نحن من إخترع الهزيمة***
...................................
في فجوةٍ بين الزمنين،
وُلدَ عملاقان من رحم الصمت...
الأوّل...
يحمل في راحتيه غصن زيتونٍ يشتعل،
وفي عينيه، حنينُ أنبياء لم يُصدّقهم أحد.
والثاني...
مضرجٌ بندب النجوم،
يزأر من فمه رماد،
ويضحك كأنّ العالم لعبةٌ من صلصال.
على قمة جبلٍ لا يظهر في الخرائط،
يتعانقان كعدوّين يعرفان بعضهما أكثر مما يعرفان نفسيهما،
كأنّ أحدهما ظلّ الآخر...
أو أن أحدهما مرآةٌ مشروخة للآخر.
الأول يقول:
"من صمتي وُلدت الطفولة، ومن عرقي نمت الحقول."
الثاني يردّ:
"أنا الكابوس الذي يُنجب الصحو، والسوط الذي يُهذّب الظهر!"
وحين يهدران،
تتشقق القارات تحت أقدامهما،
وتنحني الأبجدية خائفة،
كأن الحروف لا تملك ما يكفي من النقاء أو الفجور لتكتب هذا النزال.
الغيم،
كان مرعوبًا.
الريح،
كانت تتلعثم.
والنهر،
ارتجف في مجراه،
لا يعرف في أيّ الجبهتين سيصبّ ماءه.
لكن فجأة...
سقط أحد العملاقين،
ليس لأنّ الآخر انتصر،
بل لأنّ الإنسان،
الذي كان ضئيلًا كنسمة بين قبضتيهما،
قرر أن يختار.
( محمد الحسيني )

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق