مرايا..متشظية
أنا الآن في خريف العمر،وكنت ومازلت رجل الخسارات الكبرى،أما أرباحي فسقط متاع..طوال حياتي،تعلمت أن أسير كاليتيم حافيا على ثلج الدروب،دون طلب شفقة من أحد..الحياة لن تعطيك أكثر مما تملك،وهي لا تتوقف حزنا عليك وتأثرا لحالك حين تنال منك المواجع في نخاع العظم،أو يعضك الدهر بنابه الأزرق المتوحش..
كل الخراب الذي يستوطنك،قسر الإرادة-ويلتف بضلوعك دون اكتراث،لن يرممه أحد سوى صبرك وثباتك ثبوت الرواسي أمام الليالي العاصفات..
هي ذي،حقائق مؤلمة وموجعة بل قد تراها عارية وسافرة،لكنها تنطوي على تجارب عميقة في الحياة..وقد علمتني التجارب،أكثر مما علمتني المواعظ..
واصل دربك عبر محطات الحياة،إلى أن يتوقف قطار العمر دون سابق إعلام..في تلك اللحظة الفاصلة بين البقاء والرحيل،وبين الخلود والإندثار،ينسدل الستار على مسرحية لطالما كنت فيها الممثل والمخرج والجمهور..وتكتشف عبثية الزمن،وتقلبات الدهر اللئيم..وتدرك،بأنك لن تسترد من مهجة العمر..ما بعثرته الثنايا..!
وأختم بقصيدة منبجسة من ضلوع الوجع..ولكم سديد النظر:
ترى..هل أستردّ من مهجة العمـــر.. ما بعثرته الثنايا..؟!
"أبدا لن يموت شيء منّي،وسأظلّ ممجّدا على الأرض،ما ظلّ يتنفّس فيها شاعر واحد" -إلكسندر بوشكين-
غريب هنا..أرتّب غربتي
وأرنو إلى قمر غائم
يتوارى خلف صهيل الكلام..
أراني ممعن في الرؤى..
غير أنّ المدى
سوف يمضي
بمن خان عهدي
خضّب جرحي
شرّد الطيرَ عن عش عشقي
ولوّن بالغدر..هديلَ الحمام
هنا سأظلّ..أؤثّث بالحبّ
منفى الثنايا
وألج بالعطر..
جنون المرايا
وأسقي جنوني..
رحيق المدام
سأظلّ هنا..في خمائل وجدي
أضيء الأماني..
ظ بجمر العشايا
وأعبر على صهوة الجرح
تخومَ الصبايا
لأنحتَ فوق جدار السّديم..
تواريخ مجدي
وأنبجس كالنّور..
من طبقات الظــــــلام..
علّ حنيني الذي مارس كل وهم
يحمل عنّي..
وزرَ الأمانة
حين أنام
***
دعوني هنا..
أقلّب وجهَ المرايا
ألتحف أغطيةَ الضّوء
وأستضيء..
بما خلّفته الوصايا
علّني أستردّ..من مهجة العمـــر
ما بعثرته الثنايا
وأرسم على مسلك الجرح..
جدولا للغرام
دعوني..
فقد خرّب الدّهر شعري
وهدّني الحزن
هدّني الوقت..
والإنتظار
ونما بأصل الرّوح وجعي
ثملت روحي..
وثمل المدام..
محمد المحسن

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق