ليس فقط في شرايين الشعب صاحب القضية بل وأكثر من ذلك في إتجاه نحو دائرة "العالمية" بل وإن شئت "دائرة الكونية".
إن للشاعر الفلسطيني رسالة ترتقي إلى مستوى القداسة،يروم من خلالها تعميق وتجذير "الإنتماء المقاومي" في ذات المواطن الفلسطيني والعربي والوصول به الى حالة الاحساس الدائم ب"وجودية" المقاومة على الأرض أو حتى تحت الأرض.
في هذا السياق،نتذكر كلمات موشيه ديان بعد حرب 1967 وهو يعلن بكل وضوح أن قصيدة يكتبها "شاعر مقاوم" تعادل عنده عشرين "فدائيا".بينما يقول محمود درويش بأنه قد تلقى تهديدا بعدم قرض الشعر أو إلقائه عندما ألقى أول قصيدة له في المدرسة.
وإذن ؟
"الشعر المقاوم"إذا، هو الذي يستنهض الأمة من سباتها ويوقظها من نومها العميق،ويعمل على تحريك المشاعر والأحاسيس وهي مخرجات لا تتأتى إلا بوجود عوامل تحفيز كالاحتلال والغزو والاضطهاد الذي تتعرض له الدول والشعوب.
ولأنها صاحبة حق وفكرة ومحبة للحياة ومقبلة عليها،فإنها تمتلك القدرة على صياغة كلمات اشد شراسة من فوهات البنادق وأكثر صدقا من كل المجالس الدولية الصماء،لا شيء يكسر ها في زمن الإنكسار،ولا شيء يرهبها في عصر الإرهاب والترهيب..فالأرض أرضها والوطن السليب والمستلب ( فلسطين) موطنها وإن طال الفراق،وأشتد أوار الغربة والإغتراب على قلب جريح نالت منه المواجع،ونخره الحنين..
إني أتحدث هنا عن الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير..شاعرة عرفت بكاتاباتها الجريئة،تحمل وطنها بين جنبات القلب والروح وكلما كتبت بكى وطنها..بكاء الغريب..ونادتها فلسطين بصوت مشنوق..
أشعارها تصغي لوجع الإنسان المغترب،في زمن الأوجاع والمحن..وترسم دربا مضيئا لحلم مؤجل..
تقول شاعرتنا السامقة أ-عزيزة بشير :
شُرَكاءُ في مجازرِ غزّة
أعوذُ باللهِ مِن عشْرٍ تُراقُ بِهِم
أزكى الدِّماءِ بِأرضِ الحَقِّ ….في (غزّهْ)
كلٌّ تَراهُ بِشيْطانٍ عليْهِ بَدتْ
آثارُ جُرْمِهِ كالغيلانِ….……….في بَزّهْ
فالعيْنُ تقطُرُ مِن قتْلِ الرّضيعِ، دَماً
والفمُّ كهْفٌ لِلَحْمِ الطّفلِ ،…. في جَزَّهْ
شيْطانُ ، جزّارُ كلٌّ يستبيحُ بهِ
قتْلَ العِبادِ، شَرابَ الدّمِّ،…….مِنْ غَزّهْ !
كلٌّ يُحاسَبُ عن جُرمٍ بِمَجزَرَةٍ
ماذا فعلتُمْ بأهلِ الحَقِّ ……..والعِزّهْ؟
قتْلٌ وحَرْقٌ وتَجويعٌ ومجزَرَةٌ
حربُ الإبادةِ يا غيلانُ ………..في غزّهْ!
ألكلُّ شرَّعَ للصّهيونِي قتْلَتَهُم
مِنْهُ السِّلاحَ يدُكُّ الأرضَ …….في هَزّهْ
كيفَ اجترأتُمْ؟شعوبُ الأرضِ تمقُتُكم
فالأرضُ أرضُهُ يا غيلانُ ………في غزّهْ
(قسّامُ)يدفعُ عن أرضٍ، لُصوصَ لها
هلْ هذَا إرهابُ ،يا جزّارُ ،…….قد فزَّ؟
في أيِّ ملّةِ أوْ دينٍ ، نُصنِّفُكم؟
لا دينَ يُنبِئُ جزّارينَ ، ………….لا عِزّهْ
كلٌّ لُصوصٌ ، يريدُ الغازَ ثروتَهمْ
شعبٌ يُبادُ لذاكَ الغازِ ………..في غزّهْ
أللهُ يُجزي ، يمَنْ ،لبنانُ يضرِبُكُم
أهلُ العِراقِ مَعَ القسّامِ عن ضِفَّهْ وعنْ غزّهْ
(غزّا )(وضِفّةُ) معْهَا اللهُ فارتَقِبوا
زِلزالَ ربٍّ يهُزُّ عِروشَكُم …………..هزّا !
يعتبر الشعر سلاح الحالمين،يكتبون القصائد لتبقى خالدة بعد ان تفنى بقية الاسلحة فللكلمة وقعها على الانسان وطالما صنعت الكلمات زادا من القوة ليتحدى الانسان واقعه ويحوّل ضعفه قوة، الشعر مساحة للخلق،لصناعة الأمل،وتحدي الألم..والشعر زاد المبدعين ليحلموا ويعبروا عن ثوراتهم الداخلية وبالشعرتقول الشاعرة الفلسطينية أ-عزيزة بشير "لا شيء يضعفني" لانني أستحق الحياة..
محمد المحسن
*نبذة مقتضبة عن الشاعرة :
عزيزة يونس بشير
مولودة في حيفا 1948 وبلدها الأصلي جنين/ اليامون.
أردنية الجنسية.
-الشهادات الجامعية :
*ليسانس آداب.قسم اللغة العربية 1974
*دراسات عليا دبلوم تربية / الأنروا-بيروت 1977
-المؤلفات-على سبيل الذكر لا الحصر :
1-الشعر ومسيرة التعليم سنة 1990
2-النحو في ظلال القرآن الكريم.سنة 1997
3-اللام في الميزان سنة 2007
4-الواو في كل واد ووهاد سنة 2007
5-تذليل عقبات مثيرة في لغة قرآننا الأخيرة.سنة 2013
6-أحاجي والغاز سنة 2013.
-وفي رصيدها أيضا عدد من الدواوين الشعرية.

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق